«الحجم واللون والطعم وسرعة التعفن» أربع مميزات لخصها خبراء النبات لتكون أهم التغيرات التى تطرأ على الخضروات بعد ريها بمياه الصرف الصحى، على الجانب الآخر حلل الخبراء المواد المعدنية التى تغذى النباتات وما بها من سمية، والتى تزيد 24 ضعفاً على الحد المسموح به للتربة الزراعية، خاصة أن أخطرها الرصاص والزئبق، حيث يسببان التخلف العقلى للأطفال وفقدان حاستى السمع والبصر وصولا إلى السرطانات بأنواعها، مؤكدين أن مجرد غسل تلك الخضروات لا يحمى من الإصابة بالمرض، خاصة أنه لابد من غسلها ب«برمنجنات البوتاسيوم»، لكنها فى النهاية خضروات سريعة التعفن تنمو بداخلها الديدان انقسمت بشكل غير طبيعى وتغيرت خواصها الوراثية. وقال الدكتور محمد الوكيل، أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة المنصورة، مستشار الاتحاد الأفريقى للصحة النباتية، إن رى الخضروات والفاكهة بمياه الصرف الصحى ينتج عنه نوعان من التحولات «بيكتريولوجية، وبيولوجية» حيث إن الصرف يحتوى على نسبة كبيرة من بكتيريا القاولون التى يطلق عليها «إيكولاى» الموجودة فى براز الإنسان والتى تسبب أمراضاً خطيرة تظهر أعراضها بشكل مباشر، حيث يظهر فيها النيتروجين بنسب عالية تجعل النبات ينمو بشكل غير طبيعى حجماً وطعماً، بالإضافة إلى أن تلك المياه تصل مباشرة إلى سطح النبات بكل ما فيها من تلوث، ولا يمكن التخلص منها إلا عن طريق غسلها ب«برمنجنات البوتاسيوم» لقتل البكتيريا ولكنها لا تقضى عليها. وأضاف أن هناك 5 معادن أساسية تتواجد بشكل مركز فى مياه الصرف الصحى وهى «الكادميوم والزئبق والرصاص والزرنيخ والألومنيوم»، وهى مواد سامة يمتصها النبات بفعل عملية الرى. وعن تأثيرها على صحة الإنسان قال «داخل جسم الإنسان نسب محددة من تلك المواد، ولكن فى حالة تناول الخضروات التى اختلطت بها تتراكم نسب جديدة منها داخل الأنسجة الرخوة للجسم، بمرور الوقت ترتفع نسبة سمية تلك المواد، وتبدأ تظهر الأعراض المرضية على رأسها الفشل الكبدى والكلوى، والسرطانات وضعف الإبصار المؤدى إلى العمى». وقال الدكتور حسين سيد طه، أستاذ التكنولوجيا الحيوية النباتية بالمركز القومى للبحوث، إنه فى حالة تشريح النباتات التى تم ريها بمياه الصرف الصحى الخام، نجد أن هناك العديد من الانقسامات العشوائية الوراثية وتعدل الهندسة الوراثية نتيجة زيادة جرعات العناصر المعدنية السامة، خاصة الزئبق والرصاص، لذا تظهر بشكل وحجم غير طبيعى، ويمكن تمييزها عن غيرها من النباتات بسهولة، إما من خلال حجمها أو تغير لونها بشكل ملحوظ. وأشار طه إلى سرعة تعفن تلك النباتات لسرعة تحللها والتى تنتج عنها ديدان قد لا يراها البعض لأنها تتكاثر داخل الثمرة نفسها فى وقت قليل، مشيرا إلى أن أول الأعراض التى تظهر على الإنسان الذى تناول جرعات من النباتات بعد ريها بالصرف الصحى يتمثل فى مشاكل الجهاز الهضمى وحدوث تسمم فى الدم. وأكدت الدكتورة وفاء محروس عامر، أستاذ النباتات بكلية العلوم جامعة القاهرة، أن هناك نقطة لم يلتفت إليها البعض فى تحليلهم لمشكلة النباتات وهى أن ما يصل للنبات ليس فقط الصرف الصحى الخام، وإنما يختلط بالمبيدات التى يرشها المزارعون للتخلص من الديدان المتراكمة على النبات، أى أن هناك عدة تفاعلات تتم لمياه الري قبل وصولها إلى النبات، حيث يتم تفاعل المواد السامة الموجودة بالصرف مع المبيدات تنتج عنها مواد جديدة قد لا نتعرف عليها الآن، لأنها جديدة وذات تأثير أكثر ضررا. وأضافت «من رحمة ربنا أن تأثر النباتات بالرى يتركز فى القشرة الخارجية للنبات، التى فى الغالب يتم تقشيرها مثل البرتقال والموز، ولكن فيما عدا ذلك لا تجد الميكروبات سطحا تنمو عليه للنباتات غير القشرية فتنمو على الثمرة نفسها مثل الخس والسبانخ والملوخية والجرجير والطماطم، أى أن الخضروات بشتى أنواعها، تحصل على 24 ضعف ما تريده من المواد السامة كالرصاص والزئبق، الأمر الذى يدمر العديد من أجهزة الجسم، بداية من الجهاز الهضمى وصولا إلى السرطانات بأنواعها والشلل الرعاش. و أشارت إلى أن النسب اللازم تواجدها فى التربة من المواد المعدنية لا تتعدى وحدة الميكروجرام، على سبيل المثال التربة الزراعية تحتاج 200 ميكروجرام من الرصاص، و10 ميكروجرامات من الزئبق، و5 ميكروجرامات من الكادميوم، و10 ميكروجرامات من الزرنيخ، أما الألومنيوم فيمكن أن تكون نسبه أكبر لأن ضرره أقل، ومن تلك النسب نرى أن ما تتعرض له التربة فى حالة ريها بالصرف الصحى الخام يعنى إضافة 24 ضعفاً من كل تلك النسب، وبالتالى فالأضرار تكون أكبر من توقعنا.