بين الحقائق والشائعات

انتشرت فى الآونة الأخيرة موجة عارمة من الشائعات فى مواجهة الكنيسة القبطية. ورغم لا معقولية ما جاء بأغلب هذه الشائعات ومخالفته للمنطق وتضاربه فى كثير من الأحيان، فإن البلبلة التى تحدث الآن ربما لم يحدث مثلها منذ عقود كثيرة مضت.
وقد تناولت بعض هذه الشائعات أنشطة الكنيسة نتيجة اختلافات عديدة فى وجهات النظر. فبالرغم من أنه قد تمت معاقبة بعض الأفراد من داخل الكنيسة بالطريقة المعتادة، فإنه قد لجأ أقارب وأصدقاء لهؤلاء الأشخاص إلى إثارة الكثير من القلاقل والشائعات، وبالطبع كان للمجلس الإكليريكى الذى يحقق فى مثل هذه الموضوعات نصيب غير ضئيل من كم ونوع هذه الشائعات.
كما تناولت هذه الشائعات أيضاً طموحات بعض الناس ليكون أى منهم البطريرك القادم حتى ولو كانوا يرشحون بعضهم البعض على سبيل المجاملة. وتناول البعض الآخر من هذه الشائعات عمل المجمع المقدس متسائلين: كيف ينعقد مجمع مقدس من خمسة عشر عضواً فقط بينما لا يكتمل المجمع إلا بحضور أكثر من مائة عضو آخر لم تتم دعوتهم؟!
كذلك تناولت بعض هذه الشائعات المجلس الملى العام وألصقت به الكثير من الافتراءات التى لم تحدث فى محاولة يائسة لشرخ هذا الصف المتين وأن يلصق به ما ليس فيه، محاولين صدع العلاقة بين قداسة البابا (رئيس المجلس) وبقية أعضاء المجلس من كهنة وعلمانيين.
لكن أخبث وأخطر هذه الشائعات على الإطلاق ما ادعى به بعض الناس من أن هناك نبوءة تحدد عمر قداسة البابا حفظه الله وأدام حياته لنا ثم بنوا على هذه الشائعة الفجة قصوراً من أوهامهم وأحلامهم بشكل تم فيه خلط الواقع بالخيال، وما يحدث بالأوهام، والمعقول وباللامعقول، والذى قد يحدث بالذى يستحيل حدوثه على الإطلاق، فى تشكيلة بالغة السخف تتصيد كل من يحاولون توضيح الحقائق.
والذى نعلمه جميعاً أن أبانا المحبوب قداسة البابا موجود أمام أعيننا ونراه كل يوم بل أحياناً على مدى عدة ساعات من اليوم، وأنه يتحمل عبء برنامج مكثف من الأنشطة، منها الرعاية والتعليم والعقيدة والبرامج الروحية والتأليف، ويشهد بذلك جميع المتعاملين معه والقريبين منه، حيث يواصل قداسته العمل المضنى والشاق، بينما يتعب جميع معاونيه أو متابعيه حتى من الشباب الأصغر سناً بكثير.
إننا نعلم جيداً أن العصر الذهبى اللامع الذى تشهده الكنيسة الآن لم يتكرر كثيراً على مدى عمر الكنيسة الممتد لأكثر من ألفى عام، ومن يعرف ويدرك هذه الحقيقة يتأكد تماماً أن جيلنا جيل محظوظ ولكن!!!
لقد بلغ الأمر بإحدى المجلات التى تشارك فى هذه الحملة من الشائعات أن نشرت موضوعاً صحفياً مشوهاً بعنوان «البابا يخالف قوانين الكنيسة»، ورغم أن هذا المعنى بالتحديد لم يرد ضمن أقوال أى من الذين جاءت آراؤهم بالموضوع فإنه على أى حال كان عنواناً له ليعطى انطباعاً بأن جميع المتحدثين ومن نشرت صورهم يقولون ذلك،
بينما فى الواقع لم يكن هذا صحيحاً على الإطلاق، حيث ناقضت المجلة نفسها، إذ جاء فى المقال نفسه لأحد المتحدثين قوله «إن قداسة البابا هو رأس الكنيسة وإن من حقه أن يتخذ ما يراه من قرارات بشأن الكهنة التابعين للكنيسة». أما فيما يردده البعض عن تعنت وقسوة لجنة المحاكمات الكنسية فقد أهملوا أن يكتبوا الرد الذى قيل لهم على لسان المتحدث نفسه بأنهم إذا كانت لديهم أى شكوك فى تعسف هذه اللجنة أو تعنتها فإنهم يستطيعون التظلم لقداسة البابا الذى من سلطته تكليف لجنة أخرى أو أشخاص آخرين بالتحقيق.
وبهذا نرى أن تلك المجلة لم تكتف فقط بنشر كلام مغلوط ومملوء كذباً وافتراءً على لسان بعض المعروفين بمقاومتهم للكنيسة، بل ذهبت أيضاً إلى نشر كلام معكوس وإخفاء كلام آخر جاء على لسان بعض أشخاص الكنيسة المعروفين، زيادة من المجلة والمقاومين للكنيسة فى محاولة بلبلة الرأى القبطى وتشويه صورة الكنيسة الواحدة.
إننا هنا نود أن نحذر الجميع من خطورة الاستماع إلى الشائعات أو ترديدها أو تصديقها، لأنها سوف تثبت فى نفوس القراء والسامعين الانطباعات الخاطئة التى يريدون بها شق صفوف الكنيسة ومحاربتها من الداخل.
وختاماً، فنحن ندعو الله دوماً أن يحافظ على الكنيسة قوية ومتماسكة، وأن يحافظ على رأس الكنيسة قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث ويطيل عمره.