الزمالك بين المطرقة والسندان: قضايا بالجملة وتهديد بملايين الدولارات    الأرصاد تكشف خريطة سقوط الأمطار وموعدها وتّحذر من برودة الطقس    عاجل تحديد موعد جنازة الفنان إسماعيل الليثي ومكان تشييع الجثمان    مهرجان القاهرة يحتفي بالنجم خالد النبوي بعرض فيلمي "المهاجر" و"المواطن"    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    رئيس الوزراء يتابع جهود تسوية المديونيات وتحسين أوضاع المؤسسات الصحفية القومية    تبرع ثم استرداد.. القصة الكاملة وراء أموال هشام نصر في الزمالك    رئيس الوزراء يتابع مستجدات تطبيق وتنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة    وزير الخارجية يبحث ترتيبات عقد المؤتمر الوزاري الروسي – الأفريقي بالقاهرة    ضبط لحوم دواجن في حملة تموينية بشبرا الخيمة    مقتل 31 نزيلًا فى سجن بالإكوادور    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات الرئاسة 2020    نقيب موسيقيي المنيا يكشف اللحظات الأخيرة من حياة المطرب الراحل إسماعيل الليثي    كندة علوش تدعم عمرو يوسف في العرض الخاص لفيلم السلم والثعبان 2    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    محافظ بني سويف: إقبال السيدات مؤشر إيجابي يعكس وعيهن بأهمية المشاركة    معامل الإسماعيلية تحصد المركز السادس على مستوى الجمهورية بمسابقة الأمان المعملي    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    أشرف العشماوي يستعرض مقترحات لاستثمار افتتاح المتحف الكبير في استرداد الآثار المهربة    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الإعلامى د. وليم ويصا يفتح النار على الجميع: الدولة لا تستطيع حماية الأقباط فى وطنهم

فى يناير 2008 أجريت حواراً مع الكاتب الصحفى والخبير الإعلامى المقيم فى باريس، الدكتور وليم ويصا باعتباره ناشطاً قبطياً، وكان الحوار ساخناً لدرجة أننا نسينا برودة الشتاء وكان حول القضية القبطية.
«ويصا» الذى كان فى زيارة إلى القاهرة التقيته فى «المصرى اليوم» لمدة نصف ساعة أجريت معه خلالها هذا الحوار الذى تزامن مع تسارع الأحداث داخلياً وخارجياً. الدكتور وليم ويصا تولى عدداً من المناصب الإعلامية المهمة فى أجهزة إعلام فرنسية وأوروبية، حيث تولى رئاسة تحرير القسم العربى بإذاعة فرنسا الدولية، وأنشأ القسم العربى فى التليفزيون الأوروبى وتولى رئاسة تحريره.
كما تولى منصب الأمين العام لجمعية الصحافة الأجنبية فى فرنسا لفترتين متواليتين بالانتخاب، وهو حاصل على درجة الدكتوراه فى الإعلام والاتصال من جامعة السوربون.
وفى هذا الحوار طرحنا عليه عدداً من الأسئلة التى تتناول بعض الأوضاع السياسية وقضايا تتعلق بالشأن القبطى والعلاقة بين الدولة ونشطاء الأقباط فى الخارج، يرد عليها هو بصراحة دون دبلوماسية.
كان سؤالى الأول حول الاجتياح الإسرائيلى لغزة وهو الحدث الأبرز مع نهاية عام وبداية عام جديد، سألته عن رأيه فى التغطية الإعلامية المصرية والغربية بصفته خبيرًا إعلاميًا دوليًا؟
- التغطية الإعلامية داخل مصر كانت بمثابة كارثة، خاصة لدى ما يسمى الإعلام القومى، حيث فشل فى عملية التغطية الإخبارية كالعادة، بل فشل فى مهمته المعتادة الموكولة له من قبل السلطة وهى تسويق الموقف المصرى، ولم يكن قادراً على احتلال الساحة الإعلامية. وربما يعود ذلك إلى أنه ينتظر دائماً التعليمات فيما يتعلق بنشر الأخبار أو التعليق عليها.
 وكان موقفه واهياً هلامياً غير واضح المعالم، متخبطًا وخائفاً من تحميل حماس مسؤولية انفجار الأزمة الأخيرة، رغم قيام الرئيس الفلسطينى بشكل واضح بتحميل حماس مسؤولية انطلاق الأزمة فى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى القاهرة. ويعود ذلك أساساً إلى تخبط السلطة وخوفها فى مواجهة ضغوط الشارع الإسلامى، الذى تحرك فى هذه الأزمة وكان أكثر ضوضاء من غيره. هذا فضلاً عن أنه لم يعرف تسليط الضوء على أجندة حماس بوصفها أجندة تقاوم لصالح أجندة إيرانية - سورية، وليس لصالح التسوية التى تريدها السلطة الفلسطينية.
والمعروف لدى الكثيرين أنه عندما احتلت إسرائيل الأراضى الفلسطينية بعد نكسة 1967 لم تكن حماس موجودة، وقد شجعت إسرائيل قيامها حتى تكون شوكة فى ظهر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية، وفى ظهر الحل والتسوية، ولهذا عارضت كل التسويات والاتفاقيات التى توصلت لها السلطة الفلسطينية وأعطت إسرائيل ذريعة للتنصل من كل الاتفاقات بهدف القضاء على الحلم الفلسطينى فى قيام دولة.
 هناك إذا تحالف موضوعى على أرض الواقع بين حماس وإسرائيل ليس فقط فى تأخير قيام الدولة الفلسطينية بل ربما القضاء على هذا الحلم نهائياً.
■ كان هناك لغط كبير واتهامات لمصر فى قضية فتح المعابر؟
- إغلاق المعابر فى اتجاه مصر أثناء الحصار والغزو الإسرائيلى لغزة كان لصالح القضية الفلسطينية، لأنه لو فتحت المعابر لتم تصدير مشكلة غزة بأكملها إلى مصر، وهروب مليون ونصف مليون فلسطينى إلى سيناء تحت هذا القصف البشع والمروع كما حدث فى عام 1948، ولتحولت سيناء إلى معسكرات للاجئين كما هو الحال فى لبنان وسوريا منذ ستين عاماً، وتكون إسرائيل بذلك قد ضمت أراضى جديدة إلى مساحتها.
■ ولكن البعض يقول إن حماس وصلت إلى السلطة بطريق ديمقراطى عبر الانتخابات؟
- كشفت التجارب أن الديمقراطية ليست مجرد وضع ورقة فى صندوق الانتخابات، لكنها وعى سياسى وثقافة سياسية ومؤسسات ديمقراطية تعمل. والتنظيمات السياسية ذات الطابع الدينى عادة ما تزايد على الآخرين باستخدام ورقة الدين. وهى عندما تصل للسلطة لا تتركها، وتتعامل معها على أنها غنيمة من الغنائم وترفض عملية التبديل السياسى، أى أنها لا تحترم الديمقراطية التى أوصلتها إلى الحكم، وهى تحتفظ بميليشياتها المسلحة التى لا تندمج فى المؤسسات القائمة، كما حدث مع حماس ويحدث مع حزب الله. وفى أول خلاف سياسى توجه سلاحها إلى شركائها فى العملية السياسية.
 وفى لبنان ومع أول بادرة خلاف سياسى استخدم حزب الله سلاحه ضد شركائه فى العملية السياسية كما حدث فى بيروت، وكذلك حماس التى فتحت النار ضد المدنيين الفلسطينيين الذين تظاهروا ضدها فى غزة من تنظيمات أخرى. ورغم هذا الثمن الباهظ لا يمكن العدول عن الديمقراطية حتى لو تم اختزالها فى وضع ورقة فى صندوق الانتخابات تحت تأثير المزايدات الدينية، لأن الديمقراطية تصحح نفسها، ولو تمت اليوم انتخابات ديمقراطية نزيهة فى الأراضى الفلسطينية، سوف تسقط حماس سقوطا ذريعا بعد هذه الممارسات.
وقد رأينا على شاشات التليفزيون الفرنسى فلسطينيين من غزة ينتقدون حماس انتقاداً مريراً بعد كل هذا الخراب والدمار الذى لحق بغزة دون فائدة سياسية على أرض الواقع.
■ ما رأيك فى الطريقة التى عبر بها الإعلامى العراقى منتظر الزيدى عن رأيه تجاه الرئيس بوش، وحالة التهليل العربى باعتبار أن ذلك انتصار؟
- أنا لا أعتبر الزيدى صحفياً، لأن الصحفى لا يعبر عن رأيه فى مؤتمر صحفى، ولكنه يسعى فقط للحصول على الأخبار والمعلومات، وقد اعتدنا أن يعبر الصحفيون عن آرائهم فى مقالات صحفية بالأقلام وليس بالأحذية، هذا فضلاً عن أنه هو نفسه قد اعتبر ذلك خطأ فى رسالة وجهها للرئيس العراقى يطلب فيها الصفح عن فعلته.
 أما حالة التهليل الإعلامى والزفة التى أعقبت ذلك فهى حالة من حالات التنفيس عن العجز الذى يشعر به الكثيرون فى مواجهة الأوضاع السياسية السائدة.
■ لم تشارك فى مؤتمر بعض المنظمات القبطية فى أوروبا والذى عقد مؤخراً فى باريس رغم إقامتك بها؟
- استهدف هذا المؤتمر فيما يبدو توحيد جمعيات قبطية فى أوروبا، وأنا لا أشارك فى أى مؤتمرات تأسيسية للعمل القبطى فى الخارج، لأننى أفضل الاحتفاظ بهويتى كصحفى، وأنا عضو فى هيئتين فقط هما نقابة الصحفيين المصرية ونقابة الصحفيين الفرنسية، ولهذا أفضل الحفاظ على استقلالى. ولكن ذلك لا يمنعنى من المشاركة فى أى مؤتمر يقيمه الأقباط أو غيرهم فى الخارج أو الداخل يطرح قضايا الأقباط وقضايا الوطن إذا ما رأيت أن هناك فائدة من وراء ذلك. وقد شاركت فى مؤتمرات - مثل زيوريخ وشيكاغو - طرحت قضايا الأقباط، وشاركت فى القاهرة فى مؤتمر «مصريون ضد التمييز الدينى» الذى تناول التمييز الدينى فى مصر.
■ ما رأيك لحال المنظمات القبطية فى الخارج وانعكاسات ذلك على الداخل؟
- العمل السياسى للأقباط فى الداخل والخارج مطلوب. وهو مطلوب ليس للأقباط فقط ولكن لكل المصريين من أجل المطالبة بحقوقهم والحصول عليها. والعمل القبطى خارج مصر يغلب عليه الانقسام الشديد وهو على انقسامه يشكل صداعاً للدولة تحاول التخلص منه بطرق ملتوية عن طريق محاولات الاحتواء، وليس عن طريق الحوار الجاد والتشخيص السليم للمشاكل وتقديم الحلول لها، ولو اتحدت المنظمات القبطية فى الخارج سوف تكون أكثر فاعلية فى عملها السياسى.
■ ألا تعتقد أن هذه المحاولات من قبل الدولة، التى تراها ملتوية، تعكس وجود إرادة سياسية لحل مشاكل الأقباط على نار هادئة؟
- مشكلة الأقباط الأولى فى مصر تكمن فى أنه لا توجد إرادة سياسية واضحة ومعلنة من قبل السلطات للتعامل مع هذه المشاكل بجدية، والسعى لحلها فعلا. وما أراه هو أن الدولة تكثر من الاتصالات غير العلنية مع الأقباط منذ سنوات عديدة وتقدم وعودا غير علنية مزمنة لدراسة مشاكلهم وحلها ولكن دون نتيجة.
 وهى لا تعلن عن هذه المحاولات، لأنها خائفة من الشارع الإسلامى، وتقوم فقط بعملية تسكين. ولم يعد الأمر يحتمل التسكين أو حل المشاكل على نار هادئة لأنها أصبحت ساخنة إلى حد لم يعد من المجدى معه الانتظار حيث أصبحت هذه المشاكل تنفجر من أسبوع لآخر فى مناطق عديدة.
وأعتقد بصدق أنه يجب فض الاشتباك بين الدولة ونشطاء الأقباط فى الخارج مثلما تم فض الاشتباك بين الدولة والجماعات الإسلامية، مع الفارق فى التشبيه، لأن الأقباط لم يرفعوا السلاح ضد الدولة ولم يدخلوا فى حرب مسلحة معها.
إن الدولة يجب أن تتصرف كأم حنون ترعى كل أبنائها وتقبل الدخول فى حوار معهم، وأن تمد يدها للعقلاء منهم فى الخارج وهم الأغلبية الساحقة، وأن تستمع إليهم بجدية وعلانية وليس وراء الأبواب المغلقة، وأن تستفيد من خبراتهم الحياتية حتى يكونوا ذخرا لها وليس عبئاً عليها.
وعندما تعترف الدولة علانية أن هناك مشاكل للأقباط، وعندما تتدخل بجدية فى مواجهة الاعتداءات المتكررة، وعندما يصدر القضاء أحكامًا رادعة ضد المعتدين يمكننى وقتها أن أقول إن هناك إرادة سياسية حقيقية لحل مشاكل الأقباط.. وأكرر أن هذا الملف هو أخطر ملف تواجهه السلطات الآن فى مصر ولا أريد أن أعتقد أن زمام الأمور قد أفلت من يدها.
■ ما تعليقك على حالة التعايش بين المسلمين والمسيحيين حالياً على الأقل فى عام 2008 باعتبارك ترى الأمر من الخارج؟
- لقد شهدت الشهور الماضية توالى الاعتداءات ضد الأقباط، وآخرها كان فى عين شمس. وبدأنا نرى ظاهرة خطيرة، إذ فى كل مرة ينمو فيها إلى علم البعض أن الأقباط يعتزمون الصلاة فى قاعة أو عندما يجرى تجديد كنيسة جديدة، يهرول جيرانهم إلى محاولة منعهم من الصلاة.
وفى كثير من الأحوال يكون ذلك بعد صلاة الجمعة وبتحريض من الإمام. والأمر المذهل أن هذه الجماهير وهى تقوم بهذا العمل، كما حدث فى عين شمس ومن قبلها فى «بنى والمس» ومناطق أخرى، ترفع شعارات دينية مثل «الله أكبر» كما لو كانت فى موقعة حربية مع عدو.
وفى الكثير من المناطق الريفية، عندما تحدث مشكلة بين قبطى ومسلم يبادر جيرانهما إلى مهاجمة كل الأقباط فى القرية كما حدث فى قرية النزلة بالفيوم فى شهر يونيو الماضى عندما جرت شائعة بعد اختفاء مسيحية أشهرت إسلامها، وتم إحراق وتدمير عدد من ممتلكات المسيحيين بالقرية والذين لا علاقة لهم بالحادث.
وفى إسنا بعد ما أشيع عن قيام صاحب محل لبيع الهواتف بالتحقق من هوية سيدة اتهمها بسرقة هاتف قام المسلمون فى المنطقة بتدمير العديد من ممتلكات العديد من المسيحيين هناك.
والأمر الأكثر غرابة هو أننا لم نر أى إدانة واضحة من المؤسسات الدينية فى مصر أو من الجهات الرسمية أو من أجهزة الإعلام لهذه الظاهرة، أو من المفكرين والمثقفين الذين تخاذل معظمهم أمام هذا التيار حتى أصبحت حرية ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين منقوصة فى بلادنا.
 وأضف إلى كل ذلك أن الدولة أصبحت غير قادرة على حماية الأقباط فى وطنهم، وأخشى من يوم يضطر فيه البعض منهم فى مواجهة هذا العجز إلى الدفاع عن نفسه.
■ ولكن ألا ترى أن مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة سوف يحل الكثير من هذه المشاكل؟
- إن هذا القانون يجرى الحديث عنه منذ ثلاث سنوات وهو لا يزال قابعاً فى الأدراج، وهو على حالته مجرد إشاعة تم إطلاقها وإعدادها للتسكين. ثم لماذا تتردد الدولة منذ أكثر من ثلاث سنوات فى إصداره؟ بل لماذا تصر الدولة على مواصلة العمل بالخط الهمايونى وهو القانون الأجنبى الوحيد المطبق فى مصر؟ لماذا أصلى أنا بترخيص من رئيس الجمهورية ويصلى شقيقى المسلم بدون ترخيص؟ أليس ذلك نوعا من التمييز بين مواطنيها؟ أليس ذلك نوعا من الطائفية تمارسه الدولة؟ هذا قليل جدا من كثير جدا من الانحياز الذى تمارسه مؤسسات الدولة ضد فئة من فئات الشعب.
■ هل مؤسسات الدولة منحازة؟
- نعم. ولننظر إلى مجلس الشعب من الاعتداءات ضد الأقباط؟ ستجد غياباً مذهلاً. إنه لم يقم بعمل لجنة استقصاء واحدة منذ تقرير الدكتور جمال العطيفى وكيل المجلس حول أى اعتداء وقع على الأقباط منذ 1972؟ ولعلك شاهدت مثل الملايين عضو مجلس الشعب عن المطرية وعين شمس، الذى قال فى برنامج 90 دقيقة إنه فوجئ بأن الأقباط يصلون؟
هل يمثل هذا العضو جميع المصريين فى دائرته؟ إنه ينحاز لصالح الذين هاجموا المسيحيين الذين أرادوا الصلاة باعتراف علنى منه؟ كنت أتوقع من نائب يحمل شرف التمثيل الشعبى فى البرلمان أن يدافع أيضاً عن حق أشقائه المسيحيين فى المنطقة التى يمثلها فى الصلاة ولو دون ترخيص، ولكنه لم يفعل. لقد أصبح كثير من المؤسسات فى الدولة يتحيز لصالح الطرف المسلم فى أى نزاع بين قبطى مسيحى وقبطى مسلم.
والغريب أنه فى كل مرة تتم فيها اعتداءات على الأقباط تعقد فيها جلسات بدوية تحت مسمى الجلسات العرفية يجرى فيها فى كل مرة مطالبة الأقباط بالتنازل عن شكواهم، وبذلك يهرب الجناة دائماً من العقاب، كما حدث فى جميع الاعتداءات وهو ما يمثل استقالة رهيبة من العدالة فى وطننا تجاه قطاع عريض من مواطنيها. ثم هل رأيت قضية واحدة رفعت لصالح ازدراء الدين المسيحى؟ وألا ترى أن هذا القانون يطبق فقط فى اتجاه واحد؟
■ ألا يعد ذلك كلامًا طائفياً؟
- الاتهام بالطائفية لا يوجه سوى للأقباط فقط. وأتحدى أن يقدم لنا أحد دليلاً على توجيه الاتهام إلى جهات أخرى فى مصر غير الأقباط رغم امتلاء المناخ العام بالأدبيات العنصرية والطائفية.
إن هذا الاتهام يوجه للأقباط فقط لتكميم أفواههم، وحتى يكفوا عن المطالبة بحقوقهم حتى أصبحنا نرى فى مناطق كثيرة مناخًا عامًا معاديًا للأقباط فى وطنهم تتحمل مسؤوليته أجهزة الدولة التى تقف عاجزة أمام هذا الوضع.
■ ولكن ألا تعتقد أن ما تسميه بمناخ معاد للأقباط يعود إلى برنامج القمص زكريا على إحدى القنوات الفضائية؟
- دعنا نتحدث بصراحة فى هذا الموضوع، وأنا لن أناقش هنا ما يقوله القمص زكريا ولكن عن مبدأ عام. لقد اعتاد أشقاؤنا المسلمون مناقشة كل النصوص المقدسة للأديان الأخرى دون أن يقبلوا قيام الآخرين بممارسة نفس هذا الحق فيما يتعلق بالنصوص المقدسة الإسلامية، ولن أتوقف عند الاتهامات التى تتهم النصوص المقدسة المسيحية بالتحريف.
 ولن أتوقف عند التهكم على النصوص المقدسة المسيحية أو وصف الكتاب المقدس بأنه كتاب مكدس على لسان أحدهم. وما أراه كرد فعل على ما يقوله القمص زكريا هو مجرد شتائم، وقد رأيت الكثير من أشقائى المسلمين يطلبون فى هدوء الرد عليه ولا يستجيب لهم أحد.
ثم هل رأيت المسيحيين يهاجمون أحداً أو يقتلونه لمجرد أنه ناقش كتبهم المقدسة، أو اتهمها بالتحريف أو تهكم عليها؟ وفى النهاية ما ذنب الأقباط فى مصر فى كل ذلك؟
■ لقد قلت فى محاضرة لك أمام المؤتمر الأول ل«مصريون ضد التمييز الدينى» والذى انعقد فى القاهرة فى أبريل الماضى أن هناك تمييزًا دينيًا تمارسه أجهزة الإعلام فى مصر، ويرى البعض أن هذا الطرح غير مقبول.. ما ردك على ذلك؟
- دعنا نقرأ الواقع المرير الذى نعيشه والذى اعتدنا عليه لدرجة أنه أصبح طبيعيا فى نظر الكثيرين. هذا الواقع يشير إلى أن المسلمين والمسلمين السنة فقط يتمتعون بحق الدعوة فى أجهزة الإعلام التى يمولها المصريون جميعاً على اختلاف دياناتهم من ضرائبهم، ولا يمكن التعلل هنا بمسألة الأغلبية والأقلية لأنه ليست هناك أقلية أو أغلبية فيما يتعلق بالحقوق والواجبات التى يجب أن يتساوى فيها الجميع.
هذا فضلاً عن أن القيادات الدينية الإسلامية تشرح العقيدة الإسلامية وتفسرها فى جميع أجهزة الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، أما القيادات المسيحية مثل قداسة البابا شنودة فإنه عندما يكتب مقالاً فى جريدة فإنه يتحدث عن الفضائل فقط، ولا يمكنه أن يتحدث عن العقيدة المسيحية بشكل مباشر كما هو متاح للقيادات الإسلامية.
وعندما يتعرض الدعاة المسلمون للأديان الأخرى بالنقد والتشويه، لا يتمتع أصحاب هذه الديانات بحق الرد، هذا فضلاً عن أننى أستمع للقداس مسجلاً ولجزء منه وليس مباشراً كما الحال بالنسبة للشعائر الإسلامية، وعلى إذاعة موجهة للاجئين فى وطنى هى إذاعة فلسطين. هناك محاولات تتم ولكنها محاولات واهية.
ومع كل ذلك أقول إننى ضد تخصيص مساحات للدين فى أجهزة الإعلام العامة ما عدا إذاعة وبث الشعائر الدينية، وفى رأيى أنه يمكن إفراد مساحات للدين فى الصحافة المتخصصة فقط. إن هذا الواقع يمثل شكلا من أشكال التمييز الدينى تمارسه أجهزة الإعلام فى مصر.
■ ما رأيك فى تعامل أجهزة الإعلام مع الملف القبطى؟
- إن الصحافة غير الحكومية ومعظمها صحافة عشوائية تتعامل مع الملف القبطى بأسلوب الحملات، حملات على الكنيسة ورجال الدين المسيحيين وليس بأسلوب الطرح الجاد والهادئ، وكثير من هذه الصحف توظف الملف القبطى لزيادة توزيعها، إنها تطرحها بطريقة مثيرة لأسباب تجارية تستهدف زيادة توزيعها.
 أما الإعلام العام فإنه مثل النعامة، يخفى رأسه فى الرمال، وعندما يتحدث عنها فإنه يستخدم فى كل مرة تعبيرًا مقيتًا غير صادق وهو «الفتنة الطائفية»، أى أنه يضع المعتدى والضحية فى نفس المستوى وبذلك يؤلب الرأى العام. وفى يقينى لو أنه كان صادقا فى عرض هذه الاعتداءات، وتسميتها بأسمائها الحقيقية فإن ذلك لن يرضى كثيرًا من أشقائنا المسلمين ولقام بدور كبير فى التوعية بهذه المشاكل، بل ربما ساعد السلطة فى التحرك بشكل علنى لحلها.
■ ما رأيك فى القول إن رجال الأعمال المسيحيين يمتلكون 30 فى المائة من الثروة؟
- هذا كلام يعكس رؤية عنصرية، ولا يستند إلى أى إحصاء حقيقى، ولو كان هناك إحصاء وراء هذه المقولة فهو إحصاء عنصرى لأنه يقوم على أساس دينى. ودعنى أتساءل: هل هناك جنيه مسلم وجنيه مسيحى؟ وأقول لهؤلاء الذين يتشدقون بمثل هذا الكلام إن ما يسمونه برأس المال القبطى هو رأس مال يعمل فى مجال الخدمات التى تقدم للشعب مثل التليفونات والفنادق وفى مجال التشييد والبناء، وجاء بعد جهد وكفاح وليس من توظيف الأموال. ثم هل يريد هؤلاء تقليل هذه الخدمات وهذا التشييد والبناء حتى تتوافق مع نسبة مزعومة للأقباط فى مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.