إغلاق عيادة طبيب رفض توقيع الكشف على مُسنة تُوفيت في قنا    قانون مجلس النواب.. تعرف على أوراق الترشح و دوائر النظام الفردي للقاهرة والجيزة    تزامناً مع ترؤس "جبران" الوفد الثلاثي لمؤتمر العمل الدولي بجنيف.. 8 حيثيات تؤكد امتثال مصر للمعايير الدولية    تجديد حبس أجانب بتهمة الاتجار في الآيس بمدينة نصر    وول ستريت جورنال: اليابان تواجه خطر الركود بفعل تباطؤ الاقتصاد    مدينة إسنا تزيل 5 حالات تعدٍ خلال إجازة العيد ورفع 290 طن قمامة.. صور    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    «الوطني الفلسطيني»: اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على سفينة كسر الحصار بغزة إرهاب دولة منظم    بولندا تضع أنظمة دفاعها الجوي في حالة تأهب قصوى    الأمين العام لحلف "الناتو" يدعو إلى زيادة قدرات الحلف الدفاعية الجوية والصاروخية بنسبة 400%    محمد الشناوي: مباراة إنتر ميامى تحظى باهتمام عالمى.. وزيزو إضافة كبيرة    الكشف عن تفاصيل عقد نجم ريال مدريد    محافظ الشرقية يُشيد بمبادرة وزارة الرياضة باستقبال المواطنين بمراكز الشباب في العيد    «إيه المستوى ده؟!».. خالد الغندور ساخرًا من لاعبي الأهلي بعد لقاء باتشوكا    «السياحة الدينية بغرفة الشركات»: موسم الحج الحالي الأنجح منذ سنوات    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 بالاسم ورقم الجلوس بشمال سيناء    السيطرة على حريق هائل بزفتى.. ومنع وصول النيران لأكثر من 300 فدان «كتان»    هدايا ورحلات ترفيهية.. الداخلية تحتفل مع كبار السن بعيد الأضحى| فيديو    التضامن عودة أولي رحلات حج الجمعيات الأهلية من جدة 10 يونيو.. ومن المدينة المنورة 14 يونيو    5 صور تجمع حفيد عادل إمام بعروسته قبل الاحتفال بزفافهما    مسرح السامر كامل العدد في عرض «نويزي T.V» ضمن احتفالات عيد الأضحى    أحمد سعد يشعل الساحل الشمالي بحفل غنائي    شخص يعاني من الكسل في العبادة ودار الإفتاء تنصحه بعملين ودعاء    الصحة تفحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة "العناية بصحة الأم والجنين"    لتأجيل تصويت حل الكنيست.. حكومة نتنياهو تطرح عشرات مشاريع القوانين    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    غرق طفلة وإصابة شقيقتها ووالدتها إثر انهيار سقف ترعة في العدوة بالمنيا    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    "التعليم العالي" تعلن حصاد أداء الأنشطة الرياضية خلال العام المالي 2024 -2025    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    الصحة: فحص 3.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة "فحص المقبلين على الزواج"    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    مهرجان موازين يوضح موقفه من استخدام صورة وصوت عبد الحليم حافظ بتقنية الهولوغرام    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    عائلات أسرى إسرائيل تتظاهر للمطالبة بإعادة ذويهم وإنهاء الحرب: أعيدوهم جميعا واخرجوا من غزة    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    تراجع أسعار الذهب مع آمال التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    القناة الناقلة لمباراة كرواتيا وجمهورية التشيك في تصفيات كأس العالم أوروبا    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    فضيلة الإمام الأكبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظام تشغيل العقل المصرى

رغم تشكيك الكثير من العلماء فى إمكانية فهم كيفية عمل العقل الإنسانى عن طريق المقارنة بينه وبين النظام الرقمى الذى يتبعه الحاسب الآلى، أعتقد أن مثل هذه المقارنة قد تكون مجدية فى إطار محاولة تلخيص وتجسيد نوع الكوارث الناتجة عن نظام التعليم والخطاب العام فى مصر، والمآزق المترتبة عنهما فى الداخل وفى علاقتنا مع الخارج.
منذ عودتى للإقامة والعمل فى مصر، أتيحت لى الفرصة للتواصل عن قرب مع الطلاب الدارسين للعلوم الطبيعية- بالذات فى مجال الفيزياء- خلال المراحل الأخيرة من الشهادة الجامعية الأساسية (البكالوريوس)، وأيضا فى مرحلة الدراسات العليا.. البعض كان على مستوى جيد، لا يقل عن مستوى معظم نظرائه فى الجامعات الغربية الجيدة، فكانت معلوماته كاملة ومهاراته التحليلية عالية، ويستطيع المقارنة والربط بين الظواهر والأفكار والنظريات المختلفة التى تعلمها.
وكما يحدث فى كل مكان، كان من الضرورى أن تجد أيضا نوع الطالب الذى لا يجيد أيا من الأشياء المذكورة، لكن ما شد انتباهى فعلا هو انتشار نوع ثالث عندنا، نوع لديه كم هائل من المعلومات لكنه لم يستوعبها ولا يقيمها بطريقة نافعة، ولا حتى يتذكرها، إلا ربما (فى بعض الحالات) إذا تم سؤاله عنها بطريقة مباشرة، عن طريق تذكيره بالصورة طبق الأصل التى ظهرت بها تلك المعلومات فى المنهج الذى نجح فيه بتقدير عالٍ.
هذا النوع من الناس يشبه جهاز ال»كمبوتر» السليم من ناحية ال«هاردوير» لكنه- فى أسوأ الحالات- لم يتم تنزيل نظام تشغيل (كال«ويندوز» مثلا) عليه، فهو مجهز ب«هارد ديسك» شغال، تم شحنه بكم هائل من المعلومات التى لا يمكن استرجاعها، لأن نظام التشغيل، الذى لا يمكن إلا من خلاله فتح الملفات التى تحتوى على تلك المعلومات، ليس موجودا أو لا يعمل..
أما فى أحسن الأحوال، فإن عقل مثل هذا الطالب يشبه الكمبيوتر الذى يحتوى على نظام تشغيل منقوص، لأنه يفتقد ال«سوفت وير» الذى يمكن نظام التشغيل من ربط تلك المعلومات الجديدة بالأخرى الموجودة فعلا، وهذا هو المطلوب فى عملية إنزال (أو «تسطيب») برنامج خارجى وتشغيله.
فى هذه الظروف يصعب تطوير ذلك الكمبيوتر عن طريق استقطاب برامج جديدة، فى سبيل مشاهدة الصور المتحركة أو الاستماع للموسيقى أو لعب ال«فيديو جيمز» مثلا، ناهيك عن محاولة استخدامه لإيجاد حلول رقمية للمعادلات الرياضية المعقدة فى مجال العلوم الطبيعية مثلا..
أى أنه كمبيوتر بلا فائدة عملية فعالة، بل إنه يشكل خطرا على نفسه وعلى الكمبيوترات التى يتواصل معها عن طريق الإيميل والإنترنت، لأنه يفتقد البرمجيات المضادة للفيروسات أيضا، فلا يفرق بين البرامج المفيدة القادمة إليه والأخرى المدمرة، لأن قدراته تقتصر على تحصيل المعلومات وليس لديه قوة تحليلها أو الربط بينها أو تفنيدها ونقدها فى سبيل رفض المضر منها.
وإذا سرنا فى سبيل مقارنتنا «الحسوبية» حتى النهاية، سنجد أن هناك مشاكل إضافية تواجه التعليم المصرى. فما يعقد الأمور فعلا هو عدم وجود نظام تعليم مصرى واحد، إنما هناك فعليا عدة أنظمة، حكومية وخاصة وأجنبية، يستقر كل تلميذ فى أحد منها طبقا لمؤهلات أسرته الاجتماعية والمالية..
فى مجال الكمبيوتر، يعنى ذلك أن هناك مجموعة من الحاسبات التى تحتوى على أنظمة تشغيل مختلفة، بعضها من طراز ال«ويندوز» مثلا والآخر من أنواع مغايرة، مثل ال«الأبل ماكنتوش» أو ال«يونكس»، ومن المعروف أن فى مثل هذه الحالات يصعب الربط بين هذه الأجهزة، فى سبيل إنشاء شبكة متكاملة فعالة، تتيح التواصل المباشر بينها وتسهل تبادل المعلومات والبرمجيات الموجودة لدى عناصرها، فى سبيل الاستفادة منها فى عمل جماعى تصبح خلاله كفاءة الكل أكبر من كفاءة مجموع الأجزاء-
كما يحدث مثلا فى مجال الحسابات الرقمية «المتوازية» العملاقة، التى توزع الحمل الحسابى على مجموعة كبيرة من الحاسبات المرتبطة ببعضها.
إذا نقلنا هذا الوضع للسياق الاجتماعى، سنجد أن النتيجة ستتجسد فى مجتمع متفكك لا يجيد العمل الجماعى، بل لا تتفاهم أو تتلاقى أو تتواصل أجزاؤه المختلفة إلا بصعوبة.. وما يزيد الطين بلة هو أن ال»سيرفر» الرئيسى الحكومى المنظم للشبكة لا يتعامل مع الأنظمة المختلفة بالمثل، ولا يحاول التوسط لمد جسور التواصل بينها، لكنه يدعم بعضها ويتجاهل البعض الآخر ولا يتفاهم معه.
وال«سرفر» المركزى يريد أيضا احتكار كل تعاملات شبكته الفوضوية مع الخارج، لتكون كلها عن طريقه، ودائما ما يحاول تزويد الكمبيوترات المحلية، التى يسيطر عليها، بمعلومات وبرامج تؤكد أنها فى صراع دائم مع الشبكات الخارجية الخطيرة المتآمرة، ذلك فى سبيل التمويه عن حقيقة أن معظم الفيروسات التى تصيبها متداولة داخليا، وأن الإصابات جاءت نتيجة افتقادها لبرمجيات المناعة، التى كان يجب أن يوفرها هذا ال»سيرفر» بدلا من لوم الخارج..
وينظر هذا الخارج لتلك الشبكة الفوضوية بارتياب، لان أمراضها مضرة له أيضا، لكونه مرتبطا بها لا محالة عبر ال«نت»، فيطالب بإصلاحها، فيرد «نظام السيرفر» عندنا هاتفا: «شفتم، مش قلتلكم.. مؤامرة خارجية جديدة أهه!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.