من المؤكد أن «حماتى» بدون فاتورة، لأن المياه والكهرباء والغاز تنقطع عن منزلى لكن هى لا تنقطع، وهى أول من علمنى أن أكتئب للدنيا وأبتسم أمامها، وحاجة غريبة.. أشهر أغنية رقص الناس على إيقاعها السريع كانت كلماتها تقول (عيب الرقص عيب)!! فالازدواجية مرض مزمن ومتوطن عندنا تجعلنا نسد الشوارع بالحصير نهاراً ولا نكمل صفاً واحداً فى صلاة الفجر.. لذلك عندما لاحت أزاهير الصبا وزقزق العصفور صحّانا اكتشفنا أن جسر التنهدات فى فترة الخطوبة قد تحول إلى كوبرى أسمنت ينام تحته الأطفال، وأن إنجازات الآباء فى الستينيات يتم التخلص منها بواسطة رجال هم أنفسهم من إنجازات آبائهم فى الستينيات، وأن الحكومة نجحت فى طرد البشر من مساكنهم ثم فشلت فى الاقتراب من أقفاص الحيوانات.. خلى بالك وإنت نازل فيه «سلمة» مكسورة، ولما توصل لآخر المقال طمّنى.. فنحن من جيل ولدتنا أمهاتنا أحراراً لكن بعد التعديلات الدستورية أصبحنا أحراراً دستوريين من حقنا «الترشح» بالماء والصابون، ويقول المثل «بدلاً من أن تعلمنى الصيد ودّينى السينما».. وفى بلد تصب فيه أنابيب المجارى فى «الحنفية» ومواسير المياه فى «البلاعة»، وتصدر الحكمة وتستورد اللقمة وتحتار بين الطوابير ونظام القرعة ينتظر الشاب الوظيفة، وعندما يدق باب الأمل يفتحه فيجد أمامه بائعاً صينياً ويحضر أكبر علمائنا الأفذاذ ليلقى محاضرة فى «العلم» وفى اليوم التالى يحضر «المولد» ويشارك فيه.. خلى بالك «السلمة» المكسورة قربت.. هذه الازدواجية هى «عيب خلقى» عندنا، لذلك فإن تغيير الحكومة وحل المجلس وشراء لاعبين جدد لن تكفى، فالحب وحده لا يكفى، عايز جنبه بطاطس مقلية وسمك فيليه وسيمون فيميه وجان بول سارتر ونافورة محافظ يتيمة مطلقة وعدسة تليسكوب ننظر من خلالها لنغمز للقمر.. لا حول ولا قوة إلا بالله، برضه وقعت فى «السلمة» المكسورة. [email protected]