نشرت إذاعة البى.بى.سى. على موقعها الإلكترونى استفتاء عنوانه «هل تعيش فى دولة حرة؟» وجاءت النتيجة أن 19% قالوا نعم فى حين جاءت لا بنسبة 81%. ومن المعروف أن هذه الاستفتاءات تفتح الباب لمشاركات الجمهور. لا يمكن تجاهل أن هذا الاستفتاء بدأ على أساس التقرير الذى أعدته المؤسسة الأمريكية الإشكالية «فريدم هاوس»، وهى معنية بشؤون العالم العربى فى المقام الأول، ورغم أنها تصف نفسها أنها هيئة مستقلة هدفها دعم الديمقراطية حول العالم يصعب اعتبار هذا القول منزها عن أغراض سياسية ومصالح القوى. اعتمد التقرير على مجموعة من المؤشرات من بينها: العملية الانتخابية وحقوق المرأة واستقلال وسائل الإعلام والحريات الدينية. «فريدم هاوس» وصفت الدول العربية كافة بأنها غير حرة، باستثناء الكويت ولبنان والمغرب والبحرين وجيبوتى والأردن واليمن التى صنفتها المنظمة بأنها حرة جزئيا. ما لفت نظرى فى هذا الاستفتاء عموما هو تعليقات المشاركين، خاصة من مصر، وقد اخترت أن أورد بعضها. «أعتقد أن الحرية هى شىء نسبى، أى أنه لا يوجد بلد حر 100% .. لذا فنسبياً أنا أعيش فى بلد غير حر على الإطلاق للأسف رغم أن أجدادنا المصريين من أقدم مؤسسى الحضارات فى التاريخ..»، «تم اعتقالى 4مرات منذ1987 وحتى 2008 كلها على خلفية الانتخابات ماعدا مرة واحدة عام 2005 كانت على خلفية مظاهرة سلمية تطالب بالإصلاح السياسى بينما كانت المرة الأخيرة فى فبراير 2008 لمنعى من الترشيح فى الانتخابات المحلية التى تم فيها استبعاد جميع مرشحى الإخوان من تقديم أوراقهم للجنة الانتخابات رغم صدور مئات الأحكام القضائية لتمكينهم من المشاركة إلا أن الحكومة المصرية لم تنفذ أيا من تلك الأحكام. وهكذا تترك الحكومة المصرية للناس هامش حرية للكلام. أما الانتخابات فيغلب عليها التزوير بسبب تدنى شعبيه النظام»، «فى بلدى الحرية شكلية يتحدث عنها الكثيرون ولا يعيشها أحد غير الطبقة الحاكمة ومن يدور فى فلكها. فالقانون انتقائى النزعة يطبق على البعض دون الكل. فى مصر أنت حر بالمعنى الذى لا يمس «أمن الدولة» والحكام هم فقط من لهم الحق فى تحديد وتفسير نطاق هذا المصطلح المرعب. لقد نشأ مفهوم السلطة والدولة فى بلدى وتغير عليها كل أنواع الحكومات وكل أشكال السلطة ولكن المعنى لم يتغير فالمواطن يخدم الحكومة لأنها صاحبة البلد وليس الوزراء إلا قائمون على إدارة واستغلال موارد الدولة ومرافقها لخدمة الحاكم»، «إنه لسؤال صعب جدا الإجابة عليه وهو كمن يسأل المساجين رأيهم فى السجن الذى يعيشون فيه وقد سمعنا ايمن نور يوم خروجه من السجن يشيد بالمعاملة الكريمة فى السجن ويشكر المسؤولين كافة وأنا بالتالى أود ان اشكر المسؤولين كافة فى بلدى على نعمة الحرية التى وهبونا إياها وعلى هذا الفضل الكبير فى القدرة أن نقول ما نشاء وأن يفعلوا هم ما يرونه فى صالحنا»، «أنا أعترف أن دولتى من أكثر الدول المنعدمة فيها الحرية الدينية إن لم تكن الأولى على المستوى العربى وأيضا منعدمة الحرية السياسية والفساد يعم المجتمع بكل النواحى»، «نعم لدينا حرية لكن فقط للبوليس لكى يضرب فى الشعب ويعذبه بكل حرية وبلا أى عقاب، هذه هى الحرية الوحيدة فى مصر ولدينا حرية سب النصارى وحرية حرق كنائسهم»، «دولتى حرة فيما تفعله فينا!!». إلا أنه - والحق يقال - بالرغم من تلك الآراء «السلبية» كان لأحدهم رأى مختلف تماما، فكتب: «أعيش فى دولة حرة وأناقش فيها كل الأفكار وأنتقد كل ما لا يروق لى من تصرفات حتى لو كانت صادرة من رئيس الجمهورية وأناقش ذلك علنا واحيانا فى الإذاعة كمحطتى العزيزة بى بى سى وأمارس شعائر دينى ويمارسه غيرى بحرية وبلا تحفظ وأقرا فى الجرائد ما لا يمكن أن أتخيله من نقد لاذع لكل شىء دون أى تحفظ وأمارس دورى كناخب دون تدخل، وأى شىء سلبى يظهر أعتقد أننا كشعب مسؤولون عنه لاننا نترك العنان لمن يتدخل، إضافة إلى قلة وعى الشعب نظرا للفقر المنتشر والأمية المنتشرة وأعتقد ان مصر تقع على رأس قائمة اكثر الدول العربية حرية». يبدو لى الرأى الأخير وكأننى سمعته كثيرا من أفواه المسؤولين عن تنظيم الحريات، وفى مقالات العديد من الكتاب الذين يؤكدون فى كل كلمة أن القصور ينبع من «انعدام وعى الشعب». ويبقى السؤال «هل تعيش فى دولة حرة؟».