بعد أول يوم تنسيق مرحلة أولى.. توجيه عاجل من رئيس جامعة عين شمس لقطاع التعليم    رئيس الوزراء يتابع مع رئيس "اقتصادية قناة السويس" ملفات العمل    رئيس الوزراء: مستعدون لوضع حوافز خارج الصندوق لتوطين صناعة السيارات الكهربائية    مسؤولون بريطانيون: ستارمر يقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية    نادي الأهلي يعلن التعاقد مع مدرب جديد لكرة الطائرة    الدفع ب9 سيارات إسعاف وإطفاء.. حريق بأحد العقارات في مصر الجديدة    انتهاء أزمة كسر خط المياه الرئيسي بالدقهلية.. وضخ المياه يعود تدريجيًا (صور)    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    مدحت صالح مفاجأة أشرف عبد الباقي في "سوكسيه" بالساحل الشمالي    إكسترا نيوز ترصد تفاصيل وصول مساعدات مصرية إلى غزة ضمن قافلة "زاد العزة"    الأردن: الكارثة في غزة وصلت لوضع لا يمكن وصفه    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    إم جي تطلق سيارتها IM5 سيدان الكهربائية رسميًا في الأسواق.. صور وتفاصيل    سفيرة الاتحاد الأوروبى: مصر ركيزة الاستقرار الإقليمى وندعم جهودها لوقف حرب غزة    تعليمات حاسمة لرؤساء لجان امتحانات الدور الثاني للشهادة الإعدادية بالفيوم    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو ادعاء الإصابة لتحصيل مبالغ مالية بالإسكندرية    الكهرباء: تشغيل الكابل الثاني بمحطة جزيرة الدهب وتقدم في التغذية البديلة.. فيديو    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    نادية مصطفى ومنصور هندى في انتخابات التجديد النصفى لنقابة الموسيقيين    «الأعلى للثقافة» يُعلن الفائزين بجوائز الدولة التقديرية لعام 2025 (الأسماء)    نقابة الموسيقيين تكشف تفاصيل التحقيق مع محمود الليثي ورضا البحراوي |خاص    أحمد التهامي يكشف كواليس العمل مع عادل إمام ويشاركنا رحلته الفنية|خاص    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    أمين الفتوى: الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة.. وهناك نجاسات مغلظة وأخرى مخففة ولكل منها أحكامه    كيف أعرف أن الله يحبني؟.. عالم أزهري يجيب    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة وشركة روش مصر لتطوير رعاية مرضى التصلب المتعدد    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    تحرير (144) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    بعد هجوم الجماهير.. زيزو يوجه رسالة ل المشجع الذي أهدى له «بورتريه بصورته»    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و51 ألفا و300 فرد منذ بداية الحرب    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    بايرن ميونخ يجدد عقد لاعب الفريق لمدة موسم    بالصور.. اندلاع حريق بمخلفات الأشجار على طريق البراجيل    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ اليوم.. البوري ب130 جنيها    نتنياهو يقترح خطة عمل جديدة لغزة.. ماذا تتضمن؟    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    خالد الغندور يكشف مفاجأة سارة بشأن بطولة دوري أبطال أفريقيا    فينيسيوس يصدم ريال مدريد بشرطه للتجديد    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى رثاء ثورتنا المسكينة
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 07 - 2009

يولد الناس صغاراً ثم يكبرون. هذه هى إحدى حقائق الوجود التى لا يمكن أن تتغير إلا فى خيال كاتب أو صانع أفلام. الثورات على العكس من ذلك.
كل الثورات تولد كبيرة، وما ينجح منها يصغر، حيث تستقر الأوضاع التى ترتبت عليها، أما ما يفشل منها، فإنه لا يصغر فقط، بل يصبح وقوعه مشكوكاً فيه، ومن هذا النوع ثورتنا المجيدة!
من ينظر إلى أحوالنا الآن هل يمكن أن يتصور أن ما يقرأه فى كتب التاريخ والأغانى عن حركة الضباط المباركة حقيقة وقعت بالفعل؟
لا أثر للثورة إلا فى يوم الإجازة ومناهج التعليم؛ فهى مقرر دراسى ينبغى النجاح فيه بصرف النظر إن كان الموضوع حقيقياً أم خيالياً، تاريخاً أم فزورة، ورياضة فكرية محضة.
ومثلما يستطيع الطلاب التعامل مع منهج اللغة العربية الملىء بالأخطاء المؤسفة، ومثلما يحتملون منهجاً عنوانه علم الاجتماع بينما لا علاقة لما تحت العنوان بعلم الاجتماع، بل مجرد دعايات رخيصة حول تنظيم الأسرة، يستطيعون كذلك أن يرددوا أهداف الثورة بكل اقتدار، حتى لو لم يكن هناك ثورة أو أهداف. ويوم الامتحان يجيبون بالطريقة المطلوبة، وينجحون بتفوق، وقبل إعلان النتيجة يكونون قد نسوا كل شىء عن الثورة وعلم الاجتماع والعربية غير الفصحى.
بالنسبة للفلاحين صار الإصلاح الزراعى حلماً غائماً لا يذكرون تفاصيله، أما بالنسبة لعمال وموظفى الحكومة، فقد أصبحت كلمة الثورة تعنى مجرد اسم ليوم راحة آخر من عمل غير مجد؛ يوم لن يتعامل فيه الموظف كرهينة فى طريقه إلى العمل، ولن يحتجز فيه رهائن من طالبى توقيعه، وسيفطر فيه ويصلى فى بيته بدلاً من المصلحة، التى يذهب إليها لإنجاز هاتين المهمتين المقدستين.
وبالنسبة لعمال القطاع الخاص فإن 23 يوليو فرصة ليوم مدفوع زيادة على الراتب الشهرى الهزيل. وبالنسبة لمن يتعاملون مع البنوك ومكاتب الحكومة هو يوم وقف حال.
سبعة وخمسون عاماً مرت على الثورة التى رحلت منذ ما لا نذكر، بينما نواصل الاحتفال بها فى حداد صامت.
لم تعد تحظى ببعض من آيات القرآن، ولم يُقم لها قداس، ولا أثر فى الواقع المصرى لأى من أهدافها.
المجانية نطت سور المدارس مع الطلاب والأساتذة، وتبددت على مدرجات المراكز التعليمية الخاصة، والتعليم الجامعى تمزق بين دكاكين وأكاديميات المغامرين واختراعات وزارة التعليم العالى للتنصل من المجانية فى كليات الفنون وأقسام اللغات بمعظم الكليات الأخرى!
التعليم الخاص متعدد المصادر والولاءات، من الجامعة الأمريكية إلى الألمانية والفرنسية والكندية، ولا ندرى ماذا بعد. والتعليم الحكومى أصبح عادة ومخصوص. ركاب للدرجة الثالثة وركاب للأولى المميزة، وما جمعه الفساد لا تفرقه أربع سنوات جامعية، حيث سيتجمع الخريجون مرة أخرى فى عربة البطالة.
وعن العلاج حدث بكل ألم.
لا يوجد بلد فى العالم شرقاً أو غرباً به كل هذا العدد من أنظمة التداوى، وجميعها يجعل الموت أملاً عزيزاً يناله المحظوظون ومن ترضى عنهم السماء.
الموت بكرامة أصبح أمل كل من يدخل تجربة المرض، لأن ذلك أفضل جداً من استئناف الحياة بكرامة مهدورة.
كرامة المريض وكرامة طبيبه مهدرة فى المستشفى العام، وكرامته وحده فى المستشفى الخاص الذى يضع المريض الذى ليس لصاً فى عداد المتسولين، ولا يمكن لمن يدخله أن يخرج بكرامة روحه حياً أو بكرامة جسده ميتاً، عندما تفر الروح وتترك الجثمان رهينة حتى يسدد الورثة تكاليف الموت.
حاربت الثورة سيطرة رأس المال على الحكم، ثم أعاد الحكم المحرر تخليق رأس المال، لكى يسيطر على الجميع. ورأينا بعد سبعة وخمسين عاماً إحدى علامات يوم القيامة التى يخيفنا منها واعظو الفضائيات (أن تنجب الأمة سيدتها)!
أنجبت الثورة أسيادها، وأسياد شعبها. مليارديرات اختلقهم نظام يستمد شرعيته من الثورة. تكاثروا بطريقة التصوير السريع، من خلال التخصيص المجانى السفيه لمليارات الأمتار من الأراضى، بينما ينفق المواطن العادى عمره من أجل حلم إسكان أولاده. والنظام الذى يرتكب هذه التفرقة الفجة وغير الدستورية بين المواطنين يعطل الحياة يوم 23 يوليو من كل عام، احتفالاً أم سخرية من مبدأ العدالة، لا نعرف!
كل ما نعرفه أننا لم نعد نجمع على شىء، حتى الموقف من يوم الإجازة، وكل ثورة ونحن طيبون.
وإلى متى يمكن أن يدوم هذا الوضع ؟ الاحتفال بالثورة وإهدار العدالة التى حملتها شعاراً؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.