أُعلن الأسبوع الماضى عن مشروعين بتكلفة عشرات المليارات من الدولارات، أحدهما لمد أنبوب من أذربيجان لينقل الغاز الطبيعى إلى أوروبا عبر تركيا، والثانى لنقل الطاقة الشمسية من صحارى أفريقيا إلى أوروبا عبر المغرب، وقال مذيع قناة «الجزيرة»، وهو يذيع الخبر، «وهكذا تسطع شمس العرب على أوروبا»! المشروعان بالطبع يستهدفان نقل الطاقة «النظيفة» إلى أوروبا، وهكذا لم تكتف القارة، التى توحدت أغلب بلدانها، بنهب آسيا وأفريقيا طوال مائتى عام عن طريق القوة المسلحة، وإنما تقوم الآن بناء على رغبة دول أسيوية وأفريقية بنقل الغاز، بل نقل الشمس إليها، وإذا كان للغاز ثمن، فلا أدرى هل سيكون للشمس ثمن أيضًا، أم سيكون هدية من أفريقيا إلى أوروبا؟! تذكرت أهالى بعض جزر القمر الذين أجرى فى جزرهم استفتاء على الاستقلال أم التبعية لفرنسا، فاختاروا التبعية بأغلبية ساحقة، ومن دون أى تزوير فى الأوراق أو فى الإرادة، ومن كان مثلى من جيل الستينيات من القرن الميلادى الماضى، الذى كان يحتفل باستقلال الدول الأسوية والأفريقية ودول أمريكا الجنوبية، لابد أن يشعر أنه «ديناصور» من زمن مضى، والواضح جدًا أنه لن يعود أبدًا! بلغت سن الرشد السياسى متأخرًا، ولم أعد ألوم الجلاد ولماذا يمارس قوته، وإنما ألوم فقط الضحية، ولماذا تركت نفسها تتحول إلى ضحية.. وكلما شاهدت تركيا وهى تتدلل لتكون عضوًا فى الاتحاد الأوروبى شعرت بالخجل نيابة عن الشعب التركى، وعندما قرأت عن مشروع مد نفق تحت جبل طارق يربط المغرب بأوروبا على أمل أن تكون بدورها عضوًا فى الاتحاد الأوروبى شعرت بالخجل أيضًا نيابة عن الشعب المغربى.. من ناحية أخرى، أرى أن الاتحاد الأوروبى على حق فى رفض عضوية تركيا أو المغرب، أو أى بلد غير أوروبى لأنه ببساطة اتحاد متجانس ثقافيًا لدول أوروبا. أن يكون جزء من تركيا يقع فى أوروبا جغرافيًا، وأن يربط نفق بين المغرب وأوروبا صناعيًا، فإن ذلك لا يجعل الشعب التركى ولا الشعب المغربى من شعوب أوروبا لأن الثقافة فى كليهما مختلفة على كل المستويات، والأفضل أن تعمل تركيا والمغرب وغيرهما من دول آسيا وأفريقيا على أن يكونوا مثل دول أوروبا فى الديمقراطية والتقدم، وليس بالانتماء الكاذب إلى أوروبا. [email protected]