سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. مصطفى كامل السيد المحرر الرئيسى لتقرير التنمية البشرية العربية الذى تبرأ منه قبل أسبوع من إعلانه: البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة أدخل تعديلات جذرية دون استشارتى وأصر على تهميش فصلين عن «الاحتلال» و«صراع الهوية»
قبل أسبوع من انطلاق تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009، أعلن د. مصطفى كامل السيد، الذى تعاقد معه المكتب الإقليمى للدول العربية ليكون المحرر الرئيسى للتقرير لعام 2009، مقاطعته للاحتفال وعدم مسؤوليته عن التقرير المنتظر إطلاقه. فى حوار مع «المصرى اليوم»، يوضح مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة لماذا تبرأ من تقرير التنمية البشرية العربى الذى من المقرر انطلاقه فى بيروت الأسبوع المقبل. يقول السيد: «لقد صُدمت عندما رأيت الصورة النهائية للتقرير، فلم تتم استشارتى عن التغيرات التى تقلل من شأن مصداقية التقرير وجودته التحليلية». ووفقاً للسيد، فإنه تولى مسؤولية التقرير بتكليف من المكتب الإقليمى للدول العربية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى، كما أنه عمل سابقاً على إعداد تقرير التنمية البشرية العربى عندما كان نادر الفرجانى المحرر الرئيسى، ويقول السيد: «لقد وافقت ووقعت العقد مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وكانت فكرته الأساسية هى أمن البشرية وقد استخدمت التعبير الذى استخدمه البرنامج فى تقرير التنمية البشرية لعام 1994». ويضيف: «قدمت إطار عمل نظريًا للهيئة الاستشارية، ونظمت فريقاً أساسيًا مكونًا من ثمانية باحثين من العالم العربى، وطلبت مداخلات من شخصيات ثقافية عربية مختلفة، وتوليت عمل مسح إحصائى فى أربع دول عربية هى لبنان، الكويت، المغرب، وفلسطين، وقد رفض الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فى مصر المشاركة، كما نظمت سلسلة نقاشات مع شباب من جميع أنحاء العالم العربى». ويوضح: «عرضت وناقشت أربع مسودات للتقرير، وأجريت التعديلات فى ضوء هذه المداولات، ناقشت المسودة الرابعة فى سبتمبر 2008 مع اثنين من مسؤولى البرنامج رفيعى المستوى فى بيروت ممن أثنوا على التقرير لجودته العلمية العالية. كما ناقشت التقرير مع رئيس التقارير الأمريكية فى نيويورك الذى أضاف بعض التعليقات البسيطة». وبعد هذه العملية الشاقة، لم يسمع شيئاً عن البرنامج لمدة ثلاثة أشهر، وفى مارس دعى لمؤتمر صحفى عبر الهاتف حيث عرف من خلاله أن هناك بعض التغيرات التى طرأت على التقرير. ويضيف قائلاً: «أرسلوا لى التقرير النهائى ولكنها كانت تغييرات جذرية ما كان لها أن تتم بدون استشارتى، ولكن بعد كل هذا فإن العقد يوضح أن المسودة الأخيرة تعد مسؤولية الرئيس بالتشاور مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وهى المرة الأولى فى تاريخ التقرير ألا تتم استشارة الرئيس فيما يتعلق بالمسودة الأخيرة». وفى النهاية، يقول السيد «أرفض التغييرات لأسباب علمية باعتبارها تقلل من جودة التقرير». ويتحدث السيد عن هذه التغييرات موضحاً: «أحد التعديلات التى تم إجراؤها هو تغيير الفصل الخاص بتأثير الاحتلال الأجنبى فى المنطقة على الأمن البشرى من كونه الفصل الثانى ليصبح الأخير، وهو ما يعتبر تقليلاً من أهمية عامل كالاحتلال الاسرائيلى لفلسطين والاحتلال الأمريكى للعراق وتأثيره على الأمن البشرى». ويضيف قائلاً: «هناك تعديل آخر وهو إسقاط فصل عن صراع الهوية فى المنطقة، حيث وصف التقرير الصراع بأنه يسبب خسائر تتجاوز خسائر الاحتلال الأجنبى. فالضحايا فى جنوب السودان، والحرب الأهلية فى لبنان وخلافات مثلهما تعد مرتفعة جداً، ومع ذلك فقد تم تخفيضه ليصبح صفحتين فقط ودمجه ضمن فصل آخر». وعن الأمن الشخصى الذى وضعه ليكون الفصل الأخير بعد عدة فصول عن الاحتلال الأجنبى والفقر ونقص الخدمات الصحية، فقد تم نقلها للفصل الرابع بوضع النتائج قبل الأسباب. ويفسر «وقد كنت حذراً خلال هذا الفصل أن أحافظ على التوازن بتوضيح – على سبيل المثال- أن المدن العربية الرئيسية تظل أكثر أماناً - من حيث الأمن الشخصى – عن غيرها من المدن الرئيسية فى الجنوب، وهذا التوازن لم يعد موضحاً فى التقرير الحالى». ويعتبر السيد أن مثل هذا التغيير والحذف لا يضعف التقرير فقط بل أيضاً يتجاهل التحليلات والمبادئ الخاصة بالبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة فى التعريف بالأمن البشرى. ويشير إلى أنه خلال مناقشة المسودات المختلفة مع اللجنة الاستشارية، لم يقدر ممثلو بعض دول الخليج والعراق حجم المخاطر الناتجة عن الاحتلال الأجنبى على الأمن البشرى. ويقترح: «بما أن التقرير ممول من قبل وكالات متبرعة فى الخليج فإنه من المحتمل أن يكون قد أثر ذلك على الشكل النهائى الذى خرج به التقرير». وعند سؤاله عما إذا كان التقرير ممولاً مباشرة من الخارج، أشار السيد إلى أن كل مقدمات تقارير التنمية البشرية العربية الماضية كان يكتبها عبداللطيف حامد، المدير العام المؤسس لصندوق تنمية الكويت. ويضيف: «من المحتمل أن يكون البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة خاضعاً لرقابة ذاتية لأنه من المحتمل أن يكونوا متوقعين إنزعاج إسرائيل أو الولاياتالمتحدة بنتائج التقرير». كذلك، بحذف مشاركات من جانب المثقفين العرب مثل سمير أمين واستبدالها بمساهمات وخبراء غير مطلوبين من مسؤولى الأممالمتحدة السابقين والحاليين لم يعد يعكس وجهة نظر المثقفين العرب ولكن بيروقراطية الأممالمتحدة». ويوضح: «منذ مارس وأنا أكتب وأتصل بمسؤولى الأممالمتحدة، وأبلغت فى رسالة من السيدة هيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة الرئيسة الجديدة للبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، أن المشروع يعد استشارياً كما أنه ملكية جماعية وهو ما لم أفهمه، فلماذا لم تتم استشارتى واستبعادى من العملية؟».