للمرة الأولى.. إيران تستعين بفتاح لضرب مواقع إسرائيلية    ترامب يرفض تقييم رئيسة الاستخبارات الخاص بملف إيران النووي    روسيا: هجمات إسرائيل على إيران تدفع العالم لكارثة نووية    تشكيل الوداد المغربي المتوقع أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    سعر الدولار اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025 بعد الهبوط الجديد.. قائمة أسعاره الجديدة    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 18 يونيو 2025    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    «قلتله انزل بسرعة البيت بيقع».. والد الطالب سمير يروي اللحظات الأخيرة قبل انهيار عقار السيدة زينب    الآن.. موعد نتيجة الشهادة الإعدادية بالسويس 2025 وخطوات الاستعلام برقم الجلوس    هل يعتزم ترامب تمديد الموعد النهائي لبيع "تيك توك" للمرة الثالثة؟    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    من الكواليس.. هشام ماجد يشوّق الجمهور لفيلم «برشامة»    تركي آل الشيخ تعليقًا على أغنية إبراهيم فايق ومحمد بركات: الفن في خطر    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    أخيرا على "آيفون": "أبل" تحقق حلم المستخدمين بميزة طال انتظارها    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    7 مصابين جراء حريق هائل بشقة سكنية في الإسماعيلية    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    المستشار محمود فوزي نافيا شائعات وسط البلد: قانون الإيجار القديم يعالج مشكلة مزمنة ولن يُترك أحد بلا مأوى    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    نجوم الزمالك يشعلون حفل زفاف ناصر منسي بالشرقية ورقص الأسطورة يخطف الأنظار (فيديو)    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى منطقة البحر الميت    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    التضامن الاجتماعي: إجراء 2491 عملية قلب مجانية للأولى بالرعاية بالغربية    طريقة عمل الآيس كوفي، بمكونات اقتصادية واحلى من الجاهز    كأس العالم للأندية 2025| باتشوكا يواجه سالزبورج بصافرة عربية    إيران تطلق 20 صاروخًا باتجاه إسرائيل وصفارات الإنذار تدوي في تل أبيب وحيفا    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    أعمال الموسيقار بليغ حمدي بأوبرا الإسكندرية.. الخميس    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    أول رد من إمام عاشور بعد أنباء رحيله عن بعثة الأهلي    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حرب النفظ والرقمنة: إيران تتعرض لهجوم سيبرانى واضطرابات محتملة لإمداد الوقود الإسرائيلى.. الخليج يتحسب لضرب أمريكا لطهران ويجلى ناقلات النفط ويؤمن الحدود وغزة تئن    سي بي إس: لا يوجد توافق بين مستشاري ترامب بشأن إيران    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    رسميًا.. فتح باب التقديم الإلكتروني للصف الأول الابتدائي الأزهري (رابط التقديم وQR Code)    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    الغرفة التجارية تعرض فرص الاستثمار ببورسعيد على الاتحاد الأوروبى و11 دولة    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    النفط يقفز 4% عند إغلاق تعاملات الثلاثاء بدعم من مخاوف ضربة أمريكية لإيران    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سمير غطاس يكتب: إسرائيل والقاعدة: الادعاءات الكاذبة.. والعلاقات المريبة (1)

تنشر «المصرى اليوم» سلسلة جديدة من المقالات التى يكتبها الدكتور سمير غطاس لتحليل ظاهرة الجماعات الفلسطينية المرتبطة بالقاعدة فى غزة، خاصة بعد تورط بعض منها فى تنفيذ عمليات إرهابية استهدفت مصر فى الوقت الذى تتجنب فيه هذه الجماعات القيام بأى عملية فى إسرائيل، ونبدأ هذه السلسلة بمقال لتحليل العلاقة المريبة لإسرائيل بالقاعدة وأبعاد هذه العلاقة.
 والمقال التالى يحلل علاقة حماس والنظام فى إيران بالجماعة الفلسطينية المرتبطة بالقاعدة فى غزة تحت المظلة الجامعة لفقه المصلحة، وتعرض المقالات التالية أوضاع الجماعات المرتبطة بالقاعدة فى غزة «جيش الإسلام»، و«زرقاوى فلسطين» و«جيش الأمة» «وجند الله» وغيرها وتكشف المقالات أدوار وأسماء المتورطين من هذه الجماعات فى العمليات الإرهابية التى جرت فى مصر.
تثير العلاقة الغريبة بين إسرائيل والقاعدة العديد من الأسئلة الشائكة وعلامات الاستفهام والتعجب. إذ لا يوجد فى سجل تنظيم القاعدة ما يشير، أو حتى يوحى، باستهداف جدى لإسرائيل بما يتناسب مع الحد الأدنى من الخطاب الجهادى المتشدد الذى يعتمده ويجاهر به قادة هذا التنظيم. والخطير فى هذا الأمر أن يستهدف تنظيم القاعدة دولا عربية وإسلامية متاخمة لإسرائيل أو فى محيطها فيما يتمنع عن استهداف إسرائيل نفسها أو المس بها.
والأمر الأخطر من هذا أن تقوم تنظيمات فلسطينية مرتبطة بالقاعدة فى غزة بتنفيذ عمليات لها فى مصر ولا تجرؤ على تنفيذ عملية واحدة فى إسرائيل، وعندما اختطفت رهينة أجنبية فى غزة طالبت بالإفراج عن أعضاء من تنظيم القاعدة معتقلين فى الأردن وفى لندن ولم تطالب على الإطلاق بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الإسرائيلى والحقيقة أن علاقة إسرائيل بالقاعدة تبدو متداخلة ومتشابكة وملتبسة إلى حد مثير للشك والريبة قد يصعب معها تفسير هذه العلاقة او تبريرها. وهذه الحالة تفتح الباب أمام قائمة من الاحتمالات التى يمكن رصدها على النحو التالى :
 1 - قد يكون تنظيم القاعدة يخشى من بأس أجهزة الأمن الإسرائيلية خاصة جهاز الموساد وردود أفعاله على أى عملية للقاعدة قد تستهدف إسرائيل، ولذا يتجنب القيام بمثل هذه العمليات حتى لا يدخل فى صراع دموى مفتوح معها.
 2 - أو أن يكون هناك تفاهمات فعلية أو ضمنية تم ترتيبها مباشرة أو بطرق غير مباشرة بين إسرائيل والقاعدة تقضى بتجنب التورط فى أي مواجهات بينهما.
 3 - أو أن تكون إسرائيل تمكنت من اختراق تنظيم القاعدة والسيطرة على مراكز الأعصاب فيه بما أدى إلى تخريج فتاوى داخلية تقدم مجاهدة الدول العربية والإسلامية ( الكافرة ) المحيطة بإسرائيل على تنفيذ العمليات فى إسرائيل نفسها (أهل الكتاب والذمة ).
 4 - أو أن تكون قيادة تنظيم القاعدة : بن لادن - الظواهرى، مقتنعة من ذاتها ومن دون تأثير للاعتبارات السابقة، بأن الجهاد ضد إسرائيل فرض كفاية مؤجل وغير معجل، وأن الجهاد المقدس ضد الدول العربية والإسلامية وشعوبها هو فرض عين يعجل ولا يؤجل. وربما تكون هناك عوامل أو اعتبارات أخرى خافية أو مخفية، ولكن فى حدود الاجتهاد قد يصلح واحد أو اكثر من هذه العوامل الأربعة لتفسير الغموض والالتباس الذى يحيط بالعلاقة المريبة بين إسرائيل والقاعدة.
وقد يكون فتح ملف هذه العلاقة مناسبة مواتية لتوسيع مجال الرؤية ووضع هذه العلاقة فى الإطار العام لعلاقة إسرائيل بحركات وأحزاب الإسلام السياسى، سواء داخلها أى فيما وراء خط هدنة 1949 أو ما يسمى بالخط الأخضر، أو فى الضفة الغربية وغزة والأراضى الفلسطينية التى احتلتها عام 1967.
كان الفرع الفلسطينى الأول لتنظيم الإخوان المسلمين قد تأسس فى القدس عام 1946، لكن الهزيمة العربية فى حرب 1948 كانت دمرت، فيما دمرت، كل البنى الفلسطينية السياسية من أحزاب وجمعيات وهيئات بما فى ذلك بالطبع النشاط الحزبى للإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسى فى فلسطين،
 وكان الحكم العسكرى المباشر الذى فرضته دولة إسرائيل على الفلسطينيين الذين بقوا فى ديارهم وعلى أراضيهم داخل هذه الدولة قد حظر إنشاء أى أحزاب فلسطينية مستقلة لكل ألوان الطيف السياسى، ومن المفارقات الغريبة والمدهشة أن تكون هزيمة 1967 هى التى ترتب عليها العديد من النتائج الفلسطينية الإيجابية، فقد جرى قبلها مباشرة رفع الحكم العسكرى الذى فرضته إسرائيل على فلسطينيو 1948.
 وجرى بعدها السماح بالتواصل الذى كان مقطوعا بين الفلسطينيين فى الضفة الغربية التى كانت ضمت وألحقت بالأردن وكانت مفصولة تماما عن الفلسطينيين فى قطاع غزة الذى كان يخضع لإدارة الحاكم العسكرى المصرى، وأمكن لهؤلاء التواصل مع فلسطينيو 48 الذين بقوا داخل إسرائيل، وهكذا أعادت هزيمة 67 وصل النسيج الذى مزقته هزيمة 48.
كما سمحت الظروف التى ترتبت على هزيمة 67 بإعادة بناء ونمو تيار الإسلام السياسى الحزبى داخل إسرائيل، خاصة بعد أن التحق عدد من شباب فلسطينيو 48 بالمعاهد الدينية فى الضفة فى الفترة بين 1979-1981 وجرى هناك تجنيدهم لتيار الإخوان المسلمين، لكن هؤلاء كانوا واقعين أيضا تحت تأثير نموذج الكفاح المسلح الذى كانت تخوضه فصائل منظمة التحرير وتقوده حركة فتح، ما دفعهم فى البداية إلى تشكيل تنظيم سرى مسلح أطلق عليه اسم «أسرة الجهاد» لكن إسرائيل تمكنت من اختراق هذا التنظيم واعتقلت كل قياداته الذين أمضوا أحكاما متفاوتة فى السجون الإسرائيلية، وفى عام 1983 توجه هذا التيار لإقامة إطار تنظيمى جديد عرف باسم «الشباب المسلم».
 واعتمد بشكل أساسى وواسع على أساليب وتكتيكات الإخوان المسلمين : إقامة الجمعيات الخيرية الخدمية، والاعتماد على المساجد للدعوة والتنظيم، ثم اتجهت الحركة الإسلامية فى إسرائيل للمشاركة فى انتخابات الكنيست الرابع عشر سنة 1996 وأقامت كتلة مشتركة مع الحزب العربى الديمقراطى الذى كان أول حزب فلسطينى تسمح إسرائيل بإقامته ومشاركته فى الانتخابات، لكن مشاركة الحركة الإسلامية فى الانتخابات أدت إلى اندلاع خلاف حاد سرعان ما تحول إلى انشقاق هذه الحركة إلى الجناح الشمالى فى الحركة الإسلامية المتمركز فى أم الفحم وقرى المثلث ويتزعمه الشيخ رائد صلاح وهو يرفض المشاركة فى الانتخابات ويدعو إلى مقاطعتها.
 بينما واظب الجناح الجنوبى من الحركة الإسلامية بزعامة الشيخ عبد الله نمر درويش على المشاركة النشطة فى انتخابات الكنيست، وكانت الحركة الإسلامية شاركت فى الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة 2009 تحت اسم كتلة القائمة العربية الموحدة - الحركة العربية للتغيير.
وفازت هذه القائمة بأربعة مقاعد اثنان منها لكل من الشيخ ابراهيم صرصور ومسعود غنايم، إلى جانب مقعد ثالث للنائب طلب الصانع من النقب والرابع كان للدكتور احمد الطيبى رئيس الحركة العربية للتغيير، ويشير هذا العرض الموجز إلى الموقف الإسرائيلى الذى لا يمانع فى وجود وعمل تيار الحركة الإسلامية مادام بقى ملتزما بقواعد وقوانين اللعبة السياسية فى إسرائيل، لكنه بالمقابل يمنع ويقمع بالقوة أى توجه للحركة الإسلامية هناك للعمل كجماعة مقاومة مسلحة وينطبق هذا الأمر على الحركة الإسلامية فى إسرائيل كما على غيرها من كل ألوان الطيف السياسى هناك. لكن هذه الصورة لا تكتمل إلا بعرض الموقف الإسرائيلى من تيار الإسلام السياسى فى الأراضى التى احتلتها عام 67 خاصة فى قطاع غزة.
كان نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين فى غزة تراجع وانحسر كثيرا بسبب رفضه المشاركة فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلى فى مقابل تصاعد شعبية وتأييد فصائل منظمة التحرير، وقد أثار ذلك الأمر قلق ومخاوف إسرائيل خاصة بعد أن صعدت فصائل المقاومة عملياتها لإحباط مشروع الحكم الذاتى الذى طرحه بيجن فى اتفاقية كامب ديفيد ولذا بحثت إسرائيل عن حليف فلسطينى محلى يشاركها أو ينوب عنها فى مواجهة فصائل المقاومة ونفوذها.
وفى هذا السياق قام عيزرا وايزمان أحد مهندسى كامب ديفيد بمقابلة الشيخ احمد ياسين فى غزة عام 1979 وجرى الاتفاق فى حينه على إبرام صفقة يقوم بموجبها تنظيم الإخوان بالتصدى لنفوذ فصائل منظمة التحرير فى مقابل اعتراف إسرائيل بعمل الإخوان تحت مسمى «المجمع الإسلامى» والسماح بتكوين جمعياته الخيرية.
وهذه الوقائع معروفة جيدا فى غزة وشهودها مازالوا على قيد الحياة وهى موثقة أيضا فى شهادات مسؤولين اسرائيليين ( راجع مثلا شهادة افنير كوهين ضابط شؤون الأديان فى غزة «هكذا أقمنا حماس» - معاريف 22/6/2007) لكن إسرائيل عادت فأقدمت على اغتيال الخمسة الكبار فى حماس ( إبراهيم المقادمة وإسماعيل أبو شنب وصلاح شحادة واحمد ياسين والرنتيسى ) تباعا بعدما تجاوزت حماس دورها وقواعد اللعبة الداخلية.
 كانت هذه محاولة لرسم الإطار العام لعلاقة إسرائيل بتيار الإسلام السياسى التى قد تساعد فى فهم أو تفسير العلاقة المريبة بينها وبين تنظيم القاعدة، وقد تساعدنا على ذلك أيضا قصة عبدالله عزام أحد قيادات الإخوان المسلمين فى فلسطين والذى يعد المؤسس الحقيقى لتنظيم القاعدة فى أفغانستان التى كان انتقل للجهاد فيها تاركا خلفه مجاهدة الاحتلال الإسرائيلى لوطنه وشعبه وأهله.
والحقيقة أن إسرائيل ليس لديها أي اعتراض أن يكون عبد الله عزام هو النموذج الذى يقتدى به تنظيم القاعدة وكل التنظيمات الفلسطينية التى خرجت من عباءته أو التحقت بذيوله، وهو ما يبدو انه متحقق لإسرائيل حتى الآن فى علاقتها بالقاعدة وبناتها الخمس من التنظيمات المرتبطة بها فى غزة، لكن إسرائيل لا يفوتها ابدا أن تلعب دور الضحية لتحشر نفسها فى عداد الدول المعرضة لإرهاب الإسلام الأصولى وتنظيم القاعدة، لكن هذه اللعبة يمكن أن تنكشف بسهولة من متابعة سجل العلاقة المريبة بين إسرائيل والقاعدة والتى يمكن تتبعها على النحو التالى :
كانت إسرائيل بادرت إلى لعب دور الضحية المستهدفة من تنظيم القاعدة ومن الإرهاب الأصولى الدولى، لذا بادرت فى وقت مبكر إلى الادعاء بأنها أحبطت محاولة من القاعدة للمس بالرياضيين الإسرائيليين فى يونيو 2000 فى استراليا. وأن هدفاً يهودياً آخر تعرض فى فرنسا لمحاولة إرهابية جرت فى ديسمبر من العام 2000 نفسه.
وزعمت المصادر الأمنية فى إسرائيل أن تنظيم القاعدة أوفد إليها مسؤولا كبيرا هو البريطانى من أصل جاميكى ريتشارد كولفن ريد الذى استطلع بعض الأهداف الحيوية التى يمكن للقاعدة أن تهاجمها داخل إسرائيل وتقول نفس المصادر أنه تبين لاحقاً أن هذا الشخص كان ضالعا فى محاولة لتنفيذ عملية انتحارية فى طائرة لامريكان ايرلاين فى ديسمبر 2001، كما أشارات المصادر الأمنية هناك إلى إن القاعدة بحثت إمكانية إرسال طيار سعودى انتحارى لتنفيذ عملية فى ايلات.
وكانت إسرائيل اتهمت تنظيم القاعدة بتنفيذ عمليتين إرهابيتين ضدها، واحدة جرت فى الخارج وتحديداً فى مومباسا بكينيا فى يناير 2002، واستهدف المهاجمين بطائرة مدنية تابعة للخطوط الإسرائيلية «أركيع» التى كان على متنها عشرات من السائحين من إسرائيل، لكنها قالت إن الصورايخ أخطأت الطائرة.
 وبالتزامن مع هذه المحاولة، نفذت مجموعة انتحارية أخرى هجوماً بسيارة مفخخة على أحد الفنادق هناك ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً كان من بينهم ثلاثة من إسرائيل أما العملية الثانية فقد جرت داخل إسرائيل فى أبريل 2003 حيث استهدف هجوم انتحارى نادى ميكس بليس فى تل أبيب.
 واتهمت إسرائيل حينها ناشطين بريطانيين من أصل باكستانى بالمشاركة فى هذا الهجوم، وزعمت انها اكتشفت لاحقاً أنهما كان ينتميان إلى نفس الخلية فى تنظيم القاعدة التى نفذت الهجوم على مترو الإنفاق فى لندن فى 7/6/2005 كما اتهمت إسرائيل القاعدة بتنفيذ عدة عمليات أخرى من أبرزها الهجوم على كنيس جربة فى تونس فى 11/4/2002 والهجوم على كنيس وقاعة أفراح فى المغرب فى مايو 2003 وكنيس فى اسطنبول فى يناير 2003.
 واتهمت القاعدة كذلك بالهجمات الإرهابية التى وقعت فى سيناء فى أعوام 2004، 2005 ورغم الشكوك القوية التى تحيط بكثير من الاتهامات التى وجهتها إسرائيل لتنظيم القاعدة وتحميلها مسؤولية تنفيذ كل هذه المعليات فانه مع ذلك يمكن تسجيل الملاحظات التالية :
أ - أن القسم الأكبر من هذه العمليات لم ينفذ أصلاً. وجرت الإشارة إليه فى البيانات الإسرائيلية بعبارات غير مؤكدة مثل (إحباط، استطلاع، بحث وتفكير .. وغيرها)
ب _ أن البعض الآخر من هذه العمليات يمكن أن تتداخل المسؤولية عن تنفيذها مع جهات وجماعات أخرى ضالعة فى الصراع مع إسرائيل، وكانت نفذت عمليات مشابهة.
ج _ أنه لا يمكن الاستدلال من هذه العمليات على خط بيانى متصل أو متصاعد بما لا يعكس تصميم أو إرادة تنظيم القاعدة على استهداف إسرائيل ومصالحها الحيوية فى الداخل والخارج.
د _ أنه بعد موجة من ادعاءات إسرائيل باستهدافها من قبل تنظيم القاعدة جرى انحسار وتراجع حاد وملحوظ فى هذه الاتهامات، حتى انه يكاد يكون تلاشى أو توقف الآن تماماً.
أن هناك ما يؤكد على وجود جهد أمنى إسرائيلى لاختلاق تنظيمات للقاعدة أو اختراق التنظيمات التابعة فعلا للقاعدة فى الأراضى الفلسطينية أو حتى فى خارجها.
كانت أجهزه الأمن الفلسطينية فى غزة كشفت النقاب فى شهر ديسمبر 2002 عن مجموعة فلسطينية جندها جهاز الشاباك لاختلاق تنظيم يدعى انتماءه لتنظيم القاعدة لتحقيق هدف مزدوج : تشويه سمعة السلطة الفلسطينية واتهامها بالعمل والتعاون مع تنظيم القاعدة، وللإيقاع بعناصر وكوادر فلسطينية يتم استدراجها الى الفخ الامنى الملغوم لهذا التنظيم المفتعل، وتحيط الكثير من الشكوك الأمنية بعدد من قيادات الجماعات الموجودة الآن فى غزة والتى تعلن ارتباطها بتنظيم القاعدة، والتى تورط بعضها فى تنفيذ عمليات إرهابية فى مصر. وكان الرئيس اليمنى على عبدالله صالح أعلن فى شهر أكتوبر 2008 الكشف عن هوية تنظيم يمنى إرهابى جرى اختراقه من قبل الموساد الإسرائيلى ويعمل ضد أهداف أجنبية فى اليمن.
وقد يبدو واضحاً الآن من هذا العرض أن تنظيم القاعدة لم يشكل أبدا أى تهديد وجودى أو حتى خطير لإسرائيل وأن منطلقاته الفكرية، وربما عوامل أخرى، لا تزال ترجئ مسألة استهداف إسرائيل بشكل جدى ومباشر.
ومع ذلك تشهد إسرائيل بين وقت وآخر، عودة المسؤولين الأمنيين المختصين ( رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية _ أمان) لإلقاء بيانات أمام لجنة الخارجية والأمن فى الكنيست للتحذير من احتمالات قيام تنظيم القاعدة بعمليات قد تمس بأهداف إسرائيلية خاصة فى الخارج ربما لتستمر بذلك فى لعب دور الضحية، والتستر على حقيقة العلاقات الخفية بينهما بالاتفاق أو بالاختراق أو بكليهما معا، ومع ذلك تبقى العلاقة بين إسرائيل والقاعدة واحدة من اكثر العلاقات غموضا والتباسا وإثارة للريبة والشكوك، وربما نتأكد أكثر من ذلك عندما نتابع فى المقالات القادمة الدور الذى تلعبه الجماعات المرتبطة بالقاعدة فى غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.