تجددت مساء أمس المواجهات العنيفة بين اليهود الدينيين والعلمانيين فى مدينة القدس للأسبوع الثانى على التوالى. واضطرت الشرطة الإسرائيلية لتطويق حى «ميئا شعاريم» معقل اليهود الحريديم (المتزمتين دينيا) الذين خرجوا فى مظاهرات غاضبة، حوالى 3 آلاف شخص، وشرعوا فى تحطيم المنشآت العامة والخاصة، واعتدوا على قوات الشرطة احتجاجا على قرار رئيس بلدية المدينة، وحكم قضائى يقضى بتشغيل موقف سيارات بالمدينة يوم السبت، الأمر الذى يخالف الشريعة الدينية اليهودية. ووقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة والمتظاهرين، عندما حاولت الشرطة الفصل بين مظاهرة الدينيين، ومظاهرة أخرى نظمها حوالى ألف شخص من سكان القدس العلمانيين دعما لقرار افتتاح موقف السيارات. ورفعت مظاهرة العلمانيين شعارات تندد بالأصولية اليهودية، ومحاولات «الحريديم» اختطاف المدينة، والعودة بها آلاف السنين للوراء. وقد تعرضت قوات الشرطة لوابل من الأحجار والبيض الفاسد وزجاجات المياه، عندما طوقت حى «ميئا شعاريم»، وأصيب 4 من رجال الشرطة بإصابات بين خفيفة، ومتوسطة، قبل أن تنجح بقية القوات فى إلقاء القبض على 57 ناشطا من صفوف اليهود «الحريديم»، ونقلت ثلاثة منهم فى حالة خطرة لتلقى العلاج. وتسببت الإصابات فى صفوف الحريديم فى احتدام الأزمة، وقام المتظاهرون باعتراض حركة السيارات فى المدينة، والاعتداء بالضرب المبرح على قائدى السيارات المخالفين لشريعة السبت. واضطرت الشرطة الإسرائيلية لضخ أعداد هائلة من قوات الأمن، وفرض حظر تجوال فى حى «ميئا شعاريم»، وتطويق أحياء دينية أخرى فى المدينة خوفا من اتساع رقعة المواجهات. كانت القدس قد شهدت السبت قبل الماضى أيضا مظاهرات عنيفة قادها اليهود الحريديم ضد قرار نير بركات رئيس بلدية القدس بتشغيل موقف للسيارات داخل المدينة فى أيام السبت لتلبية احتياجات السكان العلمانيين السياح فى القدس، وعلى الرغم من خضوع بركات لضغوط الحريديم، واتخاذه قرارا بتشغيل موقف سيارات بديل بعيدا عن أحياء «الحريديم»، إلا أن المظاهرات استؤنفت مساء أمس، وطالبت بتطبيق شريعة السبت فى المدينة دون تباطؤ. وأعلن عدد من كبار الحاخامات فى إسرائيل دعمهم للجمهور الدينى اليهودى فى القدس، وهدد الحاخام «يوسيف ألياشيف» الزعيم الروحى لحزب «يهودية التوراة»، المعبر عن اليهود الغربيين، بالانسحاب من الائتلاف الحكومى، وإسقاط بنيامين نتنياهو، إذا أصر رئيس بلدية القدس على تطبيق قرار افتتاح موقف سيارات «سفرا» بالقدس، كما لوح الحاخام عوفديا يوسف الزعيم الروحى لحزب شاس، المعبر عن اليهود الشرقيين، بتشكيل تحالف واسع بين «الحريديم» لإبعاد رئيس بلدية القدس عن منصبه. وفى السياق نفسه أكد قادة المظاهرات الدينية اليهودية فى القدس أن لديهم اتفاقات مع الحكومة الإسرائيلية تقضى بعدم انتهاك حرمة يوم السبت والالتزام بالشريعة اليهودية التى تحظر على اليهودى القيام بأى عمل من غروب شمس الجمعة حتى غروب شمس السبت مهما كان بسيطا مثل إضاءة أو إطفاء مصابيح الكهرباء، أو ركوب السيارة، أو استخدام التليفونات، أو قيادة سيارة. وتحظر الشريعة أيضا مغادرة المنزل سيرا على الأقدام أكثر من اثنين كيلومتر، بالإضافة لمئات المحظورات الأخرى المستمدة من التوراة. وتسعى الأحزاب الدينية، منذ فترة طويلة، لتمرير قانون يفرض على الإسرائيليين الالتزام بشرائع السبت، دون جدوى نتيجة رفض الأحزاب والقوى العلمانية لقوانين الإكراه الديني. ونجح اليهود الدينيون فى إطار التسويات السياسية مع الأحزاب العلمانية فى اعتبار يوم السبت إجازة رسمية فى الدولة، ومنع تسيير المواصلات العامة، والعمل فى المتاجر خلاله، وتطبق هذه الاتفاقات فى عدد كبير من المدن الإسرائيلية.