المصريون مصابون بما يمكن وصفه بأنه «لعنة الفرحة»، فالتزايد فى الفرح وكذلك الحزن سمة أساسية عند المصريين، فعندما أدى المنتخب القومى مباراة جيدة مع البرازيل ثم فاز على إيطاليا بدأ الجميع يتأهب للفوز ببطولة القارات، واعتبروا أن الفوز على أمريكا أمر مفروغ منه.. ونسى الجميع أن الفريق يفتقد خط هجومه بالكامل عمرو زكى وأحمد ميدو وعماد متعب وأن الموهوب زيدان سيغيب عن اللقاء وهو الذى كان محور أداء المنتخب فى مباراتى البرازيل وإيطاليا، كما أن البنية الأساسية للمنتخب غير مؤهلة للفوز ببطولة القارات فالحظ يمكن أن يقف معنا فى مباراة وليس فى بطولة كاملة. حتى عندما انهزمنا من أمريكا فى واحدة من أسوأ مباريات المنتخب على الإطلاق غرقنا فى الحزن ولولا قصة عمرو أديب لانهالت السكاكين على المدير الفنى حسن شحاتة، الذى ارتكب أخطاء قاتلة «فى التشكيل وإدارة المباراة»، واللاعبين من كل مكان، لكن موضوع «شرف اللاعبين» أعاد المصريين مرة أخرى للتعاطف معهم.. ولو كنت مكان حسن شحاتة لصنعت تمثالاً لعمرو أديب لأنه أنقذه من الإقالة رغم أن ما فعله أديب يمثل سقطة مهنية كبيرة. أتذكر حينما نظمت مصر دورة الألعاب الأفريقية عام 1991 فرح المصريون للدرجة التى طالبوا فيها بضرورة تنظيم الأوليمبياد رغم الفارق الكبير بينهما، وعندما صعد المنتخب القومى لكرة القدم إلى كأس العالم عام 1990 وتعادل مع الفريق الهولندى من ضربة جزاء سددها مجدى عبدالغنى بدأنا نتحدث عن ضرورة الصعود للنهائيات بل الفوز بكأس العالم، ونسينا أن صعودنا جاء بعد 56 عاماً لم نصعد فيها لكأس العالم.. كما داعبت الأحلام المصريين بضرورة تنظيم كأس العالم التى انتهت بكابوس «الصفر». النجاح الجزئى يأتى صدفة لكن هذه الصدفة لا يمكن أن تصنع النجاحات الكبيرة والمستمرة.. فالأخيرة تحتاج إلى مقومات أساسية وإدارة محترفة وغيرها من عوامل النجاح.. ويجب ألا ننسى أن معظم المصريين فقدوا الأمل فى الوصول لكأس العالم بعد هزيمة المنتخب من الجزائر، خاصة مع فوز الجزائريين على زامبيا، لكن مع ظهور المنتخب القومى بمستوى جيد فى مباراتين ببطولة القارات عادت الأحلام مرة أخرى للمصريين بأن طريق الوصول لكأس العالم مفروش بالورود وهذا غير صحيح على الإطلاق فالوصول أصبح يحتاج إلى معجزة لا أعتقد أن الفريق المصرى بتركيبته الحالية قادر على تحقيقها. لكننا نعشق التمسك بالحبال الدائبة ونهوى تعليق أحلامنا على الشماعة كما يتغنى المطرب الجميل محمد منير حتى تصدمنا الحقيقة فنظل نلعن فى كل شىء ونبحث عن أمل جديد أو حلم آخر نتعلق به قد يكون بسبب أن كرة القدم أصبحت المجال الوحيد لأحلام وسعادة المصريين الذين أيضاً أدمنوا الإغراق فى الفرح والحزن.. والصدمات.. وكل «لعنة فرحة» وأنتم طيبون وحالمون.