فى طريقى إلى جنيف بسويسرا حملت فى حقائبى عددًا من الكمامات هربًا من أنفلونزا الخنازير، وفى قلبى خوف من مباراة مصر وإيطاليا وقلق من صعوبة مشاهدتها، وتفكير دائم فى تلك الكوارث والمخاطر التى سيناقشها المؤتمر، الذى أتيت للمشاركة فيه. كنت فى جنيف ضمن الوفد الرسمى المصرى المشارك فى «المنتدى العالمى للحد من أخطار الكوارث» والذى رأسه النشط الحالم الدكتور ماجد عثمان، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار فى مجلس الوزراء، وعدد من الخبراء المصريين من عدة جهات أمنية وعلمية. كثير من المسافرين فى مطار القاهرة يضعون الكمامات على وجوههم فيتجسد بداخلى الإحساس بالخوف، خاصة مع رسائل صديقى الدكتور عبدالهادى مصباح، التى تدعونى إلى مزيد من الحذر، هبطت أولاً فى مطار فرانكفورت - وهو واحد من أكبر المطارات فى العالم - وكان كعادته مزدحمًا بآلاف المسافرين من وإلى كل بلاد العالم، وكان اللافت للنظر هو عدم وجود أحد يرتدى كمامات، ما كل هذا الإهمال؟ فى جنيف الأمر لم يختلف سواء فى المطار أو داخل المدينة، الكل بلا كمامات، الجو حار جدًا، الرطوبة شديدة، ثم فجأة تهطل الأمطار.. جو غير صحى، الأنفلونزا قادمة لا محالة.. ما الذى يحدث فى هذه البلدان؟ ألم يسمعوا عن الوباء «H1N1»؟.. ما الفرق بيننا وبينهم، لماذا لا نرى هذا الذعر فى الشوارع والمطارات ومحطات التليفزيون؟! تليفزيون الفندق ليس به قنوات عربية سوى «الجزيرة» و«MBC»، إنه الانحياز إلى الجودة، بالسؤال عن كيفية مشاهدة المباراة المخيفة، تأتى الإجابة حاسمة: مقهى المصريين، اسمه «الأهرام»، نذهب أنا وأعضاء الوفد المصرى قبلها بيوم للاطمئنان على الأحوال، مصر بكل تفاصيلها فى جنيف، الكرم المصرى الذى يجمع كل الجنسيات، يعيدون مباراة مصر والبرازيل، شحذًا للهمم «الوزيرة المحترمة عائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة، والوزير الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الادارية كان هنا، معنا فى المقهى بمنذ يومين، أكلت معنا (الكسكسى) المغربى، تحدثت معنا وسمعت أخبارنا واطمأنت علينا وطمأنتنا على مصر». يوم المباراة تلقيت دعوة كريمة من الدبلوماسى الذكى هشام بدر، سفير مصر فى الأممالمتحدة، دعوة مزدوجة للعشاء ومشاهدة المباراة، اجتمعنا فى مقر السفير، الذى تمتلكه مصر على البحيرة الشهيرة فى جنيف، الدكتور ماجد عثمان، ود. محمد فرغلى، رئيس الأكاديمية البحرية والدبلوماسى محمد فخرى، والسفير وأنا، امتزجت مصر فينا، ذبنا فيها، ونسينا كل شىء ونحن نشاهد منتخب الفراعنة يهزم منتخب إيطاليا بطل العالم.. اختطلت صرخاتنا وفرحتنا واندفعنا نحو علم مصر الذى يرفرف على البيت الفخيم فى قلب البحيرة. صديقتى هدايت عبدالنبى، مديرة مكتب وكالة الأنباء الكويتية، تصرخ فى الهاتف: الفضائية المصرية لم تذع الخبر، كل القنوات العربية تهلل وتغنى ونحن ولا هنا، معقولة. اللواء خليل الشمالى، رئيس بعثة الكويت فى المؤتمر، يقول لى إنه بكى وهو يشاهد المباراة فى مقهى «الأهرام» وسط المصريين والعرب.. مصر لا تغيب أبدًا عن قلوب المصريين والعرب.. قد نغيب نحن لكنها أبدًا تعيش فينا! [email protected]