مجلس الذهب العالمي: صناديق استثمار الذهب الصينية سجلت أقوى أداء نصف سنوي على الإطلاق خلال النصف الأول من 2025    الحكومة تسعى لجذب 101 مليار جنيه استثمارات خاصة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة    ارتفاع شهداء عدوان الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم إلى 70    القسام تعلن استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية ودبابتين ميركافا في مدينة جباليا    تعرف على قائمة منتخب الدراجات قبل المشاركة في بطولة إفريقيا للمدارس بالجزائر    بايرن يؤجل عرضه الثالث لضم هداف شتوتجارت    إغلاق 3 أكاديميات تدريب وهمية في حملة ببني سويف    الحماية المدنية تنجح في السيطرة على حريق اشتعل بمخزن أجهزة كهربائية بالبدرشين    بيت السناري يستضيف ندوة إفادة الشعر من الفنون الأخرى وعلاقة الشكل بالتجديد غدا    في أولى حفلاته بالسعودية.. حسام حبيب يشيد بالتطور الفني ويشكر قيادات المملكة    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    بعد استقالته من شركة الكرة بالأهلي.. شوبير يكشف منصب أمير توفيق الجديد    الإصلاح والنهضة: الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية حجر الزاوية لاستقرار المنطقة    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    حملات مكثفة بالبحيرة.. غلق عيادات غير مرخصة وضبط منتحل صفة طبيب    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    «روزاليوسف» تواصل حلقات «الطريق إلى البرلمان»    سعر طن الحديد اليوم فى مصر ما بين 38 ألف إلى 38500 جنيه    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    الشاطر أمير كرارة والبنت الشقية هنا الزاهد؟!    "جريئة".. نادين نسيب نجيم تتألق بأحدث ظهور والجمهور يغازلها (صور)    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    الرئيس السيسي يهنئ الإمارات بذكرى يوم "عهد الاتحاد"    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    الصحة توجه نصائح للمواطنين بشأن الطقس الحار وتحذر من ضربات الشمس    5 مكملات غذائية ضرورية للنساء قبل سن الياس    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    مبادرة "أسوان بلا إدمان" تشن حملات مفاجئة بالأكمنة المختلفة    محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحى بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاى    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال الجيزة 2025 (الموعد والخطوات)    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    المتمردون المدعومون من الكونغو ورواندا يوقعون إعلان مبادئ لوقف إطلاق نار دائم    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    رسالة هامة من التنظيم والإدارة للمرشحين للاختبارات الإلكترونية بمركز تقييم القدرات والمسابقات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    اليوم.. بدء محاكمة المتهم بقتل سائق أمام مستشفى فاقوس ب الشرقية    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    المصري يستبعد محمود جاد من معسكر تونس.. اعرف التفاصيل    الشرع للدروز والبدو: الحاجة ماسة لتغليب صوت العقل والحكمة    تركيب قضبان مشروع القطار الكهربائي السريع العين السخنة - مطروح | فيديو    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    بيسكوف: لا معلومات لدينا حول لقاء محتمل بين بوتين وترامب وشي جين بينج    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بداية ونهاية فى إيران

بصرف النظر عن مدى انتشار التزوير فى الانتخابات الإيرانية الأخيرة من عدمه، فإن ما يحدث فى شوارع طهران الآن يعتبر فعلا ظاهرة فريدة من نوعها، لم تعرفها تلك البلاد منذ اندلاع الثورة الإسلامية فيها عام 1979.. معظم المعلقين المتخصصين فى الشؤون الإيرانية يعتبرون أن الذى يحدث فى إيران يعكس انشطارًا اجتماعيًا بين الريف والمدينة، حيث يرتبط سكان الريف بالتيار المحافظ الممثل فى الرئيس أحمدى نجاد، الذى سيدافع فى نظرهم عن «مكاسب الثورة».
بينما يتطلع معظم سكان المدن لمستقبل أفضل لهم، تتحول فيه مدنهم لأماكن متحررة ومتطورة وتعددية، كمدن العالم الصناعى العالمية فى أوروبا وأمريكا وآسيا التى يتلاحمون معها عن طريق الفضائيات وال»يوتيوب وفيس بوك وتويتر»، وطرق أخرى كثيرة جعلت منهم مواطنين فى قرية عالمية موحدة، رغم عزلتهم الجسدية داخل الجمهورية الإسلامية.
إن الانتفاضة الشعبية الدائرة حاليا فى إيران لا تعبر عن رفض للرئيس الإيرانى فحسب، لكنها تعبر بالدرجة الأولى عن حالة امتعاض عام ونبذ لثيوقراطية النظام الإيرانى نفسه، فمن المعروف أن السلطة الحقيقية فيه ليست بيد الرئيس المنتخب، سواء كان أحمدى نجاد أو غيره، إنما فى يد القيادة الكهنوتية العليا غير المنتخبة، فمن الصعب جدا تصور أن يعرّض كل هذا العدد الهائل من الناس حياته للخطر فى سبيل الاعتراض على نتائج انتخابات لمنصب بيروقراطى، يشبه فى صلاحياته وأهميته السياسية وظيفة رئيس الوزراء عندنا!
إذا صح ذلك، أعتقد أننا نرى، فى هذه المظاهرات الحاشدة، التى وصل حضور بعضها لمئات الآلاف المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل أفكارهم، بداية النهاية للنظام الثيوقراطى الإيرانى.. فحتى إن صحت ادعاءات مرشد الثورة (التى تراجع عنها جزئيا) بأن الانتخابات الأخيرة كانت فى مجملها صحيحة، فمن المتوقع ازدياد نوعية الإيرانيين الطموحين فى التحرر، المتصلين بالعالم الخارجى والمتطلعين لملاحقته، فى المستقبل، ذلك فى حالة نجاح النظام الإيرانى فى استكمال مسيرة تطوير التعليم والاقتصاد التى نجح فيها جزئيا، أما إذا فشل فى مثل هذه الأشياء فمصيره مشؤوم أيضا، ولأسباب بديهية.
ربما يؤول الوضع المستقبلى فى إيران فى النهاية لنفس المعضلة التى يواجهها النظام الصينى الناجح اقتصاديا، والناتج بجدارة لفئات صاعدة عالية التعليم والثقافة، وربما ستقدم النخبة الحاكمة بإيران على تقليد ما ينجح فيه مرحليا النظام الصينى حتى الآن فى مجالات قمع المعارضة وكبتها، لكن يصعب تخيل نجاح ذلك على المدى الطويل، لأن النظام الصينى لا يتدخل فى حياة الناس اليومية، فالكبت فى الصين شبه مقصور منذ سنوات على المجال السياسى، أما فى إيران فيعتبر النظام نفسه وصيًا أخلاقيًا وروحيًا وأدبيًا على الناس، بل يتعامل مع التراث الأدبى والفنى والثقافى العالمى بعقلية ضابط مكافحة المخدرات.
ربما قد يتجه النظام الإيرانى إذن فى النهاية، فى غياب خيارات أخرى تضمن البقاء، لصورة «إسلامية» من كوريا الشمالية، أى أن يقدم على إحكام العزلة التامة على مواطنيه، حيث لا يستطيع أحد منهم تقريبا السفر للخارج أو التحدث مع الأجانب أو استقبال الفضائيات أو استخدام الإنترنت والمحمول إلخ.. أى أن يؤول لمجتمع يعيش فى عصور ما قبل الحداثة، تتخلله مجاعات متكررة يروح ضحيتها الملايين، لكنه فى نفس الوقت فخور بامتلاكه للصواريخ طويلة المدى والقنابل النووية..
 هذا احتمال، لكن لن يكون من السهل فرض العزلة التامة على شعب اندمج جزء مهم منه مع المجتمع المعلوماتى العالمى، وذاق من خلال ذلك طعم الحرية والتعددية االسياسية والمعرفية والثقافية منذ سنين. وهنا يتضح عمق مأزق النظام الإيرانى، لأنه إذا كان من المستحيل حجب سيل المعلومات والتلاقى مع الخارج فهو محتوم عليه بالانهيار إذا ظل فى صورته الحالية.
فمن المعروف أن من أهم العناصر التى أدت إلى الحراك الاجتماعى فى ألمانيا الشرقية سابقا، وانتهت بالمظاهرات الحاشدة التى فتكت بحائط برلين فى النهاية، تجسدت فى البث التلفازى الذى كان يخترق تلك الحائط ويعبر الحدود الوهمية من ألمانيا الغربية، ليصور حقيقة مغايرة، تعبر عن أوضاع مجتمع مفتوح وحر ومزدهر..
ولأن التصور يسبق عادة الفعل، كان على الألمان الشرقيين عيش التجربة التصورية عن طريق التلفاز على مدى عقود قبل خوضها فعليا، حين صار عددهم كافيا وأتيحت لهم الفرصة المناسبة (مع ذلك لا يجب هنا نسيان العشرات الذين حاولوا، عبر عقود الظلام الحالكة، اجتياح منطقة السور المنيع، بحقول الألغام التى تخللتها، وقاوموا نيران الحراس وكلابهم الفتاكة تحت زعيق الأنوار الكاشفة لوحدتهم البائسة).
المجتمع المدنى المتمدن، المتجسد فى المظاهرات الإيرانية الأخيرة، هو جزء من مجتمع- عالمى عالى التعليم وعقلانى النزعة، يشتهى اقتناء وتبادل المعلومات- صارت أجزاؤه متصلة عضويا فى كل أركان الأرض، بفضل تصور ذهنى مشترك للعالم نتج عنه التلاقى المستمر، تصور لا يلغى بل يدعم قيم التعددية الفكرية والثقافية والتواصل الحضارى..
وهو نفس المجتمع العابر للقارات الذى أتى ب»أوباما» للسلطة، فمن يطالع خارطة الانتخابات الأمريكية الأخيرة يلاحظ فورا أن سكان المدن الكبيرة وضواحيها هم الذين أتوا بتلك الظاهرة الفذة للسلطة، بينما صوتت أمريكا النائية بأغلبيات ساحقة لصالح خليفة «بوش». يبدو أن نفس الظاهرة بدأت تجتاح إيران، لكن «على صغير».. ومهما كانت النتيجة المرحلية، فإن هذا يشكل بداية النهاية لل«جمهورية الإسلامية» كما عرفناها عبر العقود.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.