الغرفة المركزية ل"الجبهة الوطنية" تواصل أعمالها لمتابعة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    كامل الوزير: النقل والصناعة جناحان متكاملان لبناء الجمهورية الجديدة    وزيرا خارجية مصر والسودان ومسؤول أممي يبحثون الجهود الإنسانية في السودان    برشلونة يرد رسميًا على الاتحاد الإسباني في أزمة استبعاد يامال    الشرطة تساعد المسنين للإدلاء بصوتهم في الانتخابات البرلمانية ببني سويف.. صور    حادث تصادم على طريق مرسى علم يتسبب في مصرع نجل وابن شقيقة مرشح مجلس النواب    مفيدة شيحة: محمد صبحي غادر العناية المركزة وحالته تتحسن    وزير الصحة يبحث مع هيئة الدواء وشركتي مالتي كير فارما الإيطالية وجيبتو فارما آليات التعاون في علاج الأمراض النادرة    "الزراعة" تستعرض أنشطة المركزي لمتبقيات المبيدات خلال أكتوبر    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    مصرع أم بطلق ناري خرج من سلاح ابنها أثناء العبث به في شبرا الخيمة    إعلامي يكشف حقيقة معاقبة زيزو بسبب نائب رئيس الزمالك    الجامعة الأمريكية بالقاهرة تحتفل بفوز الكاتب إبراهيم نصر الله بجائزة نيوستاد الدولية للأدب    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    الوطنية للانتخابات: مشاجرة بين أنصار مرشحين في إسنا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    في واقعة الشاب المصفوع.. عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه    علي ماهر: فخور بانضمام سباعي سيراميكا للمنتخبات الوطنية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    محمد عبد العزيز: صناع البهجة يُكرَّمون ثم تُتجاهل أفلامهم    بعد الأزمة الصحية لمحمد صبحي.. شقيقه: وزير الصحة تواصل مع أبنائه لمتابعة حالته (خاص)    صدام بين ترامب وحليفته الجمهورية "مارجوري تايلور جرين" بعد زيارة الرئيس السوري للبيت الأبيض    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    مجلس الشباب المصرى لحقوق الإنسان يدعو المواطنين لاستكمال المشاركة بالانتخابات    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    تحرير 110 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    أوباميكانو: هذا الثلاثي أسهم في نجاحي    إحباط من المقربين.. حظ برج الدلو غدًا 12 نوفمبر    إقبال كثيف على جميع لجان الاقتراع فى انتخابات النواب بالإسكندرية.. فيديو    «سنة و50 يومًا» يحتاجها زائر المتحف المصري الكبير لمشاهدة كل القطع الأثرية المعروضة (تحليل بيانات)    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية داعش مدينة نصر لجلسة 11 يناير    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    برشلونة يرد على اتهامات الاتحاد الإسبانى بشأن أزمة لامين يامال    اجتماع تنسيقي بين الأهلي وسموحة لترتيبات سوبر اليد    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    "إنتلسيا" توقّع مذكرة تفاهم مع «إيتيدا» وتتعهد بمضاعفة كوادرها في مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    رحلات تعليمية وسياحية لطلاب المدارس بالشرقية    «العمل» تستجيب لاستغاثة فتاة من ذوي همم وتوفر لها وظيفة    غزة على رأس طاولة قمة الاتحاد الأوروبى وسيلاك.. دعوات لسلام شامل فى القطاع وتأكيد ضرورة تسهيل المساعدات الإنسانية.. إدانة جماعية للتصعيد العسكرى الإسرائيلى فى الضفة الغربية.. والأرجنتين تثير الانقسام    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    تأكيد مقتل 18 شخصا في الفلبين جراء الإعصار فونج - وونج    الأهلي يكشف جاهزية إمام عاشور لمواجهة شبيبة القبائل بدوري الأبطال    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    بكام طن الشعير؟.. أسعار الأرز والسلع الغذائية ب أسواق الشرقية اليوم الثلاثاء 11-11-2025    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بداية ونهاية فى إيران

بصرف النظر عن مدى انتشار التزوير فى الانتخابات الإيرانية الأخيرة من عدمه، فإن ما يحدث فى شوارع طهران الآن يعتبر فعلا ظاهرة فريدة من نوعها، لم تعرفها تلك البلاد منذ اندلاع الثورة الإسلامية فيها عام 1979.. معظم المعلقين المتخصصين فى الشؤون الإيرانية يعتبرون أن الذى يحدث فى إيران يعكس انشطارًا اجتماعيًا بين الريف والمدينة، حيث يرتبط سكان الريف بالتيار المحافظ الممثل فى الرئيس أحمدى نجاد، الذى سيدافع فى نظرهم عن «مكاسب الثورة».
بينما يتطلع معظم سكان المدن لمستقبل أفضل لهم، تتحول فيه مدنهم لأماكن متحررة ومتطورة وتعددية، كمدن العالم الصناعى العالمية فى أوروبا وأمريكا وآسيا التى يتلاحمون معها عن طريق الفضائيات وال»يوتيوب وفيس بوك وتويتر»، وطرق أخرى كثيرة جعلت منهم مواطنين فى قرية عالمية موحدة، رغم عزلتهم الجسدية داخل الجمهورية الإسلامية.
إن الانتفاضة الشعبية الدائرة حاليا فى إيران لا تعبر عن رفض للرئيس الإيرانى فحسب، لكنها تعبر بالدرجة الأولى عن حالة امتعاض عام ونبذ لثيوقراطية النظام الإيرانى نفسه، فمن المعروف أن السلطة الحقيقية فيه ليست بيد الرئيس المنتخب، سواء كان أحمدى نجاد أو غيره، إنما فى يد القيادة الكهنوتية العليا غير المنتخبة، فمن الصعب جدا تصور أن يعرّض كل هذا العدد الهائل من الناس حياته للخطر فى سبيل الاعتراض على نتائج انتخابات لمنصب بيروقراطى، يشبه فى صلاحياته وأهميته السياسية وظيفة رئيس الوزراء عندنا!
إذا صح ذلك، أعتقد أننا نرى، فى هذه المظاهرات الحاشدة، التى وصل حضور بعضها لمئات الآلاف المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل أفكارهم، بداية النهاية للنظام الثيوقراطى الإيرانى.. فحتى إن صحت ادعاءات مرشد الثورة (التى تراجع عنها جزئيا) بأن الانتخابات الأخيرة كانت فى مجملها صحيحة، فمن المتوقع ازدياد نوعية الإيرانيين الطموحين فى التحرر، المتصلين بالعالم الخارجى والمتطلعين لملاحقته، فى المستقبل، ذلك فى حالة نجاح النظام الإيرانى فى استكمال مسيرة تطوير التعليم والاقتصاد التى نجح فيها جزئيا، أما إذا فشل فى مثل هذه الأشياء فمصيره مشؤوم أيضا، ولأسباب بديهية.
ربما يؤول الوضع المستقبلى فى إيران فى النهاية لنفس المعضلة التى يواجهها النظام الصينى الناجح اقتصاديا، والناتج بجدارة لفئات صاعدة عالية التعليم والثقافة، وربما ستقدم النخبة الحاكمة بإيران على تقليد ما ينجح فيه مرحليا النظام الصينى حتى الآن فى مجالات قمع المعارضة وكبتها، لكن يصعب تخيل نجاح ذلك على المدى الطويل، لأن النظام الصينى لا يتدخل فى حياة الناس اليومية، فالكبت فى الصين شبه مقصور منذ سنوات على المجال السياسى، أما فى إيران فيعتبر النظام نفسه وصيًا أخلاقيًا وروحيًا وأدبيًا على الناس، بل يتعامل مع التراث الأدبى والفنى والثقافى العالمى بعقلية ضابط مكافحة المخدرات.
ربما قد يتجه النظام الإيرانى إذن فى النهاية، فى غياب خيارات أخرى تضمن البقاء، لصورة «إسلامية» من كوريا الشمالية، أى أن يقدم على إحكام العزلة التامة على مواطنيه، حيث لا يستطيع أحد منهم تقريبا السفر للخارج أو التحدث مع الأجانب أو استقبال الفضائيات أو استخدام الإنترنت والمحمول إلخ.. أى أن يؤول لمجتمع يعيش فى عصور ما قبل الحداثة، تتخلله مجاعات متكررة يروح ضحيتها الملايين، لكنه فى نفس الوقت فخور بامتلاكه للصواريخ طويلة المدى والقنابل النووية..
 هذا احتمال، لكن لن يكون من السهل فرض العزلة التامة على شعب اندمج جزء مهم منه مع المجتمع المعلوماتى العالمى، وذاق من خلال ذلك طعم الحرية والتعددية االسياسية والمعرفية والثقافية منذ سنين. وهنا يتضح عمق مأزق النظام الإيرانى، لأنه إذا كان من المستحيل حجب سيل المعلومات والتلاقى مع الخارج فهو محتوم عليه بالانهيار إذا ظل فى صورته الحالية.
فمن المعروف أن من أهم العناصر التى أدت إلى الحراك الاجتماعى فى ألمانيا الشرقية سابقا، وانتهت بالمظاهرات الحاشدة التى فتكت بحائط برلين فى النهاية، تجسدت فى البث التلفازى الذى كان يخترق تلك الحائط ويعبر الحدود الوهمية من ألمانيا الغربية، ليصور حقيقة مغايرة، تعبر عن أوضاع مجتمع مفتوح وحر ومزدهر..
ولأن التصور يسبق عادة الفعل، كان على الألمان الشرقيين عيش التجربة التصورية عن طريق التلفاز على مدى عقود قبل خوضها فعليا، حين صار عددهم كافيا وأتيحت لهم الفرصة المناسبة (مع ذلك لا يجب هنا نسيان العشرات الذين حاولوا، عبر عقود الظلام الحالكة، اجتياح منطقة السور المنيع، بحقول الألغام التى تخللتها، وقاوموا نيران الحراس وكلابهم الفتاكة تحت زعيق الأنوار الكاشفة لوحدتهم البائسة).
المجتمع المدنى المتمدن، المتجسد فى المظاهرات الإيرانية الأخيرة، هو جزء من مجتمع- عالمى عالى التعليم وعقلانى النزعة، يشتهى اقتناء وتبادل المعلومات- صارت أجزاؤه متصلة عضويا فى كل أركان الأرض، بفضل تصور ذهنى مشترك للعالم نتج عنه التلاقى المستمر، تصور لا يلغى بل يدعم قيم التعددية الفكرية والثقافية والتواصل الحضارى..
وهو نفس المجتمع العابر للقارات الذى أتى ب»أوباما» للسلطة، فمن يطالع خارطة الانتخابات الأمريكية الأخيرة يلاحظ فورا أن سكان المدن الكبيرة وضواحيها هم الذين أتوا بتلك الظاهرة الفذة للسلطة، بينما صوتت أمريكا النائية بأغلبيات ساحقة لصالح خليفة «بوش». يبدو أن نفس الظاهرة بدأت تجتاح إيران، لكن «على صغير».. ومهما كانت النتيجة المرحلية، فإن هذا يشكل بداية النهاية لل«جمهورية الإسلامية» كما عرفناها عبر العقود.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.