يحتل ملف حقوق الإنسان فى إيران أهمية كبيرة لدى المنظمات الدولية التى تتهم الجمهورية الإسلامية بانتهاك حقوق مواطنيها والتمييز ضد المرأة وضد السُنَّة والعرب. وفى حملته الانتخابية لفت مير حسين موسوى، المنافس المعتدل للرئيس الحالى محمود أحمدى نجاد، الانتباه لهذا الملف بعدما أعلن أنه سيوليه اهتماما خاصا فى حال فوزه بمنصب الرئاسة.. وكان موسوى قد أكد نيته بناء إطار مؤسسى تابع لرئاسة الجمهورية يُعنى بمسألة حقوق الإنسان، مشيرا إلى الانسجام الكبير بين تعاليم الإسلام كدين والمبادئ العريضة للإعلان العالمى لحقوق الإنسان. ووعد موسوى فى بيان باحترام الخصوصيات الفردية وضمان حرية التعبير والتجمع وإنصاف الأقليات سياسيا والدفاع عن حقوق المرأة ومنع كل أشكال التعذيب. ومن الواضح أن الملف أصبح أكبر من أن يتم التغاضى عنه وهو ما اضطر الرئيس الإيرانى إلى إلقاء كلمة خلال اجتماع وزارى لدول عدم الانحياز، أكد فيها أن الكمال يتحقق من خلال مراعاة حقوق الإنسان وتولى أشخاص لائقين إدارة شؤون البشر. وأكد أن "الله خلق الإنسان وميَّزه وجعله أشرف المخلوقات ومن أهم ما يميزه عن سائر المخلوقات التنوع واتساع دائرة الحقوق"، واعتبر نجاد أن "حق الحرية السمو من حقوق الإنسان المسلَّم بها". وكان مركز المدافعين عن حقوق الإنسان- المؤسسة الحقوقية الإيرانية الوحيدة التى تعمل داخل البلاد- الذى أغلقته الحكومة مؤخرا قدم للمرشحين الأربعة للرئاسة الإيرانية مقترحا بتشكيل وزارة لحقوق الإنسان لمواجهة انتهاكات حقوق المواطنين من قبل المؤسسات الحكومية، التى تتحمل المسؤولية كاملة عن انتهاكات حقوق الطلبة والعمال والمعتقلين السياسيين وقضايا المرأة. ومن جانبها ترى الدولة رسميًا أن كل ما يقال عن انتهاكات حقوق الإنسان بها لا يزيد على كونه "مخططات للنيل من سمعتها الدولية"، وذهب هاشمى رافسنجانى رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام إلى اعتبار أن تلك الانتقادات تهدف إلى "النيل من الإسلام". ومن أبرز القضايا التى تنال اهتماما كبيرا من المنظمات الحقوقية الدولية قضية إعدام القصَّر فى طهران والتى تعد واحدة من خمس دول فقط فى العالم تطبق عقوبة الإعدام على القصَّر. ونص تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2009 على أن السلطات الإيرانية لا تزال تفرض قيودا مشددة على حرية التعبير، وتشن "حملات قمعية" ضد نشطاء المجتمع المدنى، بمن فى ذلك العاملون على تعزيز حقوق المرأة والأقليات. ونقل التقرير شكاوى الأقليات العربية والأذرية والكردية والبلوشية من إصرار الحكومة على تهميشهم وعدم تعزيز حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما جعل الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون يطالب طهران فى أكتوبر 2008 بسن قوانين تتماشى مع المعايير الدولية وحقوق الإنسان "وإنهاء التمييز ضد المرأة والأقليات العرقية". وليس العرب فقط هم من يعانون التمييز الذى يمتد ليشمل السُنة، وخلال العام الماضى فقط تم اغتيال ثلاثة من رجال الدين السنة فى "ملابسات غريبة"، وتم اعتقال آخرين، وإعدام اثنين. واعتقلت السلطات 42 بهائيا و51 مسيحيا و139 من المواطنين السنة و103 من الدراويش الشيعة المعروفين بدراويش جوناباد. ونفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام شنقا أو رجما فى حق 297 متهما، منهم 16 شخصا من أهل السنة، 8 منهم دون سن الثامنة عشرة. ولمواجهة الاستياء من تصاعد وتيرة الإعدامات فى إيران يلجأ النظام إلى قتل السجناء السياسيين فى سجن (كوهردشت) بمدينة كرج (غربى العاصمة طهران) وذلك باستخدام مخدرات تتضمن مواد سامة خطرة. الأمر الذى أودى بحياة عديد من السجناء العزل، وادعت السلطات أنهم انتحروا أو استخدموا مخدرات أكثر من اللازم. ولم يسلم العمال أيضا من حملات الاعتقال الواسعة التى شملتهم خلال العام الماضى، وأصدرت المحاكم الإيرانية أحكاما بالسجن والجلد فى حق 26 ناشطا عماليا، واعتقلت 84 منهم خلال مظاهرات احتجاجية نظمها العمال للمطالبة بحقوقهم. وقال تقرير للخارجية الأمريكية أن سلطات النظام الإيرانى صعّدت الإجراءات القمعية ضد السجناء السياسيين فى السجون والمعتقلات، وتمارس بحقهم إجراءات صارمة وضد الناشطات الإيرانيات والأقليات القومية والطلاب الناشطين والأقليات الدينية.