فى الطريق السريع أتعمد أن أكون بطىء الفهم حتى لا أتجاوز السرعة المقررة ويصورنى الرادار وقد احتجت إلى ثلاث سنوات لأكتشف أن التمثال الذى يتوسط الميدان ويلقى الناس عليه النقود من باب التفاؤل مثل نافورة «روما» هو عسكرى مرور، وبسبب هذا البطء علاوة على «أصيص ورد» أضعه على باب الشقة يظن الجيران أننى فقيه دستورى تقديره «هو» يأتى فى أول الجمعة ويحل محل الفاعل ثلاثة أيام فى الأسبوع لتفصيل القوانين.. وقد سألنى أحدهم وأنا داخل الأسانسير وهو يصعد السلم: هل نحن نملك الحكومة أم نؤجرها؟ فاقترحت عليه أن يسأل البواب لأنه يعرف الداخلين والخارجين وشرحت له أننى عثرت على وزارة بيئة بحالة الفابريكة وسلمتها له وعرفت منه أنهم باعوا المصانع واحتفظوا بالمداخن تكريماً للوزير، فأخيراً ظهر الوزير فى حفل زفاف فى أحد الفنادق الخالية من العوادم والمخلفات وأن البحر واحد والسمك ألوان والتغيير هو سنة الحياة، وإذا كانت الحكومة ترفض التغيير فعلى المواطن أن يغير بنفسه يشاور لتاكسى ويركب الأتوبيس ويحجز لوكانده وينام فى الشارع، ويسمع إن عمه مريض يروح يزور خالته، فإذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون حتى لو كانت حياة سياسية داخل صوبة زجاجية، فاقترح الرجل من باب التغيير أن يركب هو الأسانسير وأصعد أنا على السلم وقال إن وقوع العلاوة أفضل من انتظارها، واتهمنى بالتعصب ضد الوزير جورج وكأن المتهم برىء حتى تثبت ديانته. وقال إن الدكتور محمد عبداللاه كان رئيساً للعلاقات الخارجية فى المجلس وعندما ترك المجلس أصبح رئيساً للعلاقات الخارجية فى الحزب وكان رئيساً للجامعة وعندما ترك الجامعة أصبح رئيساً لمدرسة وكأنه عهدة حكومية فرفضت ذلك وأخبرته أن الدكتور محمد عبداللاه ربما كان أحد البنود السرية فى معاهدة كامب ديفيد مثل تصدير الغاز لكنه لم يقتنع، وقال إن التغيير الوحيد الذى حدث هو أنهم منعوا الغش فى الامتحانات وقرروا أن يغشوا فى الأدوية.. ثم قال فين تعليم زمان، أيامنا لم يكن المدرس يقتل التلميذ فى داخل الفصل بل كان بمنتهى الذوق يلبد له فى الفسحة ناحية الكانتين ويطخه.. ثم بدأ من باب التغيير يغير الاتجاه وينزل على السلم فسألته (رايح فين؟) فقال (أنا غلطت أنا مش ساكن فى العمارة دى!). [email protected]