يتفق معى صديقى العزيز حافظ المرازى فى أن أحزاب التوك شو أصبحت هى اللاعب الرئيسى فى الحراك السياسى هذه الأيام، مع الاعتذار للأحزاب السياسية المرفوعة مؤقتاً من الخدمة (إرادياً ولا إرادياً).. حزب العاشرة برئاسة منى الشاذلى هو حزب مصر الفتاة، وحزب القاهرة اليوم برئاسة عمرو أديب هو حزب الليبراليين الجدد.. والبيت بيتك هو الحزب الوطنى حتى وإن أبى محمود سعد.. أيضاً 90 دقيقة هو حزب العمل، ودائماً ما يسأل معتز الدمرداش إيه العمل؟.. وائل الإبراشى استحدث حزباً جديداً هو حزب الحقيقة (المُرة).. أما عمرو الليثى فينافس الدكتور رفعت السعيد على حزب التجمع فى واحد من الناس، وكأنه يرفع راية اليسار الجديد.. نأتى إلى حزب الحياة اليوم فمازال شريف عامر يطلب له المدد ويقول (يا بدوى).. وحزب سيد على 48 ساعة وهو حزب تحت التأسيس مثل حزب الكرامة.. وأخيراً حزب أحمد المسلمانى فى الطبعة الأولى وهو حزب الصدمة.. هذه الأحزاب التليفزيونية نجحت فى إشغال الفراغ السياسى المتسبب فيه قانون الأحزاب الحالى بقيوده الفولاذية.. وأنا أعجب كثيراً من جرأة بعض المحللين السياسيين اللامتناهية حين يلقون باللائمة على زعماء أحزاب المعارضة وينتقدون أداءهم الحزبى بل ويشمتون فيهم لأنه ليس لديهم جماهيرية أو قاعدة شعبية وكأنه لا توجد موانع تحول دون نزولهم للشارع.. وكأنه لا يوجد مشاكل تشريعية فى قانون الأحزاب الحالى.. الدكتور على الدين هلال يؤكد دائماً فى كثير من لقاءاته الإعلامية أنه دون منافسة حزبية لن يكون لدينا حراك سياسى بل سوف يؤثر ذلك على حيوية الحزب الوطنى ويصيبه بالترهل، وأعتقد أن السيد صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطنى رئيس لجنة الأحزاب، يؤمن بذلك أشد الإيمان.. فما المشكلة إذن؟!.. لماذا يسمحون بتشكيل أحزاب تليفزيونية تتحرك بمنتهى الحرية جماهيرياً وفضائياً، بينما لا تحصل الأحزاب السياسية الأرضية على هذا الحق.. بعض الخبثاء يقولون ربما لأن منافسات الأحزاب التليفزيونية لا تؤدى إلى تداول حقيقى للسلطة الحزبية فيظل الحزب الوطنى هو سيد الموقف.. وأنا أشك كثيراً فى هذا الكلام.. لماذا؟.. لأن النخب السياسية فى مصر جميعها متفقة على ضرورة تعزيز الديمقراطية وأنه من غير المنطقى أن يتم تحرير الاقتصاد المصرى والتوجه نحو الخصخصة واقتصاد السوق وحماية المنافسة ومنع الاحتكار، بينما المشهد السياسى يعانى من غياب هذه الرؤية نحو التنافسية.. لا حراك دون تنافسية.. والأحزاب التليفزيونية نجحت كثيراً فى عمليات التثقيف السياسى وإثارة وعى الجماهير بالمشاركة، وبالتالى الساحة ممهدة الآن للمرحلة الثانية من تعزيز الديمقراطية.. ومن هنا أتمنى على كل صاحب ضمير وطنى فى هذا البلد أن يبادر بدعم التوجه نحو قانون أحزاب جديد يضمن حرية التعبير، ويحفز الشباب والجماهير على الانضمام إلى الأحزاب كقنوات شرعية للمشاركة فى الحراك السياسى.. عندها سوف تختفى الأحزاب تحت الأرضية واللاشرعية وتنفتح الاختيارات الآمنة أمام أبناء هذه الأمة، فيدخلون عالم السياسة فى ثقة وطموح متناسين ميراث الخوف وزمن وراء الشمس وزمن «امشى جنب الحيط».. أو الأحوط أن تمشى جوه الحيط.. من فضلكم.. قانون أحزاب جديد.. أحزاب أرضية، وليست تليفزيونية. [email protected]