الإثنين.. بدء تسكين الطالبات بالمدينة الجامعية للطالبات بجامعة الأزهر بأسيوط.    وزير الدفاع يلتقى نظيره بدولة البوسنة والهرسك لبحث تعزيز العلاقات وتبادل الخبرات    وزير الإسكان : 6 أشهر مهلة اضافية لتقديم طلبات التنازل عن الوحدات والمحال والأراضي بالمدن الجديدة    وزير الرى يتفقد مشروع تنمية جنوب الوادي بأسوان    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    لقاء مرتقب بين زيلينسكي وترامب على هامش اجتماعات الأمم المتحدة    التشكيل الرسمي لقمة مان يونايتد ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي    بعثة بيراميدز تصل مطار القاهرة استعدادا للسفر إلى السعودية لمواجهة أهلي جدة    بايرن ميونخ يكتسح هوفنهايم بالأربعة في الدوري الألماني    بهدف تجميل وتطوير الأحياء| تدشين مبادرة «الكيانات الشبابية» في المطرية    الطبيب المزيف: «8 سنوات بعالج الناس ومفيش مريض اشتكى»    مصرع عامل وإصابة 10 آخرين فى حادث انقلاب سيارة ببنى سويف    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    رحيل الفنان التشكيلى مجدي قناوي عن عمر 82 عامًا .. وفاروق حسني ينعيه    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    الإفتاء تعلن أول أيام شهر ربيع الآخر لعام 1447 هجريا غدا بعد صلاة المغرب    رئيس الجالية المصرية بجدة: زيارة وزير الخارجية إلى المملكة تعكس متانة العلاقات التاريخية    المخرج أكرم فريد يقدم ورشة مجانية للمواهب الشابة ضمن مهرجان بورسعيد السينمائي    فستان جريء.. كيف نسقت نيكول سابا إطلالتها في أحدث ظهور؟    طالب ترامب بعزلها وترحيلها للصومال.. من هي إلهان عمر عضوة الكونجرس؟    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا تعرف عليها..    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    واقعة قديمة.. الداخلية تنفي مشاجرة سيدتين بالشرقية    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    "كان بيعدي الطريق".. مصرع طالب بالعلاج الطبيعي في حادث مأساوي بالقليوبية    تحذيرات من النظر.. كسوف جزئي للشمس غدا الأحد (تفاصيل)    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب5 قرى بمركز سوهاج    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    مصادر إسرائيلية: إصابة عدد من الجنود جراء انفجار في قطاع غزة    إطلاق مبادرة لنظافة شوارع القاهرة بمشاركة 200 شاب    "مش قادرة أقعد وشايفاكم حواليا" رسالة موجعة لفتاة مطروح بعد فقدان أسرتها بالكامل (فيديو)    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    محافظ الدقهلية يهنئ "الشاذلي" بحصوله على الدكتوراه في الاقتصاد العسكري    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    جوارديولا يحذر لاعبيه من كارثة جديدة أمام أرسنال    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    نظر تجديد حبس البلوجر علياء قمرون| بعد قليل    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قداسة البابا شنودة الثالث

علاقتى بقداسة البابا شنودة الثالث قديمة وعميقة، ولكن الدافع المباشر لكتابة هذا الحديث هو ذلك البرنامج التليفزيونى الذى يتمتع بمشاهدة واسعة الذى ظهر فيه قداسته أخيراً، والذى تناول فيه موضوعات عديدة مهمة ومفيدة، ومما أسعدنى كثيراً فى هذا البرنامج قول قداسته إنه لم يصرح للإخوة الأقباط بزيارة بيت المقدس إلا بعد أن يزول من عليها الاحتلال الإسرائيلى البغيض.
وأن قداسته رغم شوقه العارم - وهذا طبيعى - لزيارة هذه الأماكن المقدسة مهد السيد المسيح عليه السلام فإنه حال بين نفسه وبين تحقيق هذه الرغبة، وكذلك فعل مع الإخوة الأقباط المسيحيين، وقال إنه لن يأذن بذلك إلا بعد أن يتاح للأقباط المسلمين أن يذهبوا لزيارة هذه الأماكن وزيارة قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وعبارة «الأقباط المسلمين» هى عبارة استعملها قداسته ذلك أنه يرى - وهذا صحيح - أن كلمة الأقباط تعنى المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين.
ويقينا فإن شوقى لزيارة هذه الأماكن وزيارة كنيسة القيامة وبيت لحم والصلاة فى المسجد الأقصى هى دون شوق قداسته بكثير، ومع ذلك ومع تصريحات بعض قيادات الأزهر بأنه لا مانع من مثل هذه الزيارة (مع الاعتذار للصديق العزيز الوزير المستنير الدكتور/ حمدى زقزوق الذى أحترم رأيه كثيراً)، فقد حلت بين نفسى وبين هذه الزيارة الحبيبة التى أسير فيها فى الطرقات التى سار فيها السيد المسيح عليه السلام وهو صبى وأتبع خطواته إلى جبل الآلام، وأسير معه حيث سار فى اليوم الأخير، وأتذكر ما كتبه أستاذنا العظيم المرحوم محمد كامل حسين فى كتابه الرائع «قرية ظالمة»، وأسير فى نفس الدروب والطرقات إلى حيث كان ما كان.
وعلى ذكر «قرية ظالمة» فإن هناك فى قداسة البابا بعض الجوانب التى لا يعرفها كثيرون ممن ينظرون إليه على أنه رأس الكنيسة الأرثوذكسية، ولا يرون جوانبه الإنسانية الغنية الأخرى، كثيرون لا يعرفون حبه للأدب وروايته للشعر بل نظمه لقصائد عديدة، ولا يعرفون ما يتمتع به قداسته من خفة ظل وقفشات لا يحسنها غير المصريين.
كنت مرة فى زيارة قداسته - وقد لا يصدق كثيرون أننى وأنا المسلم أجد راحة كثيرة عندما أجلس إليه، وأشكو إليه بعض همى، وأطلب منه الدعوات وأحس أن كلماته ودعواته تتسرب إلى قلبى فى يسر عجيب، وقلت له يومها إن فلاناً من أصدقائى المسيحيين قد استعار منى «قرية ظالمة» ولم يعدها فقال قداسته ضاحكاً: أصل صاحبك ده هو نفسه قرية ظالمة، على كل حال سأرسل لك نسخة غداً، وبر بما وعد ومازلت رغم توالى طبعات «قرية ظالمة» أحتفظ بالطبعة التى أرسلها لى قداسته.
وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فقد تلقيت أنا والصديق العزيز محمد فائق دعوة من المرحوم أبوعمار لزيارة الضفة الغربية، وكان ذلك فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى، وبعد أن تداولنا قررنا الاعتذار عن عدم الذهاب رغم محبتنا وتقديرنا لأبى عمار رحمه الله وعوض شعبه المسكين عنه خيراً.
وكان صعباً علىَّ وعلى الصديق المناضل محمد فائق أن نعتذر لياسر عرفات، ولكننا لم نستطع أن نتصور أن جوازات سرفنا تختم بختم إسرائيل التى يرى البعض فى هذه الأيام العجاف أنها أكثر قرباً منا من إيران التى يعتبرها هؤلاء العدو المشترك.
لهذا أفهم جيداً مشاعر قداسة البابا الرجل الصادق الوطنية والصادق الشعور، والذى قال قولة خالدة رائعة لا أنساها يوماً من الأيام «إن مصر ليست وطناً نعيش فيه وإنما مصر وطن يعيش فينا».
من يستطيع أن يعبر هذا التعبير العظيم العميق الدلالة غير وطنى كبير وأديب كبير.
إن هذه العبارة تعبر بعمق عن معنى الانتماء ومعنى المواطنة، كل من يعيش على أرض مصر ويحمل جنسيتها مواطن لا يفرق بينه وبين أى مواطن آخر دين أو اعتقاد أو جنس، كل المصريين سواء، هذه القاعدة القانونية يجب أن نطبقها تطبيقاً سليماً، هل من المعقول ألا يكون فى مجلس الشعب المصرى إلا نائب مسيحى واحد منتخب هو وزير المالية، على حين أنه عندما كانت فى مصر حياة حزبية حقيقية كان عدد المسيحيين فى المجلس يزيد أحياناً على عشرين عضواً وكان رئيس مجلس النواب مسيحياً فى إحدى الدورات فى ظل حكم الوفد وكان وزير الخارجية مسيحياً،
فى ذلك الوقت كان مبدأ المواطنة محترماً لأن الحياة السياسية كلها كانت فيها حرية حقيقية، صحيح كانت الانقلابات على هذه الحياة السياسية الديمقراطية تأتى دائماً من جانب القصر وأحزاب الأقليات حتى إن حزب الأغلبية لم يحكم طوال الفترة من 1924 وحتى 1952، أى فى ظل دستور 1923 إلا سنوات قليلة، وكل هذا هو الذى أدى بين أسباب كثيرة أخرى إلى ما حدث فى 23 يوليو 1952.
وإذا قارنا بين تصرف حزب الأغلبية فى تلك الفترة إزاء الإخوة الأقباط وتصرف حزب الأغلبية الآن لأدركنا قيمة الحياة السياسية الحقيقية.
أقول قولى هذا مع أنى لم أكن وفدياً قط فى يوم من الأيام رغم اهتمامى بالسياسة منذ صغرى، وقد شاءت الرومانسية والتعلق بالأحلام - وهى طبيعية فى مرحلة الشباب - أن أنخرط فى صفوف الحزب الوطنى القديم، حزب مصطفى كامل، مع على منصور وعصمت سيف الدولة وأحمد مجاهد وماهر محمد على رحمهم الله جميعاً ومع نخبة من أروع شباب مصر فى ذلك الزمان.
ولكنى عندما نضجت لم أتنكر أبداً لجذورى وإن اعترفت بفضل الوفد على الحياة الدستورية فى تلك الفترة بين 1924 و1950.
وأعود إلى قداسة البابا شنودة الثالث وكيف بدأت علاقتى بقداسته. يرجع ذلك إلى أوائل ثمانينيات القرن الماضى عندما اتخذ الرئيس السادات قرارات عصبية فى سبتمبر 1981 من بينها القبض على قرابة ألفى مصرى من جميع ألوان الطيف السياسى من أقصى اليمين ومن سن العشرين إلى سن الثمانين ومن المسيحيين والمسلمين. ولم يترك فريقاً فى مصر إلا وآلمه.. سامحه الله.
وفى يوم من أيام تلك الفترة العصيبة اتصل بى الأنبا بسنتى وحددنا موعد اللقاء ويبدو أنه كان معروفاً عنى أننى من المؤمنين إيماناً حقيقياً بفكرة المواطنة، وبأننى لا أفرق فى ذلك بين مسيحى ومسلم، وجاءنى الأنبا بسنتى وقابلته سعيداً بزيارته حفياً بها، ومازالت الصداقة تجمع بيننا حتى هذه اللحظة، وكنت متطلعاً لما جاء نيافته ليقوله لى.
قال: لقد جئت إليك من أجل ذلك الخلاف الناشب بين قداسة البابا شنودة والرئيس السادات وقرار رئيس الجمهورية بتنحية البابا من منصبه وتعيين لجنة مؤقتة لإدارة أمور الكنيسة، وأن هذه اللجنة رفضت أن تقوم بما عهد إليها به، وسألنى إذا كنت أقبل أن أكون ضمن هيئة الدفاع عن قداسة البابا أمام القضاء الإدارى.
وبغير أن أتردد لحظة واحدة قبلت تلك المهمة على الفور، وقلت ذلك لنيافة الأنبا بسنتى الذى كان سعيداً بموقفى ونقله إلى قداسة البابا.
وكان قداسته كريماً معى كل الكرم إذ قال للزملاء المحامين الكبار من الأقباط لقد اخترت معكم فلاناً فما رأيكم، قالوا جميعاً إننا نرحب به زميلاً عزيزاً.
قال قداسته سأنبئكم لماذا اخترته.
أنتم تقولون إنه واحد من أكبر أساتذة القانون الدستورى والإدارى والقضية منظورة أمام مجلس الدولة. هذه واحدة.
أما الثانية فهو مسلم وأنا رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
والثالثة أنه عمل وزيراً مع الرئيس السادات وهو قريب منه، ومع ذلك لم يتردد لحظة واحدة فى أن يقف معى فى مواجهة قرار قدر أنه غير سليم من الناحية القانونية.
من أجل هذه الأسباب الثلاثة اخترته.
ومن يومها وعلاقتى مع قداسته تزداد كل يوم احتراماً وتقديراً وحباً من جانبى وعطفاً ومحبة من جانب قداسته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.