قال الكثيرون إن الرئيس مرسى ارتكب نفس خطايا مبارك. أدان القاضى مبارك بما قال إنه إهمال أدى إلى قتل المتظاهرين. نفس الإدانة تساءل معلقون: ألا تنطبق على الرئيس مرسى؟ قُتل المتظاهرون على باب قصره. من المسؤول؟ فى العامين الماضيين ردد كثير من المصريين حديثاً عن «المحاسبة السياسية». قالوا فى أحيان كثيرة «محاكمة سياسية» لعصر سابق ارتكب الخطايا. ليس فقط المحاكمة القانونية والجنائية. كثير من الاتهامات التى لوحق بها العصر السابق تنطبق على العصر الحالى. الإخوان من بين من تصدروا لمبدأ محاكمة العصر السابق سياسياً. بعضهم عقد ما يشبه المحاكمات الصورية فى نقابة المحامين لرموز العصر السابق. حاكموهم عن اتفاقية السلام. حاكموهم عن تصدير الغاز. حاكموهم عن وضع معبر رفح. حاكموهم عن الإجراءات الاقتصادية. حاكموهم عن موت الضحايا فى الحوادث القدرية. حاكموهم عن انتشار الأمراض المزمنة. حاكموهم عن هجرة المصريين إلى الخارج.. وغير ذلك. مثال بسيط. فى العامين الماضيين دار جدل كبير حول أدلة المحاكمات المهدرة. تم تحميل المسؤولية لنائب عام ترك موقعه. تم تحميل المسؤولية لأجهزة أمنية لم تكن تعمل وقت الانتفاضة. وقعت أحداث عنف كثيرة منذ جاء الرئيس مرسى إلى الحكم. أين الأدلة عليها. وصل نائب عام جديد. لم يجب حتى الآن عمن قتل شهداء مظاهرات الاتحادية. لماذا لا يلهث الإخوان وراء من قتلوا المنتمين إليهم. لم سكتوا؟! أين التحقيقات. من الذى يعتبر مسؤولاً عن جرائم جمعة المحاسبة؟ من المسؤول عن حريق الوفد؟ من المسؤول عن ترويع الإعلاميين؟ ومن.. ومن؟ والآن: هل علينا أن نحاكم الإخوان لأنهم أبقوا على اتفاقية السلام. لم يستفتوا عليها الشعب كما قالوا. الرئيس مرسى يتبادل الرسائل فى المناسبات مع الرئيس بيريز. سفير مصر عاد إلى تل أبيب. العلاقات طيبة جداً بين مصر وإسرائيل. التعاون بينهما يتخطى ما كان من تعاون بين مبارك وقرنائه فى إسرائيل. الوضع الأمنى الآن فى سيناء متدهور أضعاف ما كان عليه فى عصر مبارك. الغاز ظل يصدر لبعض الوقت لإسرائيل. لم أقرأ عن تعديل أسعار تصدير الغاز لدول أخرى. معبر رفح يخضع لقيود من حين إلى آخر. الأطفال الخمسون الذين ماتوا فى مأساة منفلوط ذكَّروا المصريين بحوادث أخرى فى عصر مبارك. الجريمة تقضى على الشعب أكثر من فِعْل الأمراض فيهم. المصريون لا يهاجرون عبر مياه البحر ليموتوا، لكن الأسلحة بالأطنان تأتى إلى أرضهم لتميتهم. الاقتصاد تراجع مرات ومرات عما كان عليه فى عصر مبارك. تراجع مرات عما كان عليه وقت الحكم العسكرى فى الفترة الانتقالية. الحكومة عاجزة عن أن تفعل شيئاً. الاستثمار الخارجى أصبح صفرياً. الاستثمار المحلى كذلك. أليس من الواجب أن نحاكم من هو مسؤول عن ذلك سياسياً. الذين جعلوا رقم الاستثمار الخارجى يكاد يكون لا شىء بعد أن كان عشرة مليارات دولار سنوياً. الذين أهدروا معدلات السياحة بعد أن كانت 12 مليون سائح سنوياً. من المسؤول بسياساته الفاشلة عن هذه الفرص الضائعة. من أهدر ما كان موجوداً. مَنْ أدى إلى هذا الانهيار.. ألا تجب محاسبته؟! ثار المصريون من أجل وضع أقل مأساوية من ذلك الذى هم فيه!!! أن تقول إنك تستطيع، ثم يتضح أنك غير قادر.. هذه جريمة. جريمة الخداع. أن يتضح أنك لا تملك رؤية.. وقد قلت إنها لديك، هذه جريمة. جريمة الادعاء. الذين سبقوك أياً ما كانت الملاحظات عليهم كانت لديهم رؤية. ترفضها، تقبلها، لكنها كانت رؤية. لا توجد رؤية الآن. لا توجد قدرة. فشل يتلو فشلاً. مليارات الاحتياطى النقدى تتدهور يوماً تلو آخر. البطالة تتزايد. الجريمة تخطو نحو معدلات أسطورية. التوتر الاجتماعى يفوق أى توقع. الفقر يتضاعف. لائحة اتهام لا تقل سوءاً إن لم تزد عما وجه إلى عصر سابق!! [email protected]