مجلس الشيوخ يوافق على تغليظ عقوبة سرقة الكهرباء    مصر ضمن أبرز الوجهات المفضلة للبلجيكيين في عيد الميلاد 2025    وزير الطيران يبحث مع سفير الإمارات بالقاهرة تعزيز التعاون المشترك    الصحة العالمية تطالب بسرعة إدخال الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لقطاع غزة    لاعب وسط مودرن سبورت ضمن معروض على الزمالك    تنفيذ برامج تدريب وتوعية وريادة ل 334 مستفيدا بمراكز الشباب بالشرقية    كشف ملابسات فيديو متداول بشأن إدعاءات كاذبة ضد رجال الشرطة بالبحيرة    مصرع ممرضة صدمها قطار خلال عبورها شريط السكة الحديد بالقليوبية    «السياحة والآثار» تكشف حقيقة تحرير الوزير محاضر ضد الصحفيين    وزير الثقافة ومحافظ القاهرة يتفقدان متحف الشمع لوضع خطة عاجلة لتطويره وتهيئته لاستقبال الجمهور    نصائح منظمة الصحة العالمية لتسوق وطهي الطعام بأمان    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان عدد من المنشآت الطبية الجديدة    اقتصادي: انعقاد منتدى الشراكة الروسية الإفريقية بالقاهرة يؤكد الدور المصري في دعم التنمية الاقتصادية للقارة السمراء    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة الأمل للصم ويطمئن على الخدمات التعليمية    محافظ القاهرة: تصدر العاصمة مدن أفريقيا الأكثر تأثيرًا يمثل تكليفًا لجهود الدولة    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية    سبورتنج يعلن قائمة مواجهة الأهلي اليوم فى كأس السوبر المصري لسيدات السلة    160 مليار جنيه لدعم التموين في 2025.. «كاري أون» أكبر سلسلة تجارية حكومية تنطلق لتطوير الأسواق وتأمين الغذاء    نائب وزير الإسكان يستقبل مسئولي إحدى الشركات التركية لبحث فرص التعاون في مشروعات المياه والصرف الصحي    البحيرة.. ضبط 3 محطات وقود بالدلنجات لتجميعها وتصرفها في 47 ألف لتر مواد بترولية    مصرع شخصين وإصابة ثالث إثر انقلاب سيارة أعلى كوبري أكتوبر بالشرابية    حبس عاطل 4 أيام بعد ضبطه بحوزته 20 فرش حشيش بالجيزة    تصاريح الحفر لمد الغاز بقرى «حياة كريمة» وخطة لتوصيل الخدمة ل6 مناطق سكنية في 2025    «التخطيط» تترأس اجتماعًا تحضيريًا للجنة المصرية – الأرمينية المشتركة للتعاون الاقتصادي    الأقصر تتلألأ في يوم الانقلاب الشتوي.. الشمس تتعامد على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك في مشهد فلكي ومعماري مدهش    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. حفلات ليالي الفن تضيء العام الجديد    برلمانية المؤتمر: تعديلات قانون الكهرباء خطوة ضرورية لحماية المرفق    القاهرة الإخبارية: تخوف إسرائيلي من اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب نهاية الشهر الحالي    تاريخ من الذهب.. كاف يستعرض إنجازات منتخب مصر فى أمم أفريقيا    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم مدينة قلقيلية ‫ويداهم بناية    اختفاء 16 ملفا من وثائق إبستين المنشورة بموقع وزارة العدل الأمريكية    حيماد عبدلي: منتخب الجزائر يسعى للذهاب بعيدًا ببطولة أمم أفريقيا    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    الصحة: إغلاق 11 مركزًا خاصًا للنساء والتوليد ب5 محافظات لمخالفتها شروط الترخيص    أبرز المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026.. غادة عبد الرازق ونور النبوي في الصدارة    "معلومات الوزراء" يستعرض أبرز المؤشرات الاقتصادية العالمية للعامين 2025 و2026    «الرعاية الصحية» تطلق حملة للمتابعة المنزلية مجانا لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن    من مصر منارةً للقرآن إلى العالم... «دولة التلاوة» مشروع وعي يحيي الهوية ويواجه التطرف    د.حماد عبدالله يكتب: "اَلَسَلاَم عَلَي سَيِدِ اَلَخْلقُ "!!    تكريم لمسيرة نضالية ملهمة.. دورة عربية لتأهيل الشباب في حقوق الإنسان تحمل اسم محمد فايق    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    رئيس جامعة الازهر يوضح بلاغة التعريف والتنكير في الدعاء القرآني والنبوي    إصابة 14 عاملا فى حادث انقلاب أتوبيس بالشرقية    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 3 ملايين جنيه    الري تتابع إيراد النيل.. تشغيل السد العالي وإدارة مرنة للمياه استعدادًا للسيول    فريدة سيف النصر تنعي سمية الألفي بكلمات مؤثرة وتسرد ذكرياتهما معاً    وزارة التموين تطلق قافلة مساعدات جديدة بحمولة 1766 طنًا لدعم غزة    انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون الكهرباء    شهر رجب.. مركز الأزهر العالمي للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    نادي المقاولون العرب يعلن تعيين علي خليل مستشارا فنيا لقطاع الناشئين    مواعيد مباريات اليوم الأحد 21-12- 2025 والقنوات الناقلة لها | افتتاح أمم إفريقيا    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام 2025    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    عضو بالأرصاد: أجواء مستقرة ودرجات حرارة طبيعية خلال الأسبوع الجاري    علاء نبيل: حذرت أبو ريدة من الصدام بين طولان وحسام حسن قبل كأس العرب    ندوة بمعرض جدة للكتاب تكشف «أسرار السرد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



19 نوفمبر: 35 عاما من عمرنا
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 11 - 2012

مرت على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات للقدس المحتلة 35 عاماً بالتمام والكمال، ففى يوم 19 نوفمبر من عام 1977 قرر الرئيس الراحل أن يذهب لعدو العرب التاريخى فى عقر داره، فى زيارة مفاجئة لم يتوقعها حتى أنصاره، واستقال على إثرها اثنان من أهم رجال السياسة والدبلوماسية فى العالم العربى، هما الراحلان محمود رياض، أمين جامعة الدول العربية، وإسماعيل فهمى، وزير الخارجية.
وقد تغيرت على إثر هذه الزيارة أشياء كثيرة وبقيت أخرى على حالها، إلا أنها شكلت بالنسبة لجيلى ولأجيال سابقة حدثاً تاريخياً فارقاً ونقطة فاصلة بين عصرين، الأول حلمنا فيه بأن نحرر فلسطين بالسلاح، والثانى نقلنا بسرعة البرق من الحلم، وربما الأمل فى هذا التحرير، إلى قسوة الواقع الذى كشف حجم الضعف والفشل العربى.
دُهشت من زيارة السادات حين كنت طالباً فى الثانوى ولم أعارضها أو أوافق عليها، وحين دخلت الجامعة عارضت اتفاقية السلام التى وقّعها السادات مع إسرائيل رغم تأييد تيار واسع من عموم المصريين لها.
وانقسم العالم العربى عقب توقيع هذه الاتفاقية بين محور الصمود والتصدى (عراق صدام حسين، وسوريا حافظ الأسد، وليبيا القذافى، واليمن الجنوبى «الشيوعية» - القبلية، وجزائر هوارى بومدين)، ومصر السادات التى استقطبت سودان جعفر النميرى وعُمان السلطان قابوس.
وبقيت دول الخليج العربى والمغرب وتونس والأردن رسمياً خارج المحورين، فقد أعلنت معارضتها اتفاقية كامب ديفيد، وجمد بعضها علاقاته السياسية مع مصر دون أن يصل الأمر إلى مرحلة القطيعة والسباب التى تبادلتها نظم الصمود والتصدى مع السادات.
وراهن البعض فى مصر على محور الصمود والتصدى، واعتبر صدام حسين نموذجاً والأسد رمزاً والقذافى خليفة عبدالناصر، إلى أن أثبتت الأيام أن كل هذه الرهانات كانت واهية، وأن هذه النظم كانت أكثر سوءاً من نظامى السادات ومبارك، وأن سقوطها كان أكثر بشاعة وقسوة من سقوط الأخير.
والمؤكد أن العالم العربى عاش على مدار ما يقرب من 35 عاما فى ثنائية وهمية، بدأت بالحديث عن محور الاعتدال والواقعية الساداتى فى مواجهة محور الصمود والتصدى، الذى سُمى بعد ذلك ب«محور الممانعة».
ولعل ثورات الربيع العربى قد كشفت أزمة كلا الطرفين، فلا المعتدلون أصبحوا معتدلين حقيقيين قادرين على التأثير والفعل الإقليمى والدولى كما كان يُنتظر منهم، ولا المتشددون حاربوا إسرائيل على سبيل السهو والخطأ منذ حرب 1973.
والمؤكد أن مشكلة «الاعتدال» المصرى ليس فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أى نظام عربى منذ مبادرة السادات إلى القدس عام 1977)، إنما فى فشله فى تحويل اتفاقية التسوية إلى معركة تنمية وتقدم.
والمؤكد أن الولع المصرى، طوال عهد مبارك، بدبلوماسية العلاقات العامة واللقاءات التليفزيونية والأحاديث المنمقة، التى تطالب إسرائيل بضبط النفس، وإدانة قتل المدنيين، بات غير مؤثر، فلا الدعوات المصرية والعربية المتكررة بضبط النفس جعلت إسرائيل تتراجع ولو مرة واحدة عن قراراها «بعدم ضبط النفس»، ولا رفض العدوان وشجبه منع إسرائيل من تكراره عشرات المرات.
وإذا كانت هناك مشكلة فى الأداء السياسى والدبلوماسى والإعلامى المصرى طوال العهد السابق، وتحسن جزئياً فى العهد الحالى، فإن الجانب الآخر الذى عُرف بأنه متشدد لم يبق منه إلا نظام بشار الأسد المتهاوى وميليشيات حزب الله التى لن تحارب إسرائيل من أجل القضايا العربية، إنما فقط دفاعاً عن إيران، فالنظام السورى لم يدخل فى مواجهة عسكرية من أى نوع مع إسرائيل، كما أنه دخل قبل اندلاع الثورة السورية فى مفاوضات سرية مع الجانب الإسرائيلى بوساطة تركية. أما قطب الممانعة / التشدد الأكبر والأكفأ، أى إيران، فلديه مشروع سياسى متكامل فى قلبه المشروع النووى، وهنا تحاول إيران بمهارة فى كثير من الأحيان أن تمتلك أكبر قدر من الأوراق الإقليمية لتحقيق نجاحات لصالح هذا المشروع، فامتلكت الورقة الأهم فى العراق فى ظل غياب كامل للدور العربى، وامتلكت ورقة حزب الله فى لبنان، وأخيراً امتلكت ورقة ضعيفة فى فلسطين تراجعت بعد وصول الإخوان للسلطة فى مصر ودعمهم الواضح لحركة حماس.
وصار من غير المنطقى أن يتحدث البعض عن خيار ممانعة بالشعارات يدفع ثمنه الأبرياء فى قطاع غزة، فى حين يجلس قادته متفرجين على كل الجرائم الإسرائيلية من لبنان إلى الضفة الغربية، ومن غزة إلى أى مكان آخر.
ولو افترضنا أن حماس فصيل متشدد، كما يصوره البعض، لا يقرأ الواقع الدولى والإقليمى بصورة جيدة، وورّط الشعب الفلسطينى فى مأساة إنسانية نتيجة إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، فماذا قدم المجتمع الدولى والولايات المتحدة لسلطة عباس المعتدلة، وللشعب الفلسطينى من أجل التحرر وبناء دولته المستقلة؟ لا شىء إلا الكلمات.
من المؤكد أنه بعد 35 عاماً على زيارة القدس، وبعد عامين على انطلاق الثورات العربية، وبعد 5 أشهر لوصول أول رئيس إخوانى لحكم مصر، اتضح مرة أخرى لمن يعتبر أن المعارضة الأيديولوجية التى رفع لواءها بعض التيارات القومية والإسلامية، وطالبت بمواجهة إسرائيل بالحرب / الجهاد، وزايدت على الرئيس المصرى بأن أداءه لم يختلف عن مبارك فى حرب غزة - وهو غير صحيح - لأنه لم يحارب إسرائيل، واكتفى بالشجب والإدانة.
والحقيقة أنه لا يوجد فصيل سياسى أو عسكرى أو دولة عربية أو إسلامية قادرة - أو راغبة - على محاربة إسرائيل من أجل تحرير فلسطين، وإنما فقط ستدافع عن أراضيها ضد أى عدوان للدولة العبرية، وأن الخيارات العقائدية للتيارات السياسية يجب أن تتفاعل مع الواقع المعاش كما هو وليس كما تتمناه، وتعمل على أن تغير فيه وتنتج تفاعلاً بين العقيدة السياسية والواقع، فلا تجعل الأولى تحلق فى الهواء الطلق بعيداً عن الواقع، ولا تجعل الأخير يحرك كل الخيارات السياسية والأخلاقية. لقد فشل حكامنا المعتدلون والمتشددون، بسبب شعارات «مصر أولاً» و«اتركونا ناكل عيش» دون أى إطار قيمى يجعل حاكمنا المخلوع يشعر بالعار حين استقبل وزيرة خارجية إسرائيل تسيبى ليفنى قبل يوم من العدوان الإسرائيلى على غزة فى ديسمبر 2008، ولا القاتل بشار يشعر بالخجل من متاجرته بالممانعة والصمود ليقتل شعبه بالقنابل والصواريخ.
من المؤكد أنه فى كل دول العالم يوجد متشددون ومعتدلون، وهناك صقور وحمائم، فإسرائيل نفسها تعرف هذه الثنائية (حتى لو كانوا جميعاً صقوراً علينا)، وإيران بها الإصلاحيون والمحافظون، ومصر بها متشددون ومعتدلون، ومن الطبيعى أن يكون على أرض فلسطين متشددون ومعتدلون، ولا بأس أن تكون حماس ممثلة للتشدد، والسلطة معبرة عن الاعتدال، لكن عليهما أن تلتزما بثوابت خطاب التحرر الفلسطينى، وأن تختلفا بالطرق السلمية لا برفع السلاح، لأننا لأول مرة فى تاريخ تجارب التحرر الوطنى نجد أن التباين بين قوى التشدد والاعتدال لا يخدم قضية التحرر، إنما يخدم قوة الاحتلال، وهى كارثة حقيقية حان الوقت لتجاوزها إذا أردنا أن نؤسس لنظم عربية جديدة وفاعلة تتجاوز ثنائية الفشل التى عرفناها على مدار 35 عاما بين معتدلين فاشلين وممانعين أكثر فشلاً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.