3 ملايين حاج فى «منى» لرمى الجمرات.. وجو صافٍ على «عرفات» بعد توقف الأمطار

أدى ما يقرب من 3 ملايين مسلم ركن الحج الأكبر، أمس، حيث صعدوا إلى جبل عرفات فى مشهد إيمانى مهيب ليشهدوا الوقفة الكبرى عند جبل الرحمة، وسط أجواء صافية وطقس صحو بعد توقف الأمطار الغزيرة التى هطلت على منطقة المشاعر المقدسة أمس الأول.
وارتفعت أصوات الحشود التى غطى لون لباس إحرامها الأبيض الشعاب والساحات فى عرفات مرددين «لبيك اللهم لبيك»، داعين الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم ذنوبهم.
ونفر الحجيج مع مغيب شمس أمس إلى مزدلفة، حيث يعودون من جديد إلى منى ليقتدوا هناك بأبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام بذبح الأضاحى صباح أول أيام عيد الأضحى اليوم الجمعة 10 من ذى الحجة، وتبدأ غدا أيام التشريق الثلاثة، ويتم خلالها رمى الجمرات فى منى، وبعدها يؤدى الحجاج طواف الوداع حول الكعبة المشرفة، ويتحللون من الإحرام.
وفى سياق متصل، تسببت الأمطار الغزيرة التى هطلت أمس الأول على مكة المكرمة وجدة فى مقتل 70 شخصاً، إلا أنه لم ترد تقارير عن وجود حجاج بين قتلى السيول التى أجبرت السلطات على إغلاق طريق سريع إلى مكة المكرمة، مما أدى إلى محاصرة بعض الحجاج الذين لم يتمكنوا من استكمال رحلتهم.
وغرق البعض أو قتلوا بسبب انهيار جسور وتصادم سيارات بينما قال متحدث باسم أجهزة إنقاذ سعودية إن 900 شخص آخرين أنقذوا بعدما تقطعت بهم السبل بسبب السيول التى سببتها أمطار وصلت إلى 76 ملليمترا، وتعد أغزر أمطار تهطل على السعودية منذ سنوات.
وفى خطبته بوقفة عرفات ظهر أمس فى مسجد نمرة، قال الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتى السعودية، إن «واجب المسلمين محاربة بلاء الإرهاب.. العالم يشكو من هذا البلاء، والعمليات الانتحارية التى جلبت على العالم الإسلامى البلاء دمرت البنية التحتية والمنشآت وشلت السواعد وفرقت المجتمع».
وأضاف آل الشيخ «من التحديات التى يواجهها المسلمون ممن يدعون الإسلام، إيقاد الفتنة والحرب والتقاتل بين الأشقاء.. أنهم أرادوا تفريق شمل الأمة واستعداء الأعداء وعزمهم على تسييس الحج وإحلال الفوضى والشغب».
كان آلاف الحجاج الإيرانيين قد تجمعوا داخل مخيمهم بمشعر عرفات أمس ورددوا هتافات أعلنوا خلالها مجددا «البراءة من المشركين»، دون حوادث.
وبدأت هذه التظاهرة وهى تقليد سنوى بالدعاء الذى قدمه الشيخ محمد ريشهرى، أمير بعثة الحج الإيرانية، ممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله على خامنئى. وتلا ريشهرى بيان خامنئى أمام المجتمعين، حيث قال فيه «نرى اليوم يد أعداء العالم الإسلامى وهى تعمل أكثر من ذى قبل للفرقة بين المسلمين.. نحن اليوم أحوج للألفة القلبية والوئام والوحدة بين المسلمين».
وأضاف أن «فلسطين تعانى الآلام والمسجد الأقصى يتعرض لخطر جدى وشعب غزة مضطهد.. والتطهير العرقى غير المسبوق.. وأفغانستان تبتلى تحت وطأة المحتلين.. الوضع الأمنى فى العراق يفقد الشعب حريته.. واقتتال الأخوة فى اليمن تضيف للأمة الإسلامة طعنة جديدة».
وتابع أمير بعثة الحج الإيرانية: «وصيتى للعلماء السنة والشيعة وخطيب الحرم المكى أن يتنبهوا للوضع الراهن فى العالم الإسلامى ويصرخوا فى وجه المعتدين والظالمين وأن يبدوا براءتهم من المشركين بأقوالهم وأعمالهم».
وردد الحجاج الإيرانيون هتافات «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل»، ولم يسجل أى تواجد لقوى الأمن السعودية قرب مقر البعثة الإيرانية.
ورفعت السلطات السعودية حالة الاستعداد إلى الدرجة القصوى بعد التنبؤات التى أعلنت عنها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية بأن سوء الأحوال الجوية فى المناطق الغربية بالمملكة سيستمر لمدة 3 أيام وأن الفرصة لهبوط أمطار قد تكون متاحة خاصة فى المشاعر المقدسة.
وقررت إدارة الدفاع المدنى الاستعانة بسلاح الجو السعودى فى نقل الحالات التى تحتاج إلى رعاية طبية خاصة خارج مستشفيات منى وعرفات إلى مستشفيات الرياض وجدة بواسطة طائرات الهليكوبتر وC130 وستتم الاستعانة بهذه الطائرات أيضا فى عمليات تمشيط منطقة المشاعر المقدسة خاصة فى المناطق الواقعة تحت المنحدرات والجبال.
من جهة أخرى، اتصل الرئيس حسنى مبارك، أمس، بالدكتور على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى، رئيس البعثة الرسمية للحج هذا العام، للاطمئنان على صحة الحجاج المصريين عقب الأمطار الغزيرة التى هطلت على مكة المكرمة، أمس الأول، حيث طمأن المصيلحى الرئيس مبارك وأكد له أن جميع الحجاج وأفراد البعثة بخير وبصحة جيدة.
وأمّ فضيلة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، حجاج القرعة وصلى بهم الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ورفض طنطاوى الإقامة فى الأماكن المعروفة ب«الضيافة الملكية» على عرفات، مفضلاً الإقامة فى مخيمات إدارة بعثة حج القرعة.
ومن جانبها أعلنت البعثة المصرية الرسمية أن جميع الحجاج المصريين البالغ عددهم 72 ألفاً بخير ولم يتم الإبلاغ عن أى حالة وفاة بينهم بسبب الأمطار فيما وصل عدد حالات الوفاة الطبيعية الناتجة عن الأمراض المزمنة والوفاة الطبيعية إلى 13 حالة.
وفى بعثة الحج السياحى أكد أسامة العشرى، وكيل أول وزارة السياحة المشرف على بعثة الحج السياحى، أنه أصدر تعليمات فورية لجميع مندوبى الشركات السياحية بوقف عمليات التصعيد لحين هدوء واستقرار الأحوال الجوية، قبل استكمال تصعيد الحجاج إلى عرفات.
وقال اللواء دكتور صلاح هاشم، رئيس الجهاز التنفيذى لبعثة حج القرعة، إنه أوقف تصعيد 40% من حجاج القرعة المصريين خلال الفترة التى شهدت زيادة هطول الأمطار، وأن غالبية المخيمات المصرية للبعثات الثلاث بعيدة عن مخرات السيول والمرتفعات والجبال والمنحدرات.
وتجولت سيارات إسعاف وعيادات متنقلة فى جميع نواحى منى والطرق المؤدية إلى المشاعر المقدسة لتقديم الخدمات الصحية ومراقبة الحالات المشتبهة بالإصابة بفيروس «AH1N1» المعروف باسم أنفلونزا الخنازير.
ويتولى أكثر من مائة ألف عنصر أمن سعودى إضافة إلى 15 ألف عضو فى الفرق الطبية السهر على أمن الحجاج وسلامتهم، وتم تثبيت 600 كاميرا للمراقبة فى منطقة رمى الجمرات فيما وضعت 1852 كاميرا داخل الحرم المكى وفى محيطه.
وعلى صعيد متصل، وجه الرئيس الأمريكى باراك أوباما، التحية، الأربعاء، إلى الحجاج المسلمين الذين يؤدون فريضة الحج فى مكة المكرمة.
وقال أوباما فى بيان إنه وزوجته ميشال يوجهان «أطيب التمنيات لجميع الذين يؤدون فريضة الحج هذا العام، وكذلك إلى المسلمين الذين يحتفلون فى أمريكا وفى العالم أجمع بعيد الأضحى»، وأعرب أوباما عن سروره لكون وزارة الصحة الأمريكية تعاونت هذا العام مع وزارة الصحة السعودية للحد من تفشى فيروس «AH1N1» فى صفوف الحجاج.