شدد مارتن إندك، مدير معهد «سابان» بروكينجز لدراسات الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط طوال رئاسة الرئيس الأمريكى بيل كلينتون على أنه لا سبيل للسلام فى المنطقة إلا بحل إقامة دولتين، معتبراً أن السادات وكيسنجر كانا الأقدر على وضع نهاية للصراع العربى الإسرائيلى. ورأى «إندك» فى حواره مع الإعلامى البارز يسرى فودة فى حلقة مساء أمس من برنامج «آخر كلام» على قناة «أون تى فى» أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لديه نية حقيقية لاستئناف عملية السلام إلا أنه حريص على ألا يخسر حزبه أو تأييد شعبه فى هذه المفاوضات. ■ نتحدث عن كيسنجر، قلت لى سابقاً إنه لا يوجد فى العالم أشخاص كثيرون معجبون به؟ هذا صحيح، ولكن لا تنس أن الأمر ذاته مع الرئيس أنور السادات. ■ أتفق معك فى أنه ليس هناك الكثير من المعجبين بالسادات، ولكن الأمر مختلف بالنسبة لكيسنجر؟ ربما لا يكون لهما معجبون إلا أننى من أشد المعجبين بهما، وكنت أضع فى مكتبى أثناء فترة الدكتوراه صورة كبيرة «بورتريه» للرئيس السادات وكيسنجر، لاعتقادى بأنهما استطاعا فى هذه الفترة وضع نهاية للصراع العربى الإسرائيلى. ■ هل توافق كيسنجر أيضا فى اعتقاده بأن نجاح الدبلوماسية يجب أن يكون وراءه قوة ونفوذ حقيقى؟ بكل تأكيد، فأنا أعتقد أن هذه هى حقيقة القوى السياسية فى العالم، ولاشك أن تجربة 1973 أوضحت هذا الأمر، فالسادات لم يحصل على انتباه القوى العظمى إلا عندما قرر الدخول فى الحرب لصناعة السلام وهذه كانت ماسأة حقيقية. ■ أتعتقد أن السادات عالج الموقف حينها؟ عالجه بشكل بارع، فجميع السياسات فى المنطقة كان يتم التلاعب بها، والسادات استطاع استخدام الحرب لصناعة السلام، فقد كان واضحا أنها (الحرب) حركة استراتيجية، وأعتقد أنه كان حريصاً فيها جدا، فكل خطواته وليس فقط زيارته لإسرائيل كانت استراتيجية محسوبة، وأحدثت الكثير من النتائج الملموسة. ■ ماذا اعتقدت عند هذه اللحظة؟ حينها انهار الاتحاد السوفيتى، وتمت هزيمة صدام حسين، والعرب والفلسطينيون بدأوا يتقبلون فكرة السلام نتيجة لعملية مدريد، حيث ظهرت المفاوضات مع إسرائيل، وتم اختيار إسحاق رابين رئيسا لوزراء إسرائيل، وأخبر رابين فى زيارته الأولى الرئيس كلينتون أنه مفوض لتحمل مخاطر السلام. ■ قبل أن نصل إلى هذه النقطة، أريد أن آخذ حكمك على عملية السلام بشكل عام، فبعد ما حدث هل تجد أنه عليك أن تقول إنك فشلت؟ صحيح، لقد فشلنا، لأننا بدأنا ونحن نريد تحقيق سلام شامل، كنهاية للصراع العربى الإسرائيلى، كما أننا كنا نبدو فى نهاية إدارة كلينتون وبعد 8 سنوات من الجهود المركزة للسيطرة على الموقف كما لو كنا فى «حرب شاملة». ■ كيف يمكن لشخص مثل جورج ميتشل أن ينجح فى الشرق الأوسط فى الوقت الذى فشلت أنت فيه بكل خبرتك؟ علينا أن ندرك أن الساحة اليوم قاحلة وبعيدة وصعبة أكثر مما كانت عليه فى بداية إدارة كلينتون، كما قلت كان كل شىء يبدو مهيأً، وكانت المائدة جاهزة، إلا أن الموقف اليوم معقد للغاية، والوضع الآن أكثر صعوبة لأنى أعتقد أن الشعوب فى الدولتين أصبحوا مرهقين، وتأثير هذا الإرهاق مهم للغاية، فنحن لدينا الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى يشبه الرئيس كلينتون، ويصر على إنهاء الصراع، ونحن والمجتمع الدولى وحتى العالم العربى والإسرائيلى بشكل عام نعلم جيدا ما هو الحل «دولتان للشعبين»، أى بإنشاء دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وغزة مع القدس. ■ أشرت إلى أن الدور الذى تلعبه مصر مهم إلا أنه محدود.. ماذا تقصد؟ مصر بالفعل لديها سلام مع إسرائيل، لا أريد أن أستخف به، إلا أنه مهم جدا بشكل محورى، فمصر هى الأكبر والأكثر نفوذا وتأثيرا، والدولة العربية التى حققت إنجازا فى السلام غيرت التوازن الكلى للقوى فى المنطقة، كما غيرت مستقبل الكفاح التام من أجل تحقيق السلام، فمصر لاتزال تصر على أن السلام مهم جدا، إلا أن الدور المصرى اليوم أصبح محدودا، فهى يمكنها أن تعطى غطاء للفلسطينيين، ويمكنها أن تقنع بعض الدول العربية، إلا أن القرارات فى النهاية أصبحت فى يد الفلسطينيين أنفسهم، ومصر حريصة دائما على ألا تقودهم وتجعل قرارهم فى أيديهم لذلك فدورها محدود. ■ فى هذا الوقت يتحدث الجميع عن حل الدولتين، وأنت أشرت إليه فى كثير من الأحيان، لكن ألا تعتقد أن الخلاف بين الفصائل الفلسطينية يمكن أن يعطى حل 3 دول؟ لا ليس ممكنا على الإطلاق، فليس هناك بديل عن حل إقامة دولتين، فبعض الناس يتحدثون عن حل دولة واحدة، والبعض الآخر عن 3 دول، فالبديل عن حل الدولتين هو «لا حل»، لأن هذا لن يؤدى إلا إلى المزيد من الصراع. ■ أحب أن أقتبس شيئا أنت ذكرته عام 2000، فأنت قلت إن «القدس» لا يمكن أن تكون أو تبقى حكرا على دين واحد، والحل لا يمكن أن يأتى من جانب يتحدى والآخر ينكر معتقدات الطرف الثانى، فهل مازال هذا رأيك؟ الموقف لا يحتاج إلى التقسيم مرة أخرى، حيث إن القدس لاتزال مدينة موحدة، ومستقلة، ويمكن أن تكون عاصمة للدولتين معا، فكما تعلم الإسرائيليون سيقولون إنها عاصمة دولتهم وغير قابلة للتقسيم، فى حين أن أبومازن سيقول: القدس عاصمة فلسطين.