كثيرون تحدثوا طويلا عن العشوائيات داخل القاهرة وخارجها، ومدى ما تعكسه من نتائج سلبية على العاصمة، بينما ترد الحكومة دائما بمشروعات تقول إنها ستساهم فى حل مشكلة العشوائيات وسكانها. وطبقا لتقارير وزارة الإسكان فإن سكان العشوائيات يقدرون بنحو 8 ملايين نسمة يسكنون 497 منطقة حول الجمهورية وأغلبها ينتشر داخل محافظات القاهرة الكبرى، وأن تلك المناطق تحتاج لما يزيد على 3 مليارات جنيه لإدخال المرافق الأساسية فقط إليها. وذكرت دراسات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أن عدد المناطق العشوائية بلغ 1034 منطقة، بينما أشار معهد التخطيط القومى إلى وجود 1109 مناطق شملت 20 محافظة، أما مركز البحوث الاجتماعية والجنائية الذى أوضحت دراسات عدة صدرت عنه أن عدد المناطق العشوائية فى مصر بلغ 909 مناطق يقطنها أكثر من 10 ملايين مواطن. ويعامل سكان هذه المناطق معاملة خاصة من قبل الدولة، فلا مرافق أساسية أو غير أساسية، بيوتهم متهالكة ولا عمل دائم لهم بالإضافة إلى كونهم مهمشين لا تناقش مشكلاتهم فى مؤتمرات الحكومة والحزب الحاكم، خاصة المناطق «ذات الوجهين»، أى أن تكون أحد هؤلاء البسطاء وتنظر من نافذة «العشة» التى تسكن فيها على فيلات وقصور لجيرانك الأثرياء. داخل القاهرة فقط توجد 88 منطقة عشوائية يسكنها نصف سكان العاصمة أى أن نحو 14 مليون نسمة يسكنون المناطق العشوائية داخلها، وذلك بحسب تعداد سكان 2008 الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء. وبحسب أرقام الجهاز المركزى فإن عدد المناطق العشوائية فى مصر بلغ 1221 منطقة، منها مناطق مكتظة بالسكان بشكل مخيف، فتجد مئات الآلاف يتجمعون على كيلومترات معدودة على أصابع اليد الواحدة، مثل دار السلام والكيلو 4.5 واسطبل عنتر وحكر أبو دومة وغيرها. وأشار أيضا إلى أن 12 مليونا يعيشون بلا مأوى، وأصبحت المقابر بيوتا لكثير من المصريين، ومخابئ للخارجين على القانون حيث يعيش فيها 1.5 مليون مواطن. وفى تقارير الأممالمتحدة احتلت مصر المرتبة 112 من أصل 177 دولة توافرت عنها المعلومات الكافية لدى تقرير التنمية البشرية للعام 2005 وكذلك العام 2008 الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائى حول العالم. وجاءت المعلومات الواردة فى التقرير الأممى لتشير إلى الخلل الطبقى الكبير بين المواطنين يدفع بعضهم للسكن فى عشش ومناطق شديدة العشوائية بينما تسكن طبقة الأثرياء فى القصور. ويشير تقرير 2005 إلى خلل توزيع الدخل القومى فى مصر حيث يحصل أغنى 20% من السكان على 43.6% من الدخل القومى، بينما أفقر 20% منهم لا يحصلون إلا على 8.6%. ويوضح التقرير ظهور نوع من الإنفاق الجديد وهو «الإنفاق الترفى» فى مواجهة انتشار الفقر وتلاشى الطبقة الوسطى، وبحسب إحصائيات وردت فى تقارير لشبكة الأنباء الإنسانية (أيرين) لعام 2009 فإن أكثر من 23% من مجموع السكان بمصر يعيشون تحت خط الفقر. وبداخل القاهرة العديد من المناطق الراقية، ولكن معظمها إن لم يكن جميعها محاط بأكثر من منطقة عشوائية، فالزمالك مثلا محاطة ب 4 مناطق عشوائية، وداخل المهندسين ستجد شوارع غاية فى العشوائية، وفى شارع عبد العزيز آل سعود فى ميدان لبنان تجد منطقة عشش وتربية ماشية، وداخل العجوزة ستقابلك منطقة الحيتية الفقيرة والعشوائية، وأيضا تجاور دار السلام حدائق المعادى، ويقع الكيلو 4.5 أكبر التجمعات العشوائية فى القاهرة على حدود مدينة نصر، بينما يلقى أثرياء ترعة المنصورية زبالتهم على سكان العشش بالقرب من فيلاتهم وقصورهم الفخمة. وغالبية سكان العشوائيات مواطنون مصريون جاءوا للقاهرة ليبحثوا عن فرصة عمل لكنهم يعيشون داخلها بنفس أسلوب حياتهم الريفية ويسمون فى علم الاجتماع ب«النازحون من الأرياف» ليتسببوا فى مشكلة العشوائيات، بالإضافة إلى أفواج أخرى من سكان القاهرة ممن واجهتهم مشكلات سكنية أو تهدمت منازلهم للعيش داخل تكتلات سكنية عشوائية تقترب من مناطق راقية وأحيانا توجد فى قلبها، فأسسوا جمهوريتهم الخاصة.