سيدى الرئيس: بعد التحية وفائق الاحترام.. أبعث إليك بهمى وحزنى فى رسالتى هذه.. أكتب إليك بعد أن نفدت كل سبل الشكوى والاعتراض، ولم نعد نجد آذاناً صاغية!! أكتب لأشكو إليك أوضاع البلاد.. البلاد لم تعد بلادنا، والشعب الطيب طفح به الكيل، وما عاد طيباً ولا يحزنون! اختلفت الوجوه، اختفت منها البشاشة، وذابت البسمات من فوق الشفاه، وحفر الزمان بمخالبه فى ملامحهم وارتسم الحزن على الجباه. وامتطى الهم أكتافهم!!.. بات المجتمع مقلوبة أحواله، ولا شىء فى نصابه، والكل من سيئ لأسوأ، ما رأينا أحوالاً قد تحسنت، ولا عهدنا فساداً قد زال... بأى شىء أبدأ؟ تكثر الشكوى وتتدافع الكلمات!! منذ قديم الأزل عهدنا خلافاً قائماً بين السياسة والدين.. هل يختلط الدين بالدولة أم سيتعارض مع السياسة؟ من سيردى الآخر؟.. أما الآن، فحقيقة ما عدت أرى ديناً ولا دولة.. غابت الأخلاق عن المجتمع، وسقط الدين فى هاوية التفريط!.. أما السياسة- ما هو داخلى منها وخارجى- فحدث ولا حرج. الحياة السياسية غائبة.. الأحزاب كل فى اتجاه. ناهيك عن أمراض المجتمع من فوضى، وبلادة، وجهل، وترد فى الحالة الاقتصادية، وتنامى البيروقراطية المستفزة المتفشية فى أغلب- إن لم يكن كل- المصالح والهيئات الحكومية، وغير ذلك الكثير على نفس الشاكلة.. عهدت شوقى قد قال: «العلم يبنى بيوتاً لا عماد لها.. والجهل يهدم بيت العز والشرف» لا أكذبك قولاً، ما عدت أرى عمداً فى بيتنا، بعد أن كان قصراً بألف ألف عماد. إن مقياس الدول والحضارات هو مقدار ما حققته من التقدم العلمى، فيا ترى أى درجة يقيسها المقياس لنا؟ سيدى الرئيس أعلم أنك عاشق لنسيم البلاد.. ولكن ما لا أفهمه حقاً هو سبب تركك لنا نموج فى غيابات الليل على هذا النحو؟ أدعو الله أن تكون بخير صحة.. هل أدعو الله أن تكون على علم بكل ما يحدث لتصححه؟ أم أدعو ألا تكون على علم به فيكون الأمر مبرراً؟ لم أعد أعرف حقاً أيهما أريد!! أدعو الله أن يكون كابوساً ونفيق منه جميعاً. اعلم أنك ستدير سنوات عجافاً، تمهد بها لقدوم أعوام الرخاء.. أرجو أن أستيقظ يوماً لأجد عناوين الصحف غير ذلك.. أجدها تشير لتحسن فى الأوضاع، وانخفاض فى الأسعار، واختفاء البطالة، وتوفر السكن، ووصول الدعم لمستحقيه، والقضاء على الفساد والضرب على أيدى المفسدين بقبضة من حديد. هَرمَ المجتمع يا سيدى، وانتشر المرض فى جسد الأمة، واستفحل غول الفساد. أعلم أنك أقدر على أن تعبر بنا ولكن أستحلفك بالله، أن تعطينا أى إشارة بذلك، حتى وإن كانت شمعة تبث بنا أملاً أننا سنجتاز الظلام لنكمل الطريق! لا ألقى بكل اللوم على عاتقى النظام.. أعلم أننا كأفراد نحمل على عواتقنا مسؤولية جزء من المشكلة.. ولكن تظل الحقيقة أنك أنت قائدنا. وإن صلح الراعى، استقام القطيع، وإن مال مالوا والتهمتهم الذئاب!! وفى الختام أدعو الله أن يعم الخير كل البلاد، وأن يهيئ لها من أمرها رشداً، ويوليها كل من هو خير لها والسلام. إسلام عبدالشهيد حنيش جيوفيزيائى- 22 سنة [email protected]