وكان العقيد القذافى على حق استنكرنا جميعاً منذ عشرين عاماً قرار العقيد القذافى عدم أداء المنتخب الليبى مباراة العودة أمام المنتخب الجزائرى لكرة القدم فى تصفيات كأس العام 1990، رغم أن فرصة فوز المنتخب الليبى كبيرة للفوز فى مجموع المباراتين، وتكملة مشوار الصعود إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة فى تاريخ المنتخب الليبى، ولكن العقيد فضل التراجع وعدم لعب مباراة كرة قدم والتعرض للإيقاف من الاتحاد الدولى عن اللعب والدخول فى معركة سياسية، ولربما تمتد إلى معركة حربية مع جيرانه الجزائريين الكارهين لكل ما هو عربى والمفتخرين بلغتهم الفرنسية، لقد كان العقيد على حق وفهم لطبيعة هذا الشعب ولثقافته التى تختلف اختلافاً كبيراً عن ثقافتنا وأفكارنا. إننا يجب أن نتعلم وأن نفهم وأن نضع قواعد جديدة للتعامل مع الإخوة العرب الذين لا يفوتون فرصة لكى يحاولوا تعويض ما بداخلهم من نقص تجاهنا، وأصبحنا نحن المصريين بين شقى الرحى، إذا أردنا لقمة العيش عندهم، لابد أن تكون مغموسة بالمهانة والذل والخنوع، أو نرحل عائدين إلى وطننا لنسقط أيضاً فى براثن الفقر والمهانة. نحن المصريين تحت وطأة الفقر.. وقسوة الحياة.. تنازلنا عن إنسانيتنا وهانت علينا أنفسنا فهانت على الآخرين أكثر وأكثر. الأوطان يا سادة لا يبنيها العبيد، ولكن تقام على أكتاف الأحرار ولكى نبنى وطناً عظيماً علينا أن نحتذى بما يفعله الغير ونجحوا فى ذلك. ليس فى الأمر.. سر أو سحر ولكن لكى نبنى وطنا يجب أن يشعر المواطنون جميعاً بلا استثناء أنهم مواطنون لا رعايا.. وأنهم متساوون أمام القانون، وأن الكفاءة هى الفيصل الوحيد للارتقاء فى جميع المجالات، دون النظر إلى الدين والجنس واللون والأصل.. ويجب أن نكون على يقين أننا شركاء فى هذا الوطن. هناك جهود من البعض للنهوض بالأمة، ولكن المشكلة دائماً أن هناك مجموعات وأفراداً داخل هذا الوطن.. اختلط داخلهم مفهوم الخاص والعام.. وتضخمت ذواتهم وتوحشت فيهم «الأنا». فساد يفترس كل شىء.. ويدمر الأخضر واليابس.. دمر النفوس واستبعد الناس.. وكمم الأفواه.. وأذهل العقول.. وغيب وعى الناس، أصبحنا نكره الحق ونزهده، ونحب الباطل ونهلل له ونرحب به ليس ضيفاً فقط ولكن صاحب بيت ووطن. لقد أصبحنا غير جديرين أن ننتسب إلى تاريخنا الفرعونى المجيد، وغير مستحقين أن نفخر بأمجاد ماض سحيق، لأننا أصبحنا لا نملك منه شيئاً.. وربما الشىء الوحيد الذى نملكه الآن هو الحلم والدعاء.. الحلم بأن تأخذ مصر وطننا الغالى وأمتنا الحبيبة مكانها الذى تستحقه بين الأمم. نحلم بأن يُقتل داء الخوف فى قلوبنا، وأن ترتفع رؤوسنا عزة وكرامة، وأن ننتصر على السكينة والانهزامية والاستسلام. نحلم بوطن حر نمارس فيه الديمقراطية بمسؤولية ووعى. نحلم بوطن يأمن فيه الإنسان على نفسه وأهله ولقمة عيشه وحاضره ومستقبله.. يحضرنى قول الشاعر الكبير نزار قبانى «رجلا راح يخلع ضرسا معطوباً من آنفه الويل لمن يفتح فمه» ونلتقى الأسبوع المقبل على خير بإذن الله.. [email protected]