الباشا

فجأة أراه أمامى على غير توقع، متهاديا فى عظمة وضخامة وكبرياء، فأنتهز الفرصة على الفور وأسرع نحوه
- باشا، باشا (أنطقها بطريقة محمد هنيدى فى أحد أفلامه التى لا أذكر اسمها)
- ...( يطنش)
- باشا، باشا ( فى لهفة)
- ....
- باشا، باشا ( فى عتاب)
يلتفت بوجهه الضخم المخيف ويكشر:
- عاوز إيه؟
- (فى توسل)، ممكن حديث صحفى يا باشا؟
- لأ
- أرجوك يا باشا، أنا صحفى شاب وعاوز أثبت نفسى
- (يتأمل خصلات شعرى الأبيض فى دهشة) شاب؟
- ( فى استظراف) لما يكون الريس فوق التمانين واللى بينافسوه فوق السبعين أبقى شاب ولا ما ابقاش يا باشا؟
- ( ضاحكا وقد بدأت أروق له) تبقى كى جى تو.
- طب ساعدنى أصلى مزنوق فى مقال وخايف يطردونى من الجرنان.
- ( يضع ذراعه على كتفى ويسير معى) شوف يا بنى، أنا أحب أشجع الشباب اللى زيك، وعشان كده معنديش مانع إنك تشتمنى.
- ( فى حرج) بس أنا مش عاوز أشتمك يا باشا.
- ( وقد تملكته حماسة مفاجئة) يا أخى أنا سامحلك تشتمنى، ده كويس لمستقبلك وحيديلك شعبية. أصل كلام فى سرك: أنا مكروه جدا.
- يا باشا لو هاجمتك حيبقى إيه الجديد، ما كل الناس بتهاجمك.
- ( وقد بلغت حماسته الذروة) أنا ضيعت على البلد اتناشر مليار جنيه، عارف يعنى إيه اتناشر مليار جنيه؟. متصور دول كانوا يعملوا إيه للبلد؟، للناس الغلابة اللى مش لاقين ياكلوا!. بذمتك فيه فساد أكتر من كده!. وأدى يا سيدى المستندات اللى تثبت فسادى (وأخرج مظروفا دسما مليئا بالمستندات) خدهم أنا محضرهم معايا باديهم لكل اللى يقابلنى. ( بصوت عال وقف يصيح فى الميدان) يا ناس، أنا فاسد حرامى نصاب. اشتمونى هاجمونى.
- ( وقد استيقظت حاستى الصحفية) باشا، أنا ملاحظ إنك عاوز تتشتم.
- ( يضحك فى خبث كالأطفال) إنت شايف كده؟
- ( مندفعا) آه، وكمان عاوز تبقى مكروه.
- ( تلمع فى عينيه نظرة تقدير لذكائى).
- ( متحمسا) ومش عاوز حد يدافع عنك أو يشكر فيك.
- ( يتوقف فجأة ويصافحنى) برافو عليك، أنت ذكى ومنتظرك مستقبل كبير.
- بس ليه يا باشا؟، ممكن تفهمنى.
- ( وهو يتلفت فى حذر) فيك من يكتم السر؟
- فى بير يا باشا.
- ( هامسا فى أذنى) مش مهم يا بنى تكون فاسد ولا ماتكونش. المهم اتشالت عنك الحماية ولا ما اتشالتش. وعشان الحماية ماتتشالش من مصلحتك تبقى فاسد عشان يبقى لك مسكة ويطمنوا ليك.
- طب فهمنا حكاية فاسد يا باشا، بس إيه المصلحة إنك تبقى مكروه؟
- (وهو يضحك كالأطفال فى مكر) أولا المسألة بتخش فى (عِند). ثانيا يا ويلك وسواد ليلك لو بقالك شعبية حتى ماكانش لك فى السياسة زى عمرو خالد، أو من داخل النظام زى عمرو موسى، أو حتى ساكن بره مصر زى زويل. حب الناس يا بنى هو الخطر الحقيقى. لذلك اشتمونى أرجوكم اكرهونى.
- للدرجة دى يا باشا
- مرة صحفى أهبل كان عاوز منى مصلحة راح كاتب مقال يمتدحنى!
- ( ضاحكا وأنا أضرب كف على كف) وعملت فيه إيه يا باشا؟
- ( فى وعيد مفاجئ، وقد اختفى وجهه الودود) اللى حاعمله فيك لو كتبت عنى كلمة واحدة كويسة، اشتمنى، يا ويلك لو ماشتمتنيش.