«أعلم تماماً أن مستقبل الكرة هو الأفضل على الإطلاق الآن.. لذلك قررت أن أقدم لابنى-10 سنوات- فى مدرسة لتعليم كرة القدم علشان يتأهل ويتعلم صح من صغره». هذه وجهة نظر ملايين الآباء قبل أن تكون وجهة نظر علاء الدين على الذى كان جالسا لمشاهدة ابنه أثناء تدريبه بإحدى مدارس تعليم كرة القدم بالقاهرةالجديدة. ويقول علاء: «أنا أعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة، ولم أطمح يوما أن يصبح ابنى طبيبا أو مهندسا كما كان يطمح لنا أهالينا لأن مثل هذه الأهداف الآن لا تأتى بثمنها وربما تُعذب أصحابها، وكل طموحى أن ينضم ابنى لأحد النوادى الصغيرة ويبدأ طريقه ويكبر حتى يصبح لاعباً كبيراً فى ناد كبير.. وينضم للمنتخب كمان». وأشار «علاء» إلى طفل آخر عمره 4 سنوات، ثم قال «ده كمان ابنى ومستنى أول ما يتم خمس سنين عشان أقدر أقدم له هو كمان فى المدرسة هنا مع أخوه، أنا بحضر كل تدريبات ابنى الكبير وبتابع مستواه فى التدريب ولياقته البدنية وبجيب معايا ابنى الصغير عشان أحببه فى اللعبة.. وربنا يكرمهم وأشوفهم لاعبين كبار». «كانت أمنيتى أبقى لاعب كرة لكن الظروف مساعدتنيش، وبقى كل هدفى مع الوقت إنى أشوف ولادى لاعبين كرة كبار. أنا بشوف خريجى الجامعات بيكنسوا الشوارع دلوقتى والدكاترة والمهندسون بياخدوا ملاليم.. وده خلانى أصرّ على حلمى فى إن ولادى يبقوا لاعبين كرة. وقال بعد إشارة منه لطفلين: «دول ولادى..الكبير عنده 11 سنة والصغير عنده 9 سنين..أنا بحاول على أد ما أقدر أوفر 200 جنيه شهريا مصاريف المدرسة للاتنين، وباجى معاهم التدريب كل مرة عشان أتابع مستواهم وبتابع كمان فى البيت وجباتهم الغذائية.. وكل اللى بتمناه أنهم ينضموا للمنتخب». تتفق معه سمية أحمد- ربة منزل- قائلة «أنا زوجى يعمل موظفا بإحدى الشركات، وكل حلمنا إن ابنى- 6 سنوات- يبقى لاعب كرة فى نادى كبير ويقدر يرفع مستواه ومستوانا، إحنا قدمنا له فى مدرسة تعليم كرة القدم وهو عمره خمس سنين وربنا يكرمه بعد سنة ولا اتنين ونادى كبير يشوفه ويضمه». «أنا عايز ابقى مشهور وأقدم حاجه لبلدى، عشان كده نفسى ابقى لاعب كرة.. لأنها من أسرع الطرق للنجاح والشهرة.. والفلوس كمان، ويمكن ربنا يكرمنى وانضم للمنتخب». هكذا بدأ أحمد طلعت-20 عاما- طالب بمعهد الدراسات التعاونية كلامه، وأضاف: «بدأت ألعب كرة قدم من بدرى فى الشارع ومراكز الشباب، ومن كام شهر بس سمعت عن مدارس تعليم كرة القدم وقررت انضم لها، أنا عاوز أكمل لأنى اخترت الطريق ده بنفسى، وواثق أنه أفضل طريق لمستقبل كويس». وتابع: «أنا بشتغل فى أحد محلات إعداد الوجبات السريعة عشان أقدر أوفر مصاريف المدرسة وهى 100 جنيه فى الشهر، ومصاريف المواصلات من البيت فى عين شمس للمدرسة فى القاهرةالجديدة ثلاث مرات فى الأسبوع.. تقريبا بدفع كل مرتبى.. بس مش مهم.. المهم إنى عاوز أتعلم كويس أساسيات الكرة وأى نادى صغير يضمنى لفريقه وبعدين أكبر». «أنا كمان بشتغل سواق عشان أقدر أوفر مصروفات المدرسة» هكذا بدأ أحمد عبد الحليم- 17 عاما- طالب فى الفرقة الثانية من التعليم الثانوى الفنى، وتابع: «أنا كنت بلعب كرة فى الشارع، ولكن والدى- يعمل بأحد المصانع- هو اللى شجعنى انضم لإحدى مدارس تعليم الكرة.. ولو كنت فضلت ألعب فى الشارع كنت هبقى طول عمرى كده ومحدش هيشوفنى أو ياخد باله منى، أنا دلوقتى بتعلم كرة وبدرس وبشتغل عشان مش هقدر أكلف والدى كل المصاريف دى.. بتعب دلوقتى عشان أبقى كويس بكره». وائل عبد الوهاب -19 عاماً- يدرس بمعهد ضباط اللاسلكى، ويحضر من بورسعيد إلى القاهرة 3 مرات أسبوعيا للتمرين، يقول: «مش مهم التعب اللى هتعبه دلوقتى، المهم إنى أقدر أوصل بسرعة لهدفى وابقى لاعب كرة كبير، أنا كنت زى أغلب الشباب هنا بلعب الأول فى الشارع ومراكز الشباب عندنا فى بورسعيد، ولما عرفت إن فيه حاجة اسمها مدارس تعليم كرة سألت عنها وجيت المدرسة هنا. أما باسم عبدالفتاح- 15 عاما- والذى نجح أخيرا فى الانضمام لنادى الترسانة يقول: «دلوقتى البلد كلها رايحة للكورة، وأنا كان كل اللى فى دماغى من الأول إنى ابقى لاعب كرة. ويعلق أحمد رجب- مدير إحدى مدارس تعليم كرة القدم- قائلا «وعى الناس بكرة القدم زاد دلوقتى جدا عن زمان.. يمكن زمان لو ابن قال لوالده إنه عايز يبقى لاعب كرة كان هيعارضه بشدة، لكن دلوقتى الآباء نفسهم هما اللى بيشجعوا ولادهم يسلكوا الطريق ده.