تمتلك جماعة الإخوان عدداً من المؤسسات على اعتبار أن فكرتها قائمة على تنظيم محكم، ويباهى أصحاب هذا التنظيم بأن الأجهزة الأمنية، منذ نشأة الجماعة عام 1928، فشلت فى اختراقه لأنه قائم على أشكال تنظيمية محكمة لا يتمكن «الأخ» من التصعيد إليها إلا من خلال «التربية» التى تأخذ سنوات طويلة، وبالتالى تعتبر هذه التربية محضنا للإخوان وطاردة لكل العناصر التى تريد أن تتطفل فينكشف حالها بسهولة شديدة. مؤسسات الجماعة تبدأ من أصغر وحدة فى الجماعة «الشعب» إلى أكبر وحدة فى الجماعة «مكتب الإرشاد» ثم مجلس الشورى العالمى الذى بات مجمدا بعد أحداث 11 سبتمبر والتى طالت تنظيمات لها فروع بدول كثيرة، فى مقدمتها تنظيم القاعدة. مكتب الإرشاد يترأسه المرشد العام للجماعة، وأعضاؤه- حسب نص اللائحة الداخلية- 16 وكل قسم من هؤلاء الأعضاء يتولى الإشراف على عمل الجماعة فى الداخل والخارج كأن يتولى مثلا الدكتور رشاد البيومى قسم الطلاب، والدكتور محمد مرسى الملف السياسى، ويتولى الشيخ جمعة أمين قسم الأخوات وغيرها من توزيعات وتصنيفات العمل التنظيمى، الذى يشرف عليه أعضاء المكتب. الأعجب فى تركيبة هذا المكتب قبل الخوض فى انتخابه أن أعضاءه، قبل إجراء الانتخابات الحالية، عددهم أكبر من العدد المنصوص عليه فى اللائحة الداخلية بعد دخول 5 من أعضاء، المكتب على رأسهم الدكتور محمد سعد الكتاتنى، والمهندس سعد الحسينى، والدكتور أسامة نصر الدين والدكتور محمد عبدالرحمن، والدكتور محيى حامد، وبعيدا عن مناقشة الطريقة التى دخل بها هؤلاء لمكتب الإرشاد فإن عمل المكتب غير اللائحة منذ سنوات، والمفارقة الأهم والأكبر أن المكتب كان ينعقد بأقل من النصف من أعضائه بعد سجن المهندس خيرت الشاطر، النائب الثانى لمرشد الجماعة، والدكتور محمد على بشر، فضلا عن تغيب باقى أعضاء المكتب لمرضهم الشديد وعجزهم مثل الشيخ محمد عبدالخطيب، الملقب بمفتى الجماعة، وصبرى عرفة، الذى تجاوز عمرة الثمانين عاما، ولاشين أبوشنب، الذى ما عاد يقدر على الحركة بعد إصابته بشلل نصفى. لا شك أن طريقة انتخاب مكتب الإرشاد منصوص عليها فى اللائحة الداخلية التى يصر الإخوان القفز عليها مرات بدعوى ضغوط الأجهزة الأمنية وملاحقتها، وهو ما ثبت عكسه فى الانتخابات الأخيرة التى لم يتدخل الأمن فيها رغم تحذيراته السابقة بأن انعقاد مجلس شورى الجماعة، بأى حال كان وبأى طريقة، سوف يعرض الإخوان لمحكمة عسكرية جديدة كما كان فى عام 1995. ورغم ذلك انعقد مكتب الإرشاد ومارس مهامه التنظيمية بشكل أبعد ما يكون عن «روح الأخوة» التى يتربى عليها أفراد التنظيم، لانتقاء أفراده من المحافظين بعضهم ممن ساعد أمين عام الجماعة فى قسم التربية كالدكتور محيى حامد. ظل مكتب الإرشاد لفترة طويلة مجمدة عضويته بدعوى ملاحقة الأمن فلم تجر فيه انتخابات منذ عام 1995، وكان يتم تعيين أعضائه بالتمرير وموافقة أعضائه، ولأن أغلب هؤلاء الأعضاء متجانسون ويسيطر عليهم جيل المحافظين فدخل سريعا وبدون مناقشة الدكتور محمد مرسى، والدكتور محمود حسين، ثم حدث تغيير طفيف عندما مرر خمسة من قيادات الجماعة إلى المكتب شملهم بعض النواب. دور مكتب الإرشاد يختلف كثيرا عن دور مجلس شورى الجماعة، فالمكتب يمثل الجهة التنفيذية فى الجماعة، بينما ينحصر مجلس الشورى العام فى الدورين الرقابى والتشريعى والذى جمدت لصلاحياته لفترة طويلة لصالح المحافظين الذين مازالوا يقبضون على التنظيم بقبضة من حديد. يبدو هناك دوران للمكتب، دور فعال يتعلق بإشرافه على كل كبيرة وصغيرة وأنه منوط به أخذ قرارات والإشراف على تنفيذ الجماعة لبرامجها المتفق عليها، ودور آخر نمطى يظهر فى الانعقاد المستمر والتمثيل الرمزى للجماعة فى ظل حالة الإقصاء التى تفرضها الدولة على الجماعة. لا يختلف مجلس شورى الجماعة كثيرا فى تركيبته عن مكتب الإرشاد، فكما يتم اختيار أعضاء المكتب بناء على التقسيم الجغرافى للمحافظات يتم اختيار أعضاء الشورى العام بناء على تمثيل الإخوان فى المكاتب الإدارية المختلفة فبعدد المحافظات يمثل الإخوان فى الشورى. يتم اختيار أعضاء الشورى من قبل المكاتب الإدارية بالمحافظات وعددهم 120 عضوا، غير أن آخر مجلس شورى للجماعة صوت فى الانتخابات الأخيرة عدده لم يتعد 109 بعد وفاة عدد من قياداته ودخول بعضهم السجن وتعيين قيادات أخرى مثل مجموعة ال 15 التى أشرف على تعيينها الدكتور محمود عزت، أمين عام الجماعة، واستبعاد آخرين كالدكتور السيد عبد الستار المليجى. غاب مجلس شورى الجماعة عن تأدية دوره اللائحى بين مراقبة مكتب الإرشاد ودوره فى إصدار تشريعات حتى تصاعدت الأزمة الأخيرة بهذه الطريقة فانتصر أعضاء الشورى لدورهم اللائحى المتمثل فى المراقبة والتشريع، معتبرين أن هذه الخطوة بداية الطريق الصحيح للتنظيم فى محاولة لتصحيح مسار الجماعة. لم ينعقد مجلس شورى الجماعة منذ عام 1995 لأسباب أمنية غير أنه يتم تمرير بعض القرارات علية لأخذ رأيه كالاستفتاء الأخير حتى إن المكتب كان يرفض تفعيله بعمد حتى تظل السيطرة كاملة لأعضائه.