ونواصل القراءة في التقرير الذي قدمه مهدي عاكف لمكتب الإرشاد في مصر بعد عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية. فمن الواضح أن فرع الجماعة في أمريكا كان يعيش في ذلك الوقت جدلا حول السرية والعلنية وأيهما أفضل للعمل؟ يقول مهدي عاكف تحت عنوان سرية وعلانية الدعوة تعرضنا فيما سبق لنقطة الأمن والسرية وأثر ذلك في النشاط الإخواني في أمريكا ونظرا لأهمية هذه النقطة وماتثيره دائما من لغط بين أفراد الجماعة المتنوعة المشارب فإننا نود أن نطرح هذه القضية بشئ من التفصيل.. أ أسباب الدعوة العلانية: اتساع العمل الإسلامي وعدم وجود الصيغة المناسبة لاستيعاب الجاليات التخطيط الطويل الأمد يحتاج قيادة دائمة ولوائح وقوانين ثابتة. الأعراف الأمريكية ضمنت حرية التعبير والتنظيم. ب حاجة ملموسة لمتحدث رسمي للجماعة في أمريكا خروج القيادة للجماهير يملأ الفراغ القائم حاليا عن عدم وجود قيادة إسلامية. ظهورنا للناس يحسن صورة المسلمين والإخوان لدي الرأي العام الامريكي. محاذير الانتقال إلي العلانية: أمن التنظيم وقيادته وأفراده خاصة القادمين والعائدين إلي الشرق. انخفاض مستوي الالتزام الحركي أو الفكري أو التربوي. إحراج تنظيمات الشرق. الخوف من الاحتداد مستقبلا من طوفان الجماهير المقبلة. كيفية الجمع بين أخوة سريين وآخرين علنيين في تنظيم واحد قلة الكفاءات القيادية السرية لقيادة تنظيم علني. لكل عنصر من العناصر السابقة أو الأسباب أو المحاذير لها وجاهتها لذلك فإن هناك عدة بدائل سوف نعرضها باختصار.. 1 أن تكون الإسنا(ISNA) وهي الإتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية هي الشكل العلني للعمل الدعوي بإجراء بعض التعديلات في نظامها ولوائحها. 2 أن يكون هناك تنظيم عام وآخر خاص منفصلين تماما وذوي قيادتين منفصلتين. 3 أن يكون هناك تنظيم واحد وقيادة واحدة وذات فرعين أحدهما علني والآخر سري. 4 أن يظل الأمر كما هو عليه الآن وأن أي تصرف فيه سرعة يجب الا نقوم به الآن. رؤية قيادة الجماعة في أمريكا: ويواصل مهدي عاكف بعد ذلك عرض رؤية القيادات الإخوانية في أمريكا لفكرة السرية والعلنية وجدوي أي منهما للعمل, فيقول في ورقة معنونة ب صورة عن الأوضاع في أمريكا حسب الواقع: 1 يسيطر الآن علي اهتمامات الإخوان في أمريكا موضوع العلنية والسرية بشكل واضح ولم يقتصر الأمر علي الإخوة المسئولين ولو من المستويات الأولية نقيب أسرة ومافوقبل أصبح حديث كل القاعدة. وتساؤلات كل من له صلة بالعمل حتي ولو كانت صلته محدودة. وما من لقاء التقيت فيه بالإخوة إلا وطرح هذا الموضوع بشكل مكثف, وبإلحاح شديد علي الرغم من محاولاتي تهوين الأمر, والتأكيد وحدة الصف, والالتزام بآداب الجندية. 2 الموقف العام لأغلبية الإخوان من القاعدة وإلي مستوي أغلب القمة هو رفض التوجه إلي العلنية ولهم في هذا تعليلات متعددة: منها أن الأغلبية طلاب ومعظمهم سيرجع إلي بلده وفي ظهوره خطر عليه, ومنها أن الإعلام لن يفيد الدعوة بشيئ إلا إذا كان تحت اسم الإخوان المسلمين وهو مايرفضه الداعون إلي العلنية, ومنها أن ذلك سوف يؤدي إلي تحفز السلطات المحلية في أمريكا مما قد ينتج عنه موقف مضاد للجماعة, ومنها أن الإخوان سوف يفقدون سيطرتهم علي المنظمات الإسلامية التي تقود العمل الإسلامي في أمريكا مثل الاسنا ورابطة الشباب المسلم العربي, الوقف, وغيرها إذ أن هذه المؤسسات تضم في إطارها كل المسلمين مع اختلاف توجهاتهم وتمايز الإخوان من خلال تنظيم جديد يثير العصبيات الفكرية ضد الجماعة, ومنها أنه مادام التنظيم الجديد لن يحمل اسم الإخوان وهو ما أكده دعاة العلنية فلا داعي له حيث أن قبضة الإخوان علي المؤسسات الإسلامية العامة قوية ويمكن العمل علي زيادة الفاعلية من خلال هذه المؤسسات دون إثارة أو حرج. عاكف يستطلع رأي قادة الجماعة في أمريكا: 3 كان طبيعيا أن أتصل ببعض الإخوة المسئولين لأوضح لهم مالمسته واستطلع منهم الحقيقة وكيفية معالجة موقف كهذا وفعلا تحدثت في هذا مع الاخوة: الأخ الأستاذ هاني صقر وهو يقوم بمسئولية رئيس مجلس الشوري الأخ الأستاذ موسي مرزوق ( نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الآن) وهو المسئول العام عن الجماعة. الأخ الأستاذ أحمد القاضي جبري وهو مسئول التربية في التقسيم الجديد الأخ الدكتور حسين إبراهيم وهو عضو في مجلس الشوري الأخ سليمان البحيري وهو من الإخوة أصحاب الرأي ومحل استشارة الجميع وقد كانت توجهات هؤلاء جميعا مختلفة في أمور وبينها اتفاق في بعض الأمور. الأخ هاني صقر: يري أن العلنية ستسبب اشكالات متعددة أغلبها يتفق مع ماذكرته في البند2 ويري أنه إذا كان لابد من العلنية فحتي يتحقق التمايز وتتأصل الهوية والولاء لابد من إعلان اسم الإخوان علي الرغم من مخاطر ذلك كما ورد سابقا. وموقفه قائم علي عدم الثقة مطلقا في أصحاب معهد الفكر( يقصد المعهد العالمي للفكر الإسلامي) وهم في رأيه أصل هذا التوجه الجديد ويري أن الدكتور القاضي متأثر بهم إلي حد بعيد ويتبني رأيهم ويدافع عنهم وذلك حسب قوله يشكل حرجا شديدا للإخوان جميعا..إذ يهمهم في الدرجة الأولي وجود الدكتور القاضي بينهم قائدا وموجها دون أن يكون له ارتباط بمجموعة معهد الفكر. ويعلل نفور الإخوان جميعا من هذا التوجه الجديد بأن دور هذه المجموعة بارز فيما طرح من تصور للعمل من خلال هذا التوجه الجديد, وأكد هذا وزاد من حساسية الموقف أن الذي أعلن التصور وتولي شرحه هو الدكتور جمال برزنجي وأنه قبل إعلان التصور أشاع مافيه علي أنه واقع مقرر ومحدد المواقيت وزمن التنفيذ وخطواته. ويري كذلك أن التصور الذي طرحته اللجنة الثلاثية برئاسة الأخ الدكتور نبيل صفوت صيغة ملائمة وبخاصة أن غالبية الإخوة وافقوا عليها.. ومن مقترحاته للعلاج أن يعالج موقف الدكتور القاضي في رأيه هو المشكلة الأساسية وبعده عن مجموعة المعهد هو الحل الذي يرضي الجميع..واقترح أن يوفد مكتب الإرشاد لجنة لحل المشكلة إذ أنها تزداد مع كل يوم تعقيدا. الأخ موسي أبو مرزوق( يشغل الآن منصب نائب رئيس المكتب السياسي لحماس): يرفض هو الآخر العلنية ويري أن يكون هناك قسم للعمل المحلي وفعلا قال إن هذا القسم قد أنشئ وعهد الي الدكتور القاضي تنظيمه والاشراف عليه. وأعطي القسم صلاحيات واسعة في كل المجالات من تجنيد وإدارة المؤسسات العامة وتوطين الدعوة, واتخاذ الأساليب التي يراها في أنشطته ولكن الدكتور القاضي مازال يرفض العمل من خلال هذا القسم. كما رفض العمل من داخل مجلس الشوري ورفض المسئولية العامة عن الجماعة علي حد قول الأخ موسي ويقول أنه أمام الإلحاح علي الدكتور القاضي بضرورة البدء في تنظيم هذا القسم قام بجمع مجموعة من المستوطنين عددهم33 فقط وأغلبهم من العاملين في المؤسسات العامة وتوجهاتهم مع توجهات مجموعة معهد الفكر. علي الرغم من وجود فئات غيرهم من أحسن الإخوان علي حد قوله ويري أن الرأي المنبثق عن هذه المجموعة لايمثل رأي المستوطنين من الإخوان. ويري أن هؤلاء هم الذين حولوا دعوة التوطين الي مشكلة السرية والعلنية ليكون الطريق مفتوحا أمام مجموعة معهد الفكر للسيرة علي الجماعة وتوجيهها من خلال رؤيتهم وتطلعاتهم. ويزيد الأخ موسي أن هذه المجموعة بنت توجهاتها نحو العلنية واتخاذ الخطوات من خلال مجموعات بذاتها علي قناعتهم بأن أعضاء المؤتمر التنظيمي وكذلك مجلس الشوري لايمثلون الإخوان في أمريكا تمثيلا حقيقيا وبالتالي فإنهم لايستطيعون حل المشكلة. ويرون أن الحل لابد وأن يأتي من القيادة العليا. وقد أجاب الأخ موسي علي سؤال وجهته إليه بان المشروع الذي طرح أولا عن طريق اللجنة الأولي وأعلنه الدكتور برزنجي قد وافق عليه مجلس الشوري بالاجماع فما سبب التراجع عن هذه الموافقة؟ أجاب بأن المشروع حين عرض علي القاعدة رفضته رفضا باتا. وعلي هذا أعلن الإخوة في مجلس الشوري سحب موافقتهم, ولما عرض الأمر علي المؤتمر التنظيمي لم يحظ إلا بصوتين فقط من ستين صوتا تقريبا. وعلي هذا تم الاتفاق علي تكوين اللجنة الثلاثية برئاسة الدكتور نبيل صفوت لتقديم تصور وسط وفعلا طرح هذا التصور ووافق عليه الإخوان جميعا. مجلس الشوري, ومسئولو المناطق ولم يرفضه غير الدكتور القاضي. ويري الأخ موسي أن المشكلة تتجسد في المخاوف من تسلل مجموعة معهد الفكر إلي مركز القيادة والشكوك حولهم كثيرة بل وبعضها يصل إلي حد التأكد وهناك علامات استفهام حول علاقتهم بالسعودية ومخابراتها وأن توجهاتهم كلها خارج نطاق الجماعة بل يدعمون كل مناويء لها, ويحضرون مؤتمراتهم ويدعمونهم بالمال الكثير في الوقت الذي لايسهمون فيه مع الجماعة وأنشطتها بشيء هذا زيادة علي أنهم لايرون أن القيادة الجماعة في أمريكا حق الطاعة أو التوجيه, ويستقلون استقلالا كاملا يطرحون من خلاله توجهاتهم علي أنها توجهات عالمية خاصة لا صلة لها بالدعوة. ومن هنا كانت مخاوف الإخوان منهم. وانتقد الأخ موسي تصعيد الدكتور القاضي للمشكلة خارج اطار امريكا وقد طلب اذا كانت هناك نية لحضور اخوة مسئولين للإسهام في حل المشكلة أن يكون ذلك أثناء انعقاد مجلس الشوري وسيكون ذلك يومي6,5 من مايو ويقول أنه يمكن تأجيل هذا الموعد لعدة أيام لكن يلزم إخطارهم قبل الموعد بوقت كاف. ويري الأخ موسي بأن القضية لو حلت مع الدكتور القاضي لا انتهي كل شيء. ليظل العمل من خلال الموثوقين من الاخوان. العلانية لجزء فقط من التنظيم: الأخ الدكتور أحمد القاضي جزاه الله خيرا فقد حضر خصيصا لمناقشة هذا الأمر إلي نيوجرسي وعلي مدي أربع ساعات تقريبا دار الحديث حول المشكلة علي النحو التالي: أولا: عرض الدكتور القاضي لتاريخ العمل الاسلامي في أمريكا ودور مجموعة معهد الفكر فيه وبخاصة دكتور جمال برزنجي أيام أن كان طالبا. ثانيا: حدد عدة نقاط أهمها: 1 أن عرض المشروع علي الاخوة لم يكن أمينا. إذ أنه عرض علي أن التنظيم كله سوف يعلن وهو مالم يطرح ولم يرد في التفكير. 2 أن العرض تم علي أساس أنه توجهات وتصورات مجموعة معهد الفكر وأني( الدكتور) قائم عنهم بالعرض والدفاع وهم يتسترون من خلفي وذلك انتقاص من خبرته وولائه كما يقول الأمر الذي يرفضه تماما. إذ أن الحقيقة أن هذا رأيه قبل رأي هؤلاء ولا يعيب رأيه أنه توافق مع رأي الآخرين. 3 قرر الدكتور القاضي أنه يفهم مجموعة المعهد فهما عميقا لم يصل إليه أحد من الأخوة الثائرين حتي الآن. وتجربته وخبرته ليستا بهذه البساطة التي يظنها الإخوان. 4 يري الدكتور القاضي أن العمل في توطين الدعوة لاينفع فيه إلا المستوطنين وحدهم وهو لذلك يري أن يكون العمل خاصا بهم لأنهم أدري بظروف البيئة ومتطلباتها وأخبر بشئون الحياة ومشكلاتها في أمريكا. 5 يري كذلك أن التشكيلات الموجودة الآن كنظام للجماعة لاتمثل الجماعة تمثيلا صحيحا وبالتالي لاتصلح لإصدار قرار سليم يتعلق بمستقبل الدعوة في هذه البلاد. إذ أن هذه التشكيلات تتحكم فيها الأغلبية الجنسية بصرف النظر عن أي شيء آخر وعلي هذا في رأيه فإن قرارات المؤتمر التنظيمي ومجلس الشوري وغيرهما لاتعبر عن الحقيقة ولاتواكب الواقع. ومن أجل هذا فقد رفض العمل مسئولا أو عضوا في مجلس الشوري ما دام الوضع علي ماهو عليه. 6 يري الدكتور القاضي أن الأصل أن يكون المستوطنون هم التنظيم الأساسي. وماعداهم يكونون مشاركين من خلال تعليمات التنظيم وتوجهاته ورؤيته شأنهم في هذا شأن أي مجموعة وافدة علي إقليم من الأقاليم في الشرق فمهما كانت كثرتها حتي ولو فاقت في عددها عدد أبناء الاقليم فإن تعليمات الأقاليم ورؤيته ونظمه تظل منطلق العمل الملزم لهؤلاء مهما كان عددهم. وهذا كما قرر وأكد هو الأصل عنده. 7 لكنه قبل أن يتنازل عن هذا الأصل بعض الشيء ليعمل من خلال قسم العمل المحلي شريطة تغيير الواقع التنظيمي الموجود بحيث لاتكون الأغلبية هي صاحبة القرار من خلال من تنتخبهم لعلاقات وطنية في الغالب. لذا فقد وضع لائحة لهذا القسم تضمنت عددا من البنود أهمها: أ أن تكون عضويته من المستوطنين الموثقين. ب أن تكون لغة القسم الانجليزية. ج ان تكون للقسم حريات كاملة في كل المجالات من صناعة القرار ووضع الخطط والبرامج وقواعد التجنيد ووسائل العمل وغير ذلك د أن يتم كل ذلك بموافقة المكتب اولا ثم مجلس الشوري إن اقتضي الأمر. ه أن يكون رأي القسم هو النافذ فيما لو أن المكتب رأي غير رأيه ويعرض الأمر علي مجلس الشوري فإن وافق القسم نفذ مايراه وإلا فإن علي مجلس الشوري وهيئة المكتب التنازل عن رأيهما لأن القسم هو المتخصص في مجاله والتخصصات أهم مايفيد في العمل. ويجب ألا توضع عليها قيود( كما قرر) 8 يقرر الدكتور أحمد ان أحدا من الأخوة القائمين بالعمل حاليا لايصلح لقيادة أي مؤسسة عامة وبخاصة مؤسسة( الاسنا), (النيت) ولايقوم بهذا بجدارة إلا المستوطنون وأن لديه من هؤلاء عددا كبيرا يقومون بهذه المهام وهم في نفس الوقت من الموثقين توثيقا كاملا. 9 ثم ذكر الدكتور أحمد انه علي الرغم من الجهد الذي بذله في إعداد هذه اللائحة إلا أنه متأكد من أنها سترفض من كل تشكيلات الإخوان لأنها تشكيلات عرقية قبل أن تكون دعوية. 10 يري الدكتور القاضي أنه لابد من قرار من القيادة العليا في هذا الأمر. إذ أن القاعدة لم تعد تحترم رأي القيادة المحلية هناك. ولما سألته وكيف تضمن التزام القاعدة بتنفيذ أمر القيادة العليا والشأن كما تقول. قال اعتقد أنها ستنفذ, وهنا عارضه كل من الدكتور حسين إبراهيم, والأخ سليمان البحيري والشيخ عبد المتعال الجبري. وللحديث بقية..وألقاكم غدا.