ونواصل مع مهدي عاكف وتقييمه للأوضاع في فرع الاخوان بأمريكا, ورأي قيادات الجماعة هناك حول موضوع سرية وعلانية الدعوة.إذ يكتب عاكف حول لقائه مع الشيخ عبد المتعال الجبري مؤكدا. حضر الشيخ عبد المتعال الجبري اللقاء مع الدكتور القاضي واستمع إلي عرضه لكنه لم يبد رأيا فيما عرضه الدكتور القاضي في الجلسة إلا مجرد استفسارات ومن أهمها استفسار عن مدي ولاء الاخوة الذين ذكر الدكتور القاضي أنهم أهل لتحمل مسئولية المؤسسات العامة بجدارة. وقوبل هذا الاستفسار من الدكتور بامتعاض إذ رأي فيه شكا في خبرته وتقويمه للأفراد. لكن الشيخ عبد المتعال بعد ذلك أبدي وجهة نظره لي علي انفراد وخلاصتها ما يأتي:1 أن مجموعة معهد الفكر لا تمثل الدعوة لا شكلا ولا مضمونا وأنهم يحاولون احتواء العمل والسيطرة عليه لتوجهه حسب ما يريدون وهم غير مأمونين. 2 أن الدكتور القاضي مؤازر لهم علي طول الخط( حسب قوله) ويتبني آراءهم, ويستميت في الدفاع عنها. ويتشكك الشيخ فيما ذكره الدكتور القاضي من أنه يعرفهم معرفة تامة ويعلم كل شيء عنهم. 3 أن الأخ موسي أبو مرزوق ليس محدد الموقف فهو مع الدكتور القاضي يوافقه ومع غيره يعلن رفضه. 4 أن الأخ موسي يحاول حسب رأي الشيخ توجيه التنظيم كله وجهة فلسطينية بحيث يكون جل النشاط حول قضية فلسطين. 5 أن من أسباب الخلل تعصب أبناء الخليج والكويت والعراق وكثير من الفلسطينيين لتوجهات الأستاذ الراشد في التربية والحركة. وذلك يؤدي بهم إلي التحرر من كثير من قواعد الالتزام الحركي والمنهجي العام. 6 يري أنه يجب توجه النظام كله هناك إلي التربية أولا. وبخاصة أن مسئوليته الان هي التربية. 7 يري أن توجه الدكتور القاضي يعتمد علي كثير من الباكستانيين وهؤلاء حسب قوله ليسوا علي مستوي فقه الجماعة منهجيا ولا حركيا إذ هم يتبعون توجهات الشيخ أبو الأعلي المودودي ويؤثرون التمايز عن العرب, ويدعون إلي سيطرة الانجليزية علي العربية, وهو ما يراه الشيخ عبد المتعال خطرا جسيما, يؤدي إلي مزيد من التفكك والخلل في الثقافة والعلاقات. وإن كان لي من تعليق فإني استأذن في طرحه علي النحو الآتي: 1 الوضع هناك يحتاج إلي تدخل حاسم وسريع يراعي التوازن الذي يجمع بين كل التوجهات حتي لا يعتبر فريق أن القرار مؤيد لجانب دون جانب. 2 الواضح من الواقع أن الثقة مفقودة الآن بين الجميع وهو مكمن الخطر. 3 منهج التربية هناك يساعد علي وهن الالتزام. إذ أن الجانب الاداري يكاد يسيطر علي العلاقات سيطرة شبه كاملة, والجانب التربوي يقوم علي أساس المدخل الثقافي وحده والتوسع فيه توسع قد يكون في معظمه غير ملائم لمستويات الأخوة الدعوية بينما جانب التربية الروحية, وإحياء القيم ومعايشتها, وتأصيل الانتماء للدعوة, وتعميق فقه الجندية وضوابط الأداء كل ذلك يكاد يكون غير موجود فالمخيمات والدورات تخلو من هذا تماما. وهو ما رأيته وعايشته. ولعل هذا أحد الأسباب الأساسية في فتح الطريق أمام التعصب للآراء وكثرة المجادلات وحدتها أثناء عرضها مما قد يصل إلي حد تجريح كل طرف للآخر. 4 إن العمل السريع في رأيي يقتضي الوصول إلي قرار حاسم وملزم يفرض تسكين هذه الخلافات, وعدم السماح بالحديث عنها مجرد حديث وتشكيل مجموعة تسوية تنشط في طرح المفاهيم الصحيحة لفقه الدعوة, وتعميق قيم الجندية, والحب, والأخوة, والتجرد وصدق القصد, والذلة علي المؤمنين. علي أن تكون رسائل الإمام الشهيد مدخلا رأسيا في التربية والتوجيه. وأن نكون الأساس الذي لا ينازعه سواه مهما كانت مصادره. 5 والأمر يقتضي أن يقوم المسئولون بواجبهم في الاتصال بالقواعد علي الأسس السابقة. وأن يتم ذلك بدقة تامة والتزام متين. 6 والوضع أولا وأخيرا يحتاج إلي تكثيف الزيارات إلي هذه البلاد وبخاصة من مصر. وأن تكون مهمة هذه الزيارات التأصيل التربوي قبل كل شيء. والعمل علي توثيق علاقات القيادات بعضها ببعض. 7 الكل هناك مجمع علي ضرورة قيام المسئولين هنا بزيارة قريبة لمعالجة هذه المشكلات. وقد يكون من الموافق ما اقترحه الأخ موسي من موعد انعقاد مجلس الشوري6,5 مايو بشرط إخبارهم أولا. إلي هنا تنتهي دراسة عاكف التي ترسم بوضوح حجم الجدل الذي أثير في بداية التسعينات حول سرية وعلانية فرع الجماعة بأمريكا. ملاحظات مهمة: رأينا كيف أن الأغلب الأعم من قيادات الجماعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية, يرفض فكرة العمل العلني, خشية من عدة مخاوف حصرها عاكف في الآتي: أمن التنظيم وقيادته, خاصة هؤلاء القادمين والعائدين من الشرق. انخفاض مستوي الإلتزام الحركي أو الفكري أو التربوي. إحراج تنظيمات الشرق, خاصة مع الدول الصديقة لأمريكا.. الخوف من الاحتداد مستقبلا من طوفان الجماهير المقبلة. كيفية الجمع بين أخوة سريين وآخرين علنيين في تنظيم واحد. قلة الكفاءات القيادية السرية لقيادة تنظيم علني. وعرض عاكف عدة بدائل للخروج من الأزمة أهمها: 1 أن تكون الأسناISNA)) وهي الإتحاد الإسلامي في أمريكا الشمالية هي الشكل العلني للعمل الدعوي بإجراء بعض التعديلات في نظامها ولوائحها. 2 أن يكون هناك تنظيم عام وآخر خاص منفصلون تماما وذات قيادتين منفصلتين. 3 أن يكون هناك تنظيم واحد وقيادة واحدة وذو فرعين أحدهما علني والآخر سري. 4 أن يظل الأمر كما هو عليه الآن وأن أي تصرف فيه سرعة يجب الا نقوم به الآن. ونواصل مع مهدي عاكف عرضه لرؤية القيادات الإخوانية في أمريكا للفكرة( فكرة العمل العلني), ولنا علي هذا الموضع ثلاث ملاحظات: الأولي: يشتكي الإخوان دائما من فكرة التضييق عليهم في الدول العربية وبخاصة مصر, ويروجون عبر خطابهم العلني, انهم لا يحبذون أي عمل سري, لولا تلك المعوقات القانونية التي توضع في وجه أي تحرك للجماعة نحو العلانية, والسؤال لماذا رفضوا التوجه للعمل العلني في أم الديمقراطيات( في أمريكا) وحبذوا العمل السري. الثانية: إذا كان الإخوان, وفي قلب الولاياتالمتحدةالأمريكية أقاموا تنظيما برأسين( عام وسري), فلماذا دائما ينفون أن لديهم تنظيما سريا في مصر, علي الرغم من تأكيد عدد من قياداتهم الكبار لوجود مثل هذا التنظيم, في مقدمتهم الدكتور عبد الستار المليجي. الثالثة: أن الإخوان عندما قارنوا بين محبذات العمل العلني وفي مقدمتها, تحسين صورة المسلمين في الغرب, وبين محبذات العمل السري, وفي مقدمتها الحفاظ علي أمن التنظيم وقياداته, رجح الإخوان أمن التنظيم علي تحسين صورة المسلمين, فلماذا ينكرون دائما أمام الشاشات البراقة, أنهم دائما ما يقدمون مصلحة التنظيم علي مصلحة الأمة, وهو الأمر الذي أكده عدد من قياداتهم أيضا, وفي مقدمتهم أبوالعلا ماضي وثروت الخرباوي.. وآخرون. حرب الخليج: في هذا الوقت كانت الجماعة الأم تعيش أجواء مختلفة, فبعد نهاية حرب أفغانستان وتأكد المخابرات الأمريكية من قدرات الجماعة علي الحشد والردع, جاءت حرب الخليج لتصنع المحطة الثانية في التعاون الأمريكي الإخواني المثمر. عاودت المخابرات الأمريكية الاستعانة بالإخوان في تهيئة الأجواء بمنطقة الخليج من خلال إظهار دعمهم للرئيس الراحل صدام حسين ومباركتهم لخطته غزو الكويت. حيث أوفدت الجماعة مجموعة من قياداتها من بينهم أعضاء بارزون بنقابة المحامين بمصر لمقابلة صدام حسين وأقنعوه بوضع لفظ الجلالة( الله أكبر) علي العلم العراقي, لأهمية إضفاء الصبغة الدينية علي خطابه السياسي وإطلاق مسمي الحرب المقدسة علي غزوه الغادر للكويت التي استقبلت أعدادا كبيرة من الإخوان الهاربين والمفرج عنهم من سجون عبد الناصر إبان سنوات محنتهم, واستقروا فيها وأكلوا من خيرها ثم اعتبروها فيما بعد بمثابة بيت المال للتنظيم الدولي, فكان رد الجميل هو مساندتهم ومباركتهم ودعمهم لصدام في نهب ثرواتها. طبعا جميعنا يذكر تنكرهم لجميل السعودية, التي فتحت لهم ذراعيها إبان محنتهم الأولي مع عبد الناصر. عندما ساندوا إيران في حربها ضد العراق( في حرب الخليج الأولي). لكنها الميكافيلية في أبهي صورها, تلك التي دفعت بسمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي, الي التصريح بأن الإخوان كانوا أساس البلاء في المملكة. ووفقا للسيناريو المتفق عليه احتلت القوات العراقية الكويت لإيجاد مبرر لأمريكا للتدخل بدعوي مساندة الكويت وطرد المحتل العراقي وترتب عليها لجوء إخوان الكويت لتجميد عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان وقيام الدكتور إسماعيل الشطي( المتحدث الرسمي باسم إخوان الكويت) بإجراء محاكمة صورية لمرشده الأعلي في ذلك الوقت محمد حامد أبو النصر ردا علي تأييد التنظيم لغزو صدام لبلاده. كانت العلاقات الأمريكية الإخوانية في ذلك الوقت في أعلي مستوياتها, وهو ما أكده يوسف ندا مفوض العلاقات الخارجية للجماعة, الذي ذكر: أنه قابل الرئيسين الأمريكيين, بوش الاب وبيل كلينتون, خلال حقبة التسعينيات, وعرض عليهما توسط الإخوان لأمريكا في بعض القضايا المثارة مع دول في العالم الاسلامي, مضيفا أنه اتصل أيضا بمؤسسات داخل الولاياتالمتحدة, لم يحددها, من أجل ذات الموضوع, وهو ما اقر به مأمون الهضيبي مصدقا علي كلام ندا. ومن الحقائق المؤكدة في هذا الصدد: تمكن الإخوان في ولاية نيوجيرسي أحد معاقل الجماعة بقيادة فؤاد حمودة مسئول الإخواني في الولاياتالمتحدة من الاتصال بالسيناتور هيلاري كيلنتون( قبل أن تصبح وزيرة للخارجية), التي ارسلت للحكومة المصرية عقب اللقاء- تستفسر عن ملابسات وفاة عبد الحارس مدني( المحامي المصري الذي توفي في أحد السجون المصرية آنذاك), وهو ما اكد إمكانية وصول الإخوان للبيت الأبيض عن طريق فرع التنظيم الدولي في واشنطن. كان حرص مسئولين في السفارة الأمريكية علي حضور جلسات محاكمات الإخوان إبان حقبة التسعينيات واضحا, ولم يقف الأمر عند الحضور وإنما امتد الي اعداد وكتابة تقارير حول تلك المحاكمات كما حدث في القضية العسكرية الاولي عام1995, والتي كانت تضم عددا من المتهمين الرئيسيين في مقدمتهم: عصام العريان وعبد المنعم أبوالفتوح وخيرت الشاطر. فقد حضر جلسات المحاكمة المسئول الثاني بالسفارة الامريكية, كما حضر الجلسات ايضا وفد من المحامين الانجليز واعتبر هذا تدخلا في القضاء المصري.. كما ارسلت هيلاري كلينتون برقيات تأييد للاخوان.. مسجلة اعتراضها علي المحاكم العسكرية وهو ما نشرته صحف تابعة للاخوان في ذلك الوقت, واستمر حضور ممثلين للسفارة الأمريكية في جلسات محاكمات الإخوان حتي عام1999 الذي شهد قضية النقابيين. وإلي لقاء. [email protected]