فى الغربة يصعب العثور على أبناء البلد، وتختلف الشخصيات شيئا فشيئا حتى تتغير، ثم تصبح فكرة الارتباط بأجنبية مقبولة عقليا. أحيانا تكون البداية «لطشة حب»، موقفاً عابراً يربط شخصين معا ويقربهما ومع الوقت يتم الزواج. هذا بالتحديد هو ما حدث مع «ع.م» 30 سنة، الذى حصل على هجرة إلى تايلاند منذ 8 سنوات وكان يرغب فى العمل والاستقرار وبناء مستقبل له. بعد وصوله بفترة قصيرة تزوج بفتاة ثم انفصل عنها لعدم قدرتها على الإنجاب، بينما هو ذلك الرجل المصرى الشرقى الذى يريد بشدة أن ينجب طفلا يحمل اسمه، فلم يستطع التحمل وتم الطلاق. لم يواجه «ع» صعوبة فى القرار، لأنه لم يكن يحب زوجته الأولى، فقط كان يبحث عن الاستقرار. الحب جاء لاحقا، ففى أحد الأيام كان فى المطعم الذى يعمل به ورأى فتاة تسير فى الشارع بمفردها. كانت الساعة 4 صباحا، وكعادة المصريين– وفقا لكلام «ع» فى تلك الحالات قام بمعاكستها ففوجئ بها ترد بمنتهى الأدب والاحترام لدرجة جعلته يشعر بالخجل من نفسه. كان ذلك الموقف هو الشرارة الأولى التى كشفت له كم تلك الإنسانة رقيقة ومهذبة وبدأ الإعجاب الشديد. ويقول ع: «بالفعل تعرفت عليها وتوطدت العلاقة بيننا، وتحول الأمر إلى قصة حب استمرت عامين واتفقنا على الزواج. ورحب الأهل بذلك فأهلها ناس لطفاء، وعلاقتى بهم جيدة، ويعتبروننى ابنا لهم. تم الزواج بالفعل وأنجبا ابنتهما «منى»، 4 سنوات. ووجد «ع» فى زوجته التايلاندية الصفات التى يريدها فى شريكة حياته، فهى «رائعة، طيبة، جدعة، حنونة وعاطفية إلى أقصى درجة. وقفت إلى جانبى وساندتنى وتحملت معى ما لا يمكن لأى امرأة أن تتحمله فى وقت كنت أمر فيه بظروف صعبة». وأضاف: «قبل الزواج كانت تعتنق البوذية، لكننى أقنعتها بالمنطق والعقل أن تعتنق الديانة الإسلامية، وبالفعل أسلمت قبل زواجنا مباشرة وعن قناعة تامة، ولذلك لم يحدث بيننا أى خلاف حول الديانة، خاصة أنها بالأساس إنسانة ملتزمة فى كل شىء ونحن متفاهمان إلى أقصى درجة ولذلك لم تحدث بيننا مشكلات، بسبب اختلافات البيئة والثقافة والعادات والتقاليد، فقط الخلافات العادية التى قد تحدث بين أى زوجين. وحول تربية الأطفال لم يكن لدى «ع» أى قلق فهو واثق من أن زوجته ستقوم بدورها على أكمل وجه وتربى الطفلة التربية السليمة وتوفر لها المناخ الصحى الملائم، مشيرا إلى أن الأطفال فى تايلاند يتعاملون معاملة جيدة ويتربون بطريقة أفضل منها فى مصر، ويروى مثالا على ذلك قائلا: «فى يوم كنت أضرب ابنتى فى الشارع، فاستوقفنى رجال الشرطة وعاتبونى عتابا شديدا. وأعتقد أن ذلك يثبت صحة كلامى». واستكمل حديثه قائلا: «لظروف مرض والدتى اضطررت للعودة إلى مصر مع زوجتى وابنتى، وأنا نادم على تلك العودة بسبب الخلافات المستمرة بين أهلى وزوجتى «ولذلك أرغب فى العودة إلى تايلاند.. ما يؤخرنى هو رغبتى فى الاطمئنان على والدتى أولا». من ناحيتها، قالت الزوجة، 29سنة، إن الصدفة وحدها هى التى جمعتها بزوجها، قبلها «لم يخطر» على بالها الزواج من رجل مصرى. لكنها انجذبت إليه بعدما لمست فيه «الطيبة واللطف والمعنى الحقيقى للرجولة» فهى «تشعر بالأمان» والاستقرار معه، خاصة أن كلا من الطرفين يحترم الآخر. كما أن أسرتها رحبت بهذا الزواج. وعلى الجانب الآخر، كان رد فعل أسرة الزوج مختلفاً،وواجهت الزوجة كثيراً من المتاعب، خاصة فى علاقتها بأهل الزوج التى تجعلها تشعر بالحزن بسبب سوء معاملتهم لها. مع الوقت تعودت على الحياة وأصبح لها أصدقاء» لكنها عبرت باكية عن رغبتها فى العودة إلى بلدها وأهلها الذين تفتقدهم كثيرا.