تحت عنوان «السينما التسجيلية المصرية تنعزل عن تحليل ونقد الماضى والحاضر» كان مقال «صوت وصورة» فى 18 يناير الماضى، وفيه ذكرت «إن العقبة أمام تطور الأفلام التسجيلية هى الرقابة سواء رقابة السينما أو رقابة التليفزيون التى تحول دون إنتاج أفلام تسجيلية عن الأحداث المهمة فى الحاضر أو الماضى بنظرة تحليلية نقدية»، و«لهذا لا نجد أفلاماً تسجيلية حقيقية عن السد العالى أو ثورة يوليو أو ثورة 1919، أو هزيمة يونيو أو انتصار اكتوبر أو أى حدث كبير فى التاريخ، كما لا نجد أفلاماً تسجيلية حقيقية عن غرق العبارة أو حريق قطار الصعيد أو سقوط صخرة المقطم، إلى الأحداث على الحدود مع غزة، واحداث نجع حمادى المروعة يوم عيد الميلاد»، وكان ختام المقال «لماذا لا تتحرك كاميرات السينما التسجيلية إلى غزة وإلى نجع حمادى». وقد عاتبنى المخرج الكبير والصديق العزيز فؤاد التهامى حيث اعتبر القول بأننا لا نجد أفلاماً تسجيلية حقيقية عن السد العالى تجاهلاً لأفلام شقيقه الراحل صلاح التهامى عن هذا الموضوع، خاصة فى وقت الاحتفال باليوبيل الذهبى لبناء السد العالى، والواقع أن حديثى كان عن حاضر السينما التسجيلية، وليس تاريخها، وصلاح التهامى من أعلام السينما المصرية فى القرن العشرين، والدفاع عن قيمته وعن تراثه ليس مهمة شقيقه فقط، وإنما كل من يعنيه أمر السينما فى مصر. من بين ما أعتز به كثيراً فى حياتى المهنية كناقد للسينما أننى ربما كنت أول من اهتم بالسينما التسجيلية فى الصحافة المصرية قدر الاهتمام بالسينما الروائية، وعندما توفى صلاح التهامى عام 1997 نشرت أنه «المؤرخ السينمائى لثورة يوليو من خلال أفلامه التسجيلية، قد أخرج أول أفلامه بعد أقل من سنة من نجاح الثورة عام 1952، ويزيد عددها على مائة فيلم، وأشهرها مجموعة أفلامه عن السد العالى»، ولكن التأريخ للاحداث بالسينما وقت وقوعها، غير التعبير عنها بعد مرور الزمن. وكم نحن فى حاجة اليوم إلى فيلم عن السد العالى بعد مرور نصف قرن يتأمل ويحلل بنظرة نقدية عميقة هذه المعركة الكبرى من أجل البناء، وليس المقصود بالنظرة النقدية كما هو شائع مع الأسف الهجوم، وإنما التحليل العميق، الذى لا يقلل بالطبع من قيمة ما أنتج أثناء وقوع الحدث. قال جونتر جراس فى القاهرة عام 1980: لقد كانت معركة بناء السد العالى من المعارك الكفيلة ببعث أمة، وصنع نهضة، وبعدها هزيمة 1967 وبعدها انتصار 1973، فلماذا لم تنهض مصر فى معركة البناء، ولماذا لم تنهض لا بعد الهزيمة ولا بعد النصر، ولا يزال السؤال من غير إجابة. [email protected]