كشفت مذكرات رئيس الوزراء البريطانى، تونى بلير، التى طال انتظارها، كيف أنه لا يشعر بالندم بشأن مشاركة بلاده فى حرب العراق على الرغم مما «ذرفه من دموع على الضحايا»، وكشفت المذكرات أيضاً عن علاقته بمن خلفه فى مقعد رئاسة الوزراء، فضلاً عن اعترافات بشأن معاقرته الخمور ومعاملاته مع الملكة. وألقى الكتاب الذى جاء بعنوان «رحلة» حجراً فى المياه السياسية بمجرد ظهوره فى المكتبات أمس. وتشير مقتطفات من الكتاب إلى أن بلير بكى الجنود والمدنيين الذين لقوا حتفهم فى العراق، ولكنه بالرغم من هذا يعتقد أن قرار اجتياح العراق وإسقاط صدام حسين كان صائباً. وتحكى واحدة من مقتطفات الكتاب التى أفصحت عنها دار النشر أمس الأول عن بلير قوله: «أشعر بالأسف من كل ذرة فى كيانى للأرواح التى فقدت، والدموع مهما انهمرت بغزارة لن تكفى للتنفيس عن حزنى»، ولكن كما يقول بلير: «مازلت أعتقد أن ترك صدام فى السلطة كان يمثل تهديداً أكبر لأمننا بالمقارنة بالمخاطر التى تعرضنا لها خلال عملية الإطاحة به، وقد كان هذا الواقع المرعب لصدام وابنيه، ونستطيع على أقل تقدير القول إنه كان مرشحا لأن يكون أكثر سوءاً»، وتابع قائلاً: «لا أستطيع أن أندم على قرار المشاركة فى الحرب». ونكأ بلير أيضاً جراح السياسة الداخلية، معتبراً أن خليفته ومنافسه السياسى جوردن براون «صعب المراس ويصيب المرء بالجنون وغير محتمل»، ورأى أن العلاقة بينه وبين براون الذى كان يشغل منصب المستشار المالى فى حكومة بلير كانت «بصدق صعبة وتصل إلى حد غير الممكنة»، وأضاف أنه كان واضحاً له دائماً أن براون «لن يفلح أبداً كرئيس للوزراء لأنه لا يمتلك ذكاءً عاطفياً». ويعد كتاب «رحلة» بأن يمكن القارئ من اختلاس النظرات لما دار خلف الستار فى الأحداث العالمية الكبرى، ومن بينها وفاة الأميرة ديانا وهجمات 11 سبتمبر وحتى اجتياح العراق، لكن الخبراء لا يعلقون آمالاً كبيرة على تلك المذكرات فى حل لغز وجهات النظر المتضاربة والعواطف المتناقضة التى يثيرها بلير. وعلى أى حال، فقد وصف بلير الكتاب الذى استغرقت كتابته 3 سنوات بأنه «يتطرق إلى الأبعاد الإنسانية أكثر من السياسية فى حياة رئيس الوزراء». وتفيد المكتبات البريطانية بأن الكتاب لقى إقبالا كبيرا. وقد حاز بلير على ما يقدر ب4 ملايين و600 ألف جنيه إسترلينى (7 ملايين ونصف مليون دولار)، فيما قرر التبرع بعائد المبلغ لمؤسسة خيرية ترعى الجنود الجرحى. وتوزع مذكرات بلير، التى وصفتها دار النشر راندوم هاوس بالرواية «الصريحة وغير المتحفظة» للحياة فى قمة السلطة، فى 12 دولة بالإضافة إلى وجودها فى شكل إلكترونى وصوتى، بصوت بلير نفسه. والكتاب ضمن أكثر الكتب البريطانية مبيعاً على قائمة «أمازون» وذلك على الرغم من أنه يأتى فى ترتيب متأخر على الموقع الأمريكى للموقع ذاته. جاء ذلك فيما حذر بلير- خلال مقابلة مع «بى بى سى» قبيل توجهه إلى واشنطن لحضور افتتاح محادثات السلام فى الشرق الأوسط بصفته مبعوثاً للجنة الرباعية الدولية للسلام فى المنطقة من خطر نووى محتمل من إيران، موضحاً أنه لا يستبعد أن يكون التدخل العسكرى ضد إيران أمراً ضرورياً.