أصبح مصير لوحة «زهرة الخشخاش» للفنان الهولندى فان جوخ مجهولاً بعد سرقتها من متحف محمد محمود خليل بالجيزة، صباح أمس الأول، وتضاربت الأنباء حول العثور عليها عقب إعلان فاروق حسنى، وزير الثقافة، مساء أمس الأول، أنها ضُبطت بحوزة شابين إيطاليين فى مطار القاهرة، قبل أن يتراجع بعد ساعة، مؤكداً أن المعلومات التى أفادت باستعادة اللوحة «غير دقيقة ولم تتأكد من الجهات المختصة»، بينما استدعت النيابة 14 مسؤولاً بوزارة الثقافة والمتحف لسؤالهم عن الواقعة. وكشفت المعاينة الميدانية التى أجراها المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، فى موقع المتحف، أمس، عن مفاجآت من بينها وجود 7 كاميرات فقط تعمل من بين 43 كاميرا بالمتحف، وتعطل جميع أجهزة الإنذار المرتبطة باللوحات. وحاول النائب العام إجراء تجربة عملية أثناء المعاينة للتأكد من أن أجهزة التشغيل معطلة، فاقترب من إحدى اللوحات ووضع يده عليها، ولم يضئ جهاز الإنذار، وكرر التجربة مرة ثانية ليتأكد من أن نظام التأمين لا يعمل، وعندما سأل مسؤولى المتحف الذين رافقوه، أكدوا أن الأجهزة تعمل بكفاءة، وأن هناك دفاتر تأمينية يتم إثبات اللوحات فيها صباحاً ومساء، فرد عليهم المستشار عبدالمجيد محمود، مؤكداً أن التحقيقات ستكشف كل شىء، وطلب من المحققين فى نيابة شمال الجيزة، المسؤولين عن التحقيقات فى القضية، إثبات عطل أجهزة الإنذار فى محضر المعاينة. وأشار النائب العام بيده إلى السور الخلفى للمتحف أثناء المعاينة، وقال إن ارتفاعه المنخفض يسهل على أى شخص أن يقفز من فوقه، موضحاً أن المتحف يحيط به من أحد الجوانب مجلس الدولة ولكن يفصلهما جراج خاص بالمجلس، ومن الجهة الأخرى شارع صغير، ومن الخلف مبنى سكنى، وأن الغرفة التى كانت بداخلها اللوحة لها باب واحد ونافذة صغيرة، متعجباً من عدم اكتشاف السرقة إذا كان مرتكبها مر من البوابات الإلكترونية الموجودة فى مدخل المتحف. وأمر المستشار هشام الدرندلى، المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة، باستدعاء 14 مسؤولاً عن متحف محمد محمود خليل لسؤالهم عن الواقعة، وأسباب تعطل أجهزة الإنذار، ومن بينهم محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، وريم أحمد بهير، مديرة المتحف، والقائمة بأعمال مدير المتحف، وأمين عام المتحف، وأفراد الأمن المكلفين بالحراسة والموظفين. وكشفت تحقيقات محمود الحفناوى، رئيس النيابة الكلية، عن أن المتهم المجهول دخل المكان وفى حوزته آلة حادة (كتر) نزع به اللوحة بعد أن أحضر «كنبة» وصعد فوقها ليتمكن من الوصول إلى اللوحة وأنه خرج من المكان وبحوزته اللوحة وسلاحه الأبيض دون تفتيش، ودون أن ترصده الكاميرات أو تنطلق صافرات الإنذار لتعلن عن السرقة. وتبين من التحقيقات أن الإجراءات المتبعة فى المتحف لا تشترط تفتيش الزوار أو تسجيل أسمائهم فى الدفاتر، بعد أن اشتكى الزوار الأجانب من سوء المعاملة أثناء الدخول والخروج والتأخير فى عملية تسجيل البيانات. وقال فرد الأمن الذى اكتشف السرقة إنه علم بها فى الواحدة والنصف، ظهر أمس الأول، وأبلغ المسؤولين عن المتحف بالواقعة، فيما أكد بعض الموظفين فى التحقيقات أن الكاميرات متهالكة، والرقابة منعدمة نهائياً فى المكان. وقال مصدر قضائى ل«المصرى اليوم» إن تهمتى الإهمال العمد والتسبب فى إلحاق ضرر بجهة العمل تنتظران المسؤولين الأربعة عشر. وتكثف أجهزة الأمن فى الجيزة جهودها لكشف غموض الجريمة. وقال المستشار عبدالمجيد محمود، فى تصريحات صحفية عقب انتهاء المعاينة الميدانية التى استغرقت قرابة 40 دقيقة، إن المراقبة فى المتحف «شكلية فقط تتم من خلال إثبات وجود المقتنيات فى المحاضر الصباحية والمسائية»، مؤكداً أن المعاينة أثبتت وجود خلل واضح فى عملية تأمين المتحف وما يحويه من لوحات غاية فى الأهمية، وأن 7 أفراد أمن فقط يتولون حراسته، وهو عدد غير كاف لتأمين المكان، خاصة مع تعطل الكاميرات وأجهزة الإنذار. فى سياق متصل، نفت مصادر أمنية بمطار القاهرة الدولى بشكل قاطع المعلومات التى ترددت عن إلقاء القبض على شخصين يحملان الجنسية الإيطالية وبحوزتهما لوحة «زهرة الخشخاش»، وقالت المصادر إنها أبلغت اللواء حمدى عبدالكريم، مساعد أول وزير الداخلية مدير العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية، واللواء عدلى فايد مساعد أول وزير الداخلية مدير الأمن العام، فى تمام الساعة الثانية عشرة من صباح أمس، بأنه لم يتم القبض على أى شخص. وأكدت المصادر أن المعلومات التى وردت فى بيانات وزير الثقافة لم تصدر عن أمن المطار، وأن فاروق حسنى، وزير الثقافة، لم يجرِ أى اتصالات هاتفية مع المسؤولين بأمن المطار ليتأكد من مدى صحة هذه المعلومات قبل أن يعلنها فى بيان رسمى. وأضافت المصادر الأمنية بمطار القاهرة أن اللواء سامى دراز، مساعد أول وزير الداخلية، قرر فرض إجراءات أمنية مشددة فى عمليات فحص وتفتيش السائحين المغادرين خاصة على حقائبهم، وأنه تم تكثيف العمل بالكاميرات وأشعة الفحص الخاصة بفحص الأمتعة، مؤكدة أن اللوحة لم تخرج من مصر حتى الآن عن طريق مطار القاهرة منذ الإبلاغ عن سرقتها. وأوضحت المصادر أن سبب تضارب الأنباء حول مصير اللوحة، هو اعتماد فاروق حسنى، وزير الثقافة، فى بيانه على معلومات وردت له من بعض مندوبى الصحف القومية بمطار القاهرة تليفونياً، وأن المندوبين مرروا لصحفهم هذه البيانات المغلوطة.