قل «حصرى» ولا تقل «مصرى».. وقل الدولة «الحصرية» ولا تقل الدولة «المصرية».. فقد استطاع إعلام أنس الفقى أن يرفع شعار «الحصرية» فى مواجهة «المصرية»، وأن يفعل بالهوية المصرية، ما لم يستطع أى إعلام غيره، أن يفعل ما فعله بمصر، ولا حتى فى زمن الحروب.. إسرائيل لم تنجح، ولا بريطانيا العظمى بجلالة قدرها، طوال 70 عاماً من الاحتلال! الآن كل شىء تغير فى الدولة الحصرية.. هذه الدولة الخرافية عاصمتها ماسبيرو، والعاصمة الثانية مدينة الإنتاج الإعلامى.. تنتج الدراما وتحارب الجماعة.. دولة تنزل إلى جماعة، وتنافس جماعة.. تريد أن تنتصر عليها.. وتشغل سكان الدولة الحصرية بمعركة وهمية.. ليس من مصلحتها أن تنتهى.. لا نصر ولا هزيمة.. لا سلم ولا حرب.. استثمار حقيقى، فى زمن كل شىء فيه بيزنس! تصحو فى الصباح، على نشرة فى تليفزيون الدولة الحصرية.. وتنام على مارشات عسكرية، والسلام الوطنى للدولة الحصرية.. يخرج المذيع علينا بقوله: «سيداتى وسادتى نحييكم من تليفزيون دولتنا الحصرية، من ماسبيرو.. بعد قليل تلتقون مع أخطر دراما حصرية، مع مسلسل الجماعة.. نترك كل شىء فى أيدينا، ثم نتابع لعبة القط والفأر، بين الجماعة وأمن الدولة، لتحدث الصدمة المطلوبة!». مواصفات الدولة الحصرية، أنها دولة فاضية مرتبكة.. تنام النهار كله وتجلس أمام التليفزيون طوال الليل.. تغنى «حصريتنا.. وطنيتنا.. حماها الله.. الله الله».. وتردد فى مبارياتها وملاعبها «الحصريين أهمه».. ويقف شعبها فخوراً بنظامه «الحصرى»، ليقول على الملأ: «أنا الحصرى كريم العنصرين».. كل شىء فيها حصرى، حتى فقرها حصرى! التليفزيون فيها حصرى، والتزوير أيضاً حصرى، والتوريث حصرى.. وجنون الأسعار حصرى.. والحرب على منافذ الخبز حصرى.. والخيبة حصرى والتنبلة حصرى.. وسكان المقابر حصرى.. وانقطاع الكهرباء والمياه حصرى.. الشنطة فيها حصرى، وفقرنا حصرنا ونظامنا السياسى حصرى.. أنا حصرى وأنت حصرى، لأن دولتنا حصرية.. حسرة علينا يا حسرة علينا! وفى الدولة الحصرية أهم مسؤول فيها وزير الإعلام.. يستطيع أن ينومك متى شاء.. ويستطيع أن يشغلك عن نفسك حتى لا تفيق.. لا يمارس التعليم والتثقيف، وإنما يمارس التنويم المغناطيسى، والتخدير المستمر.. يشجع على التنبلة والأنتخة، وكلما نجح بقى.. فالدولة الحصرية لا يعنيها الإنتاج، وإنما يعنيها مواجهة الاستهلاك فقط.. على طريقة شرا العبد ولا تربيته! أهم خبر يتصدر النشرات، هو خبر اجتماع رئيس الدولة الحصرية.. دون إشارة إلى أى شىء.. اجتماع والسلام.. وعلينا أن نخترع ما دار فيه.. لأن قوانين التليفزيون الحصرى، تسمح بالشائعات، أكثر مما تسمح بتداول المعلومات.. ويغيظه أن تتصدر نشرة قناة الجزيرة، أخبار المظاهرات ضد النظام الحصرى، حين تطالب بتعديل الدستور، أو مراقبة الانتخابات! والفقى لما يسعد، يبقى عنده عشرات الفضائيات.. يتحكم فيها ويقفل الحنفية.. فيمشى الكل على الخط، أو يمشى جنب الحيط.. حصرى مش حصرى، عليه السمع والطاعة.. مايفرقش كتير عن الجماعة.. الجماعة التى اختلقها ليحاربها مرة وينافسها مرة.. وطوال الوقت يجعلها البديل.. وإن ادعى أنه يحاربها.. فلا تتعجب، إنها لعبة الدولة الحصرية، ووزير إعلامنا «الحصرى»!