■ القصة الأولى من وحى لوحة رسمتها لوجه حبيبتى، الخطوط كانت مضطربة، والألوان كانت رديئة والضوء كان خافتاً، والظلال كانت بدائية، لوحة ساذجة حقاً ولكن أجمل ما فيها أننى رسمتها بريشة الحب: جلس فى ركن هادئ، أدار شريط الموسيقى الخفيفة، وأمسك بالقلم والورقة، وقرر أن يكتب شعراً، تارة يشبهها بفراشات الحقول، وتارة أخرى بأطياف الخيال، ومرات كثيرة لا يذكر عددها حاول مقارنتها بطيور النورس وملائكة الأحلام. فى وسط الأبيات اضطر للكتابة عن شعرها الليلى وكلامها البلسم، وابتسامتها الصافية، تركت أصابعه القلم، أمسك بالورقة ومزقها، حينها أيقن أن عينيها أكثر صدقاً وأن كل ماعداها نثر ردىء. ■ القصة الثانية من وحى لوحة الصرخة لإدوارد مونش: «لقد كان طريقنا دائماً بمحاذاة الهاوية» إدوارد مونش الجسر لسان يمتد بثعبانية إلى داخل البحر يلعق ملحه.. والخشب قد نخره السوس وطغت عليه التجاويف السوداء.. ورغم هذا الوهن الذى أصابه والتآكل الذى جعل أعمدته المغروسة فى الملح أنابيب من الغاب الفارغ فالكل مازال يصر على أن يتنزه فوقه.. تأتى هى مع هذا الجمع الحجيج.. تتعمد أن تدوس بقوة على خشب الجسر حتى تسمع طقطقة رتيبة فتبدو خطواتها عسكرية.. تقطع الجسر طولاً وعرضاً.. تقشعر بلذة صدام المناكب وتقفز كالأطفال حين يتقوس خشب الجسر إلى أسفل.. أتت معهم تحتفل بعيد تحول عيدان خشب الجسر إلى قش ذهبى متوج بلفح الشمس.. الريح التى ستشعل قش الجسر شموعاً للاحتفال بلا حفيف.. أجنحة طيور النورس بلا رفيف.. ثرثرة الجمع ونميمته فى مثل هذه المناسبات بلا صوت.. رذاذ البحر وهو ينعم على المتسابقين إليه أخرس الزبد.. تأبط الذراع وقبلة الفم وإحاطة الخصر وتوتر اللقاء وسخونة الجسد، كل هذا بلا رجفة النشوة.. يمرون بجانبها ومن خلالها فهى قد تحولت إلى صورة بأشعة إكس.. جمجمة بجبهة عريضة ووجنات بارزة ومحجران واسعان هما بئران بلا قرار، وجسم أسود شبحى شفاف.. تحاول أن تدفعهم عنها.. تراوغهم.. تعرقلهم.، استندت بعد ما شلها التعب إلى جانب الجسر... ألصقت يديها برأسها وأخذت فى الصراخ. [email protected]