السينما هى أقرب نموذج لشكل الحلم، والفيلم هو «المستوى» الذى تذهب إليه بإرادتك لترى فيه عالماً جديداً بعيداً عن واقعك، غالباً ما يكون أفضل، تعدل من خلاله حياتك، وتشحن بمشاهده عقلك الباطن، وربما تخزن منه أفكاراً أو صوراً أو جملاً حوارية تستخدمها لاحقاً فى حل مشكلة ما، أو تخرج بها من مأزق، أو تقابل فيه شخصاً فقدته فى الحياة، أو تزور معه مكاناً لم تذهب إليه، أو تحسن به طريقة تفكيرك واختياراتك فى المستقبل، سواء عن قصد أو دون أن تدرى. فيلم «بداية» هو النموذج الاستثنائى لهذه السينما، فهو «حلم» متعدد المستويات، أو «حلم داخل حلم داخل حلم»، و«مهندسه المعمارى» هو العبقرى الإنجليزى «كريستوفر نولان»، مؤلفه ومخرجه، الذى تولى مهمة تصميم حلم سينمائى شديد الإتقان والخيال والفانتازيا والإثارة والواقعية والذهنية والغموض بخطوط إنسانية واضحة تتدرج من الدفء والإخلاص وحتى الانتهازية والشعور بالذنب، ليفتح للمشاهد فضاءات من المتعة، وسماوات تطير فيها الأسئلة كأسراب طيور لا تنتهى، تعيد تفكيرنا وإدراكنا، وتجعلنا نبحث عن إجابات تتعلق بوجودنا، ووعينا، وعلاقاتنا، وإنجازاتنا، وهزائمنا، وأفراحنا، وأماكننا الحقيقية، ولنخرج من دار العرض بسؤال بحجم صناعة السينما: «هل نعيش فى حلم؟».