■ منذ أيام قليلة كانت الصحف والمواقع الإلكترونية تنشر خبر نجاح مفاوضات هانى العتال، عضو مجلس إدارة نادى الزمالك، مع محافظة الجيزة وحى العجوزة للبحث عن حل لأزمة تكدس السيارات أمام البوابة الرئيسية للزمالك.. وتقرر إزالة جزء من رصيف شارع محمود بدر الدين ليصبح ساحة انتظار للسيارات.. هذا هو الخبر الذى لم يلفت انتباه أحد إلا أعضاء نادى الزمالك من أصحاب السيارات ودائمى التردد على ناديهم.. ولكنه استوقفنى أنا أيضا لسبب آخر ومختلف تماما.. استوقفنى وأغضبنى وأحزننى أن يتم اختصار اسم محمود بدر الدين فى مجرد إشارة سينتزعون منه الرصيف أو فى ساحة انتظار للسيارات.. وأن يتم نشر هذا الخبر والحديث عنه قبل أيام من انطلاق بطولة الدورى العام الرابعة والخمسين فى مصر.. وكل الناس لا تعرف ولا تتذكر ولا أحد يقول لها إن محمود بدر الدين هو الذى قدم هذا الدورى لمصر كلها.. وكنت أتمنى أن يبدأ الدورى الجديد يوم أمس وهناك ألف تحية.. وألف وردة حب.. وألف شهادة تقدير واعتزاز وامتنان.. لهذا الرجل الحالم والعنيد، الذى فكر وقرر وحاول وحارب وتحمل وصبر كثيرا حتى نجح فى أن يهدى لمصر بطولة الدورى العام التى لاتزال تزدان وتحتفى وتنشغل وتهتم وتفرح أو تحزن بسببها مصر كلها.. أستاذ الفنون التطبيقية الذى بدأ حياته مع كرة القدم لاعبا لا يملك الموهبة، فأصبح حكما قديرا وعاش سنوات وهو الحكم الأول فى مصر قبل أن يعتزل التحكيم، ليصبح أول معلق كروى فى تاريخ الإذاعة المصرية.. كان له أسلوبه وطريقته وعبقريته التى ضاعفت من شعبية الكرة فى مصر.. حتى إن أى مؤرخ للكرة المصرية سيعد دراسة رصينة عن تطور الكرة المصرية لابد سيتوقف كثيرا وطويلا أمام محمود بدر الدين، المعلق الإذاعى يعلم المصريين كيف ولماذا يحبون كرة القدم.. وفى عام 1946.. قرر محمود بدر الدين أن يترك الجامعة والتدريس فيها ويتفرغ تماما لكرة القدم.. وأرجوكم ألا تتعاملوا مع كلماتى هنا باعتبارها مجرد حدوتة من التاريخ.. وإنما أريدكم أن تتوقفوا عند كل نقطة وتطيلوا التمهل والتمعن والتحليل والاستنتاج.. النقطة الأولى أن محمود بدر الدين وجد تعارضا بين بقائه فى عالم كرة القدم وبين عمله كأستاذ جامعى.. لم تكن هناك لوائح أو قواعد تمنعه.. لكنه وجد المجالين لا تربطهما ببعض أى صلة.. فقرر أن يستقيل من الجامعة.. وهو تماما عكس ما يفعله مسؤولو الكرة الآن، حيث يريدون الكرة وعضوية مجلسى الشعب والشورى والجامعة والمدرسة والاتجار فى الأراضى وفى الشرف، إن استدعى الأمر، ولأن محمود بدر الدين كان يحترم نفسه ولم يشأ أن يكون له مصدر رزق آخر إلا من الكرة التى يعشقها.. فقد استقال من منصب سكرتير عام اتحاد الكرة بالانتخاب ليصبح مديرا للاتحاد بالتعيين ويتقاضى راتبا يجعله مترفعا عن أى صغائر ويبدأ فى التخطيط للكرة المصرية.. وأرسل خطابا شهيرا للجنة الأوليمبية المصرية يخطرها فيه بأن اتحاد الكرة ليس فى حاجة للمعونة السنوية التى كان الاتحاد يتلقاها عبر اللجنة الأوليمبية من وزارة الشؤون الاجتماعية.. كان الرجل مقتنعا بأن الكرة بكل هذه الشعبية والرواج لابد أن تصبح قادرة على أن تنفق على نفسها دون احتياج لأى معونة من أى أحد.. كانت تلك هى رؤية محمود بدر الدين عام 1946.. ولكى يتحقق ذلك، كان لابد من بطولة للدورى العام فى مصر أسوة ببلدان أوروبا.. وبدأ الرجل محاولاته لإقناع الجميع بقبول فكرة هذه البطولة.. لكن لم يستجب له أحد.. ولم ييأس الرجل.. حتى نجح أخيرا فى إقناع الفريق محمد حيدر، رئيس اتحاد الكرة ورئيس الزمالك فى الوقت نفسه، وياور الملك فاروق وأحد الذين يحظون بالثقة الملكية المطلقة، بأن يقوم بعرض الفكرة على الملك.. ووافق الملك أخيرا.. فامتلكت مصر أول بطولة للدورى العام انطلقت يوم 22 أكتوبر عام 1948.. أى أن الرجل العنيد بقى يحارب وحده قرابة العامين، لأنه باختصار كان صاحب قضية وليس صاحب مصلحة.. كان عاشقا لكرة القدم وليس متاجرا بها.. ولن أتوقف هنا عند تفاصيل أخرى تخص الرجل وعلاقته الأولى بالنادى الأهلى، التى لم تدم طويلا أو علاقته بنادى الزمالك، الذى طالت ودامت كثيرا، لأننا للأسف الشديد أصبحنا نعيش زمن العبث والانحطاط الكروى.. حيث يبيح لنا هذا الانحطاط والتخلف أن نعادى أحدا ونسرق منه كل أفضاله ومزاياه لو ثبت أنه من الزمالك ونحن أهلاوية أو ثبت أنه ينتمى للأهلى ونحن لا نحب ولا نعرف أو نحترم إلا نادى الزمالك.. وبدلا من ذلك أتوقف عند الرجل نفسه، الذى تحمل ما لا يمكن تخيله من رفض ومقاومة وسخرية واستنكار ولكنه كعود نخيل صلب يطل بشموخ على أى ترعة مصرية.. لم ينهزم ولم ينكسر.. فنجح ونجحت فكرته واستمرت وكبرت وباتت أهم حقيقة وأجمل واقع تعيشه الكرة المصرية فى كل سنة.. وكلما شاهدت زاهر يتحدث عن الموارد الجديدة للكرة المصرية أو تابعت اجتماعات البث التليفزيونى ومفاوضات عقود رعاية الدورى بين الشركات الكبرى والاتحاد أو بين الشركات والأندية.. قرأت الفاتحة لروح محمود بدر الذى الى كتب وخطط وتوقع كل ذلك منذ 64 عاما.. إلا أننا للأسف، نسينا كالعادة الرجل والثمن الذى دفعه من حياته وأعصابه لإقامة هذا الدورى.. وهو أمر ليس جديدا علينا.. فعلنا ذلك من قبل مع عمر لطفى، الذى أسس النادى الأهلى.. فغنينا ورقصنا للتتش وصالح سليم والخطيب وحسن حمدى وأبوتريكة ونسينا الرجل الذى أسس النادى نفسه.. فعلناه أيضا مع جورج مرزباخ، الذى أسس نادى الزمالك.. فبات التكريم كله لمحمد حسن حلمى، ثم لرجال الأعمال والحفاوة كلها لنجوم الكرة من حنفى بسطان وعصام بهيج وجعفر وشحاتة حتى شيكابالا ونسينا صاحب الفكرة وأول قرار ببناء كيان اسمه الزمالك.. فالوفاء شيمة جميلة ورائعة ولكن لا تعرفها الرياضة ولا يحترمها جمهور الرياضة فى مصر.. وكأن الجميع يقولون لكل القادمين الصغار.. إن قررتم البناء والإبداع والابتكار فهذا شأنكم ولن يهتم بكم أو يتذكركم أحد.. لأننا أمة لا تعشق إلا الحواة والبهلوانات وأصحاب الصوت العالى، الذين ينامون والثعابين فى أحضانهم والقادرون دوما على إخراج الأرانب من جيوبهم.. رحم الله محمود بدر الدين.. الرجل العبقرى والعظيم الذى سبق عصره وأوانه وأهدانا أجمل وأغلى هدية فى تاريخ الكرة المصرية.. الدورى العام. ■ على المستوى الشخصى أحب مجدى عبدالغنى.. وأستمتع بصحبته والحوار معه عن شؤون الحياة وهمومها.. ولكننى أختلف معه كثيرا وجدا فى مجال كرة القدم.. سبق أن اختلفت معه فى أسلوب ومنطق إدارته للجنة شؤون اللاعبين باتحاد الكرة وتمنيت فى فترة ما أن يتفرغ لجمعية اللاعبين المحترفين التى يرأسها وأن يعيد لها الروح والحياة ويحيلها من كيان هامشى إلى جمعية حقيقية تدافع عن كل لاعبى مصر أو الأجانب المحترفين فى مصر ضد أى ظلم أو خطأ فى اتحاد الكرة أو أى ناد.. والآن أختلف معه فى عدم جواز الخلط بين أى منصب إدارى أو تنفيذى فى اتحاد الكرة وبين العمل الإعلامى فى دوائر الكرة.. وقد لا أكون صاحب الحق ولكننى على الأقل أؤمن تماما بما أقوله وأكتبه.. ويعارضنى مجدى عبدالغنى، مؤكدا أن علاقته بالإعلام الرياضى بدأت وتحققت واكتملت قبل أن يجلس على أحد مقاعد مجلس إدارة اتحاد الكرة.. وبالتالى هو لم يستغل وجوده فى اتحاد الكرة ليعمل بالإعلام الكروى.. وأنا لم أتحدث عن استغلال أو عمن يسبق الآخر.. عضوية الاتحاد أو العمل بالإعلام.. إنما أتحدث عن الخلط فيما لا يجوز فيه الخلط.. هم يقولون لك إنهم يفصلون تماما بين أدوارهم فى الاتحاد أو مع المنتخبات وبين عملهم فى الإعلام.. وأنا على استعداد لأن أصدق أن هذه هى نواياهم الحقيقية بالفعل.. لكن ما يجرى فى الواقع، رغما عنهم، هو شىء آخر تماما.. فمجدى عبدالغنى اضطر لأن يترك اجتماعا مهما وحاسما وعاصفا لاتحاد الكرة بشأن قضية جدو وجرى ليلحق ببرنامجه التليفزيونى وينفرد بتفاصيل عقوبة جدو.. وقبله كان مصطفى يونس يترك فريقه ليلة مباراة رسمية فى تصفيات بطولة أفريقيا للشباب لأنه كان يقدم برنامجا انتهى فى الرابعة صباحا.. مجدى قال لى إن عمله فى اتحاد الكرة تطوعى وإن دخله الحقيقى يأتى من الإعلام.. ومصطفى يونس قال لى إنه ذهب للاستوديو ولاعبوه نائمون، ولم يكن وجوده فى الفندق سيعنى لهم أى شىء.. وأنا لا أوافق على هذا الطرح.. فمجدى إذا كان مضطرا للعمل الإعلامى باعتباره مصدر الدخل الحقيقى والدائم.. فليترك اتحاد الكرة لمن لا يحتاج دخلا يأتى من برامج الكرة التليفزيونية.. ومصطفى هو أول من يعرف أن المدير الفنى قد لا يكون مطلوبا منه أن يبقى ملاصقا للاعبيه وكل منهم نائم فى فراشه طول الليل.. ولكنه لابد أن يكون قريبا منهم، وفى حالة هدوء وتركيز واستعداد نفسى وخططى لمباراة مهمة سيقودها فى الغد لا فى بلاتوه تليفزيونى حتى الفجر وسط أضواء الكاميرات وصخب المخرج والمصورين والانشغال بالقضايا المقدمة فى البرنامج.. ثم إننى لا أجد مبررا للجمع بين المجالين.. وبالطبع لا أقصد مجدى أو مصطفى يونس وحدهما.. إنما أتمنى إقرار مبدأ عام سواء يخص كرة القدم أو باقى اللعبات واتحاداتها أيضا.. فأنا لا أجد مبررا واحدا لصحفى يكتب فى النهار عن الهوكى أو اليد أو الدراجات أو الإسكواش أو المصارعة.. ثم يجلس ليلا على مائدة الاجتماع يشارك فى وضع السياسات العامة للعبة التى كان ينتقدها فى الصباح.. فأنا فى الإعلام أتحدث عن أخطاء ومشكلات وتقصير أو حتى فساد وخطايا.. فإن كنت ممن يديرون هذه اللعبة.. فكيف سأتحدث بحرية ودون مجاملة أو لماذا لا أتوقف عن الكتابة وما كنت أريد قوله على ورق الصحف أو على الشاشة أقوله على مائدة الاجتماع وخلف باب مغلق.. وأنا أعرف أننى بهذه الدعوة سأواجه حروبا ممن يخشون على مصالح أو وظائف ومكاسب قانونية ومشروعة ولكننى لا أراها لائقة ولا ينبغى أن تبقى وتستمر. ■ بسرعة.. تلقف الكثيرون منا ما يجرى فى السودان حاليا باعتباره طوق نجاة لسمير زاهر ومجدى عبدالغنى وحازم الهوارى وأيمن يونس الذين لن يحق لهم خوض الانتخابات المقبلة فى اتحاد الكرة بعدما أمضى كل منهم دورتين انتخابيتين.. ففى السودان تم استبعاد كمال شداد من ترشيح نفسه رئيسا لاتحاد الكرة هناك بعدما أمضى دورتين رئيسا للاتحاد، ولم يعد من حقه خوض الانتخابات لفترة ثالثة وفقا لقانون الهيئات الرياضية بالسودان.. ولم يستسلم شداد ولم يقبل هذا المنع واستغاث بالفيفا وأرسل لها شكواه واعتراضه.. وبالفعل أرسل الفيفا إنذارا للحكومة السودانية بإلغاء الانتخابات التى أقيمت بالفعل وإعادتها مع السماح لشداد بخوضها مثله مثل أى مرشح آخر.. ودون صبر أو رؤية.. خرج بعضهم فى الإعلام المصرى شاهرين السيوف وحاملين البشرى لسمير زاهر ورفاقه بأن الفيفا يرفض الثمانى سنوات ولا يعترف بها ومثلما أجبر الفيفا الحكومة السودانية على إعادة الانتخابات والسماح لشداد بخوضها رغم أنه أمضى فترتين بالفعل رئيسا.. فإنه بات من حق زاهر وكل الرفاق أن يخوضوا الانتخابات المقبلة دون أن يخشوا حسن صقر أو الحكومة المصرية كلها لأن الفيفا لن يسمح بأن يجرى فى مصر ما سبق أن رفضه فى السودان.. ولم يقرأ هؤلاء القضية بالشكل الضرورى والمطلوب قبل الصراخ والهتاف لزاهر أو غيره، مع تقديرى واحترامى للجميع سواء أصحاب الهتاف أو المهتوف لهم.. فالحكاية أن الفيفا لا يعترف بقوانين حكومية فى أى بلد.. الفيفا يعترف فقط بكل لائحة محلية اعتمدتها الجمعية العمومية فى بلد اللائحة ولا تتعارض مع اللائحة الأساسية للفيفا.. والجمعية العمومية للاتحاد السودانى لم تعتمد لائحة سودانية جديدة تتضمن بند الثمانى سنوات.. وبالتالى رفض الفيفا استبعاد كمال شداد استنادا إلى نص ليس له وجود فى لائحة محلية معتمدة من الجمعية العمومية ومن الفيفا.. وهو ليس الحال فى مصر.. فاللائحة المحلية فى مصر تتضمن هذا البند وهى معتمدة من الجمعية العمومية ومن الفيفا أيضا.. تماما مثل جنوب أفريقيا التى تكتفى بدورتين متتاليتين فقط لأى رئيس أو عضو.. وبالتالى لا يعد استبعاد زاهر ورفاقه فى الانتخابات المقبلة أمرا يتعارض مع لوائح الفيفا.. ولن يحق لكل من أمضى فترتين سابقتين أن يخوض الانتخابات ليقضى فترة ثالثة.. وأنا شخصيا.. حتى بدون لوائح أو قوانين أو فيفا أو حكومة.. انتصر للثمانى سنوات وأراها فترة كافية جدا للرئاسة مهما كان المجال أو كان الدور والصفة. ■ أنا سعيد بقرار اللواء الفخرانى، محافظ الإسماعيلية، إحالة خالد عبدالفتاح، مدير مكتب المحافظ، للتحقيق بشأن سلوك غير لائق قام به مدير المكتب أثناء مباراة الأهلى والإسماعيلى الأفريقية فى استاد القاهرة.. ولكننى فقط ألفت انتباه جمهور الإسماعيلى إلى أن إحالة مدير المكتب للتحقيق كان بسبب اتهامه بتوجيه إشارات غير لائقة لجمهور الإسماعيلى ورفع الحذاء فى وجوههم.. لأن كثيرين فى الإسماعيلية يتخيلون أن مدير المكتب محال للتحقيق بعدما ثبت أنه أهلاوى ونحن لم نصل بعد لمرحلة إحالة موظف رسمى لتحقيق رسمى لمجرد أنه أهلاوى أو زملكاوى أو إسماعيلاوى.. لاتزال مؤسستنا الكروية تملك بعضا من العقل وبعضا من الاحترام. [email protected]