بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 5 يوليو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 5 يوليو    سلوفاكيا تجدد رفضها الحزمة ال18 من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا    انتظروا كثيرا من المال والمساعدات، أول تعليق من ترامب على رد حماس بشأن مقترح غزة    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ريال مدريد ضد بوروسيا في كأس العالم للأندية.. والمعلق والموعد    ربع نهائي كأس العالم للأندية| تشيلسي يخطف فوزا مثيرا من بالميراس ويصطدم بفلومنينيسي بنصف النهائي    الفقر ليس مبررا ل«عمالة الأطفال»| برامج الحماية الاجتماعية هي الحل للأسر غير القادرة    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول في الشرقية والمحافظات فور اعتمادها (الرابط والموعد)    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    من قلب أمريكا.. حنان مطاوع: أنا بنت مصر الفرعونية| حوار    فلسطين.. ارتقاء شهداء وجرحى إثر استهداف طائرات الاحتلال مدرسة "الشافعي" بمدينة غزة    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بدار السلام.. صور    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    ترامب: قد يتم التوصل لاتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل    عمرو دياب يشعل الساحل الشمالي بأول حفل بعد "ابتدينا"    «الأرصاد» تُحذر من التعرض للشمس بسبب ارتفاع نسب الرطوبة والحرارة الشديدة    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 5 يوليو 2025 ب أسواق الشرقية    السقوط في بئر الخيانة.. أحدث فصول اتصالات «الإخوان» مع المخابرات الأجنبية    كول بالمر يضع تشيلسي في المقدمة أمام بالميراس بالشوط الأول بمونديال الأندية (فيديو)    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    إنريكي: مباراة بايرن ميونخ صعبة.. وهدفنا التتويج بلقب مونديال الأندية    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    يسرا ولبلبة وتامر حسنى وإيمى سمير غانم والرداد فى حفل زفاف حفيد عادل إمام    محمد فؤاد يحتفل بزفاف ابنته بحضور عدد كبير من نجوم الفن والغناء| صور    تحرك عاجل من محافظ بنى سويف لنقل سيدة بلا مأوى لتلقي الرعاية الطبية    كايروكي في «العالم علمين» 2025.. تعرف على أسعار التذاكر وشروط الحضور    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    فيضانات تكساس.. 6 قتلى و20 فتاة مفقودة وسط استمرار جهود الإنقاذ    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلسي وبالميراس في كأس العالم للأندية    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة للشباب براتب 8 الاف جنيه| تفاصيل    شعبة الذهب: قد نشهد مستويات ال 3500 دولار خلال الفترة المقبلة    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    غرق شاب خلال السباحة فى نهر النيل في الأقصر    العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس داخل جوال بلاستيك بأبو النمرس.. والنيابة تُحقق    فكهاني ينهي حياة زوجته في الطالبية بدافع الشك في سلوكها (تفاصيل)    محاكمة 15 متهمًا ب"خلية مدينة نصر".. السبت    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    مستوحاة من المشروعات القومية.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستحدث رموز انتخابية جديدة    «جيل Z» يشتري الفكرة لا السلعة.. خبير يحذر الشركات من تجاهل التحول إلى الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    ميدو يكشف: شيكابالا حالة نادرة في الكرة المصرية.. والوفاء للزمالك عنوان مسيرته    منتخب مصر للناشئين يواصل استعداداته لكأس العالم    «أبو حطب» يوجه باستمرار حملات النظافة وتمهيد الطرق بقرى أشمون    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    إعلام عبري يكشف العقبة الرئيسية في طريق استمرار المحادثات بين حماس وإسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختبار الأهم والأخير للقوى السياسية
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 08 - 2012

منذ أن نجحت الثورة المصرية فى الإطاحة بالرئيس السابق وأركان نظامه قبل عام ونصف العام، لم تتوقف المعارك والخلافات بينها وبين الثورة المضادة، وبين أطراف وفصائل الثورة المصرية نفسها، ودخلت المسيرة الثورية إلى مراحل متعاقبة كانت سمتها الرئيسية هى الضبابية والغموض، بالرغم من الوثائق والتصريحات السياسية والدستورية والقانونية التى كانت تفيض فى تحديد ملامحها وتوقيتاتها، وبدأت مسيرة الخلافات الحقيقية بين قوى الثورة وفصائلها بالاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011 والذى ترتب عليه البدء بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية والانتهاء بصياغة دستور البلاد الدائم. وقد اهتمت الأطراف المتصارعة داخل معسكر الثورة أكثر بتبادل الاتهامات حول المسؤولية عن تعثر المسار، عنها بالبحث عن مخارج لهذا التعثر وحلول وسط للتوافق فيما بينها، وهو ما شمل أيضاً ودائماً علاقاتها جميعاً بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، التى اتسمت بالتبدل الدائم والسريع بصورة أضاعت ملامح الاتفاق والخلاف الحقيقى معه حول مختلف القضايا المطروحة.
ولاشك أن جزءاً كبيراً من الاضطراب والخلاف اللذين سادا ولا يزالان الساحة السياسية المصرية، يعد طبيعياً فى ظل ظروف التغير الجذرى الذى أحدثته الثورة فى الأحوال المصرية وخصوصاً إطلاقها الحرية الكاملة للمصريين أفراداً وقوى سياسية فى الاختيار واتخاذ القرار. ومع ذلك فقد بدا واضحاً أن جذراً مهماً لتفاقم الخلافات ووصولها إلى حد الصراعات بين قوى الثورة السياسية يعود إلى أمرين: الأول هو غياب تقاليد العمل التنظيمى عن معظمها وبخاصة الحزبى، والتى تجعل للمؤسسات وليس الأفراد الدور الأهم فى تحديد السياسات والمواقف، فالعمل الحزبى الحقيقى كان قد وصل إلى أدنى مستوياته خلال العقود الثلاثة لحكم مبارك وبخاصة الأخير منها، بما جعل من الأحزاب مجرد هياكل فارغة من المضمون، وأفسح المجال واسعاً أمام القيادات السياسية الفردية لكى تملأ هذا الفراغ بكل ما يعنيه هذا من الميل للأحكام الشخصية والتأثر بالخاص من المواقف والميول فى النظر لمجريات الأمور فى البلاد، وأيضاً للقوى والقيادات السياسية الأخرى. ولم يفلت من هذا المصير سوى جماعة الإخوان المسلمين التى تمتعت بتراث وتقاليد تنظيمية قديمة تعود لثمانين عاماً من الوجود السياسى، إلا أن مثالب أخرى تاريخية وفكرية بداخل صفوف الجماعة جعلت من هذه الميزة فى كثير من الأحيان عيباً يصب فى غير صالح الجماعة والوطن، فقد تحول جزء كبير من هذه التقاليد التنظيمية فى ظروف التحول الكبير للبلاد والصراع السياسى الحاد الدائر فيها إلى التزام وطاعة من جانب أعضاء الجماعة بما تستقر عليه قيادتها، بغض النظر عن مواءمته لمصالح الثورة والبلاد ودون أن تكون هناك فرصة حقيقية لمناقشته وتقويمه جدياً بداخل صفوف الجماعة، وكانت حجة الدفاع عن الجماعة ومواقفها أمام مخالفيها هى الجدار الذى غابت وراءه المناقشة والتقويم.
أما الجذر الثانى لتفاقم الخلافات ووصولها إلى حد الصراعات بين قوى الثورة السياسية فهو أقدم بكثير من الثورة نفسها ويعود إلى الصراع المحتدم بالبلاد منذ حملة بونابرت فى نهاية القرن الثامن عشر حول هوية الدولة المصرية، فالوجود السياسى القوى والمجتمعى المؤثر للقوى الإسلامية بمختلف ألوانها وأطيافها قبيل الثورة وأثناءها وبعدها مع استمرار الوجود السياسى والمجتمعى الأقل قوة وتأثيراً لما يسمى القوى المدنية، والتى كان لها السبق فى تفجير أحداث الثورة، أدخل البلاد فى أكثر مراحل الخلاف حول هويتها حدة وخطورة. وقد تكفلت المطامع السياسية والمبالغة فى التقديرات الذاتية والغياب الكبير للثقة والحضور الأكبر لسوء النوايا بين مختلف الأطراف الإسلامية وغير الإسلامية بتوصيل الخلافات فيما بينها إلى المستوى الذى وصلت إليه حالياً، بعد أن خاضت جميعها عدة استحقاقات انتخابية بهذه الروح والخصائص، كان آخرها هو الانتخابات الرئاسية.
ووصلنا بهذين الجذرين للأزمة والخلافات بين القوى السياسية للثورة إلى المستوى المؤسف الحالى الذى تمر به البلاد والذى بات يتسم بكل أنواع التجاوزات والشكوك والتصورات التى لا تهدف إلا إلى إقصاء الطرف الآخر أو تشويهه بما يشبه الإقصاء، وبات تقليدياً أن نرى ونسمع ونقرأ فى كل ساعة تصريحات وبيانات صادرة من هذا الطرف أو ذاك تتهم الطرف الآخر بما إذا صح ولو جزء منه لاستحق محاكمة قانونية عاجلة أو عزلاً شعبياً فوريا نظراً لخطورة ما ارتكبه ضد مصالح الشعب والوطن والثورة. وبات تقليدياً أيضاً أن نرى ونسمع ونقرأ الاتهام الطائر الدائر بين الجميع بالانتماء إلى النظام السابق أو عدم المشاركة الجدية فى الثورة، بما يجعل من الجميع فى الحقيقة «فلولاً» أو «خائنين» للثورة ومسيرتها وأهدافها.
إن جزءاً كبيراً من الخلافات والصراعات الدائرة اليوم فى مصر بين قواها السياسية والتى تصل أحياناً إلى حد العبث يمكن اعتباره طبيعياً فى ظل ظروف الثورات الكبرى والأوضاع الخاصة التى تعرفها مصر، إلا أن غير الطبيعى أن تستمر هذه القوى بل أن يوغل بعضها فى هذه الصراعات والخلافات دافعاً أمامه قطاعات واسعة من جماهيره ومؤيديه للدخول فى مواجهات قد تصل للصدامات مع جماهير ومؤيدى القوى الأخرى. إن جذب عموم المصريين أو دفعهم إلى ساحة الخلافات والصراعات النخبوية وتصدير مضامينها ومصطلحاتها إليهم بهذه الصورة التى تتم اليوم يهدد بالفعل سلامة وتماسك الجسد الاجتماعى والثقافى والدينى المصرى بصورة يمكن أن توصلنا لمراحل خطيرة قد يصعب الرجوع عنها بعد دخولها. ولا يعنى هذا أن تترفع النخبة عن الجماهير وأن تعزلها عن الملفات والقضايا التى تنشغل بها، بل يعنى أن تمارس هذه النخبة دورها الطبيعى فى قيادة الجماهير نحو المعرفة الحقة وتعويدهم تقاليد العمل السياسى الجاد بما فيها احترام الخصوم والمنافسين وتقديرهم قدرهم الحقيقى والبعد كل البعد عن تسفيههم أو تخوينهم، لا أن تستخدمهم وقوداً فى المعارك الدائرة بين أطرافها فى عاصمة البلاد.
إن احتدام الصراعات السياسية فى البلاد ووصولها إلى قواعد المجتمع وجذوره ينذر بمخاطر حقيقية على مستقبلها وبخاصة فى ظل الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التى يمر بها عموم المصريين اليوم. ولاشك أن بعض مشاهد الخروج الجماعى على الأمن ونذر الصراع الطائفى وكثيراً من مشاهد الصراع السياسى الحزبى فى مختلف أنحاء مصر تؤكد أننا دلفنا بالفعل إلى الطريق الاجتماعى الأوسع، الذى يمثل الخطر الحقيقى على وحدة البلاد وأمنها واستقرارها. ومن هنا فإن القوى السياسية كلها، دون استثناء واحد، مطالبة اليوم بتحمل مسؤولياتها تجاه بلادها وشعبها وثورتها بأن تغلب ما استطاعت المصالح العامة على الخلافات السياسية والفكرية مع نظرائها، وأن تبتعد جميعاً عن إثارة الجماهير ودفعها دفعاً إلى ساحة صراع ليس لها فيه ناقة ولا جمل، وكل دورها هو أن ترجح كفة طرف على الطرف الآخر حتى لو كان ثمن هذا هو مصير البلاد كلها. وربما يكون التوافق حول مواد الدستور الجديد للبلاد هو المدخل المنطقى والأكثر سرعة وتأثيراً للخروج من حالة الاستقطاب والتعبئة التى نمر بها اليوم، فهل تستطيع القوى السياسية إنقاذ مصر من التفتت والانقسام بالتوافق سريعاً حول الدستور الجديد؟.. هذا هو الاختبار الأهم والذى قد يكون الأخير.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.