قال صلاح عدلي المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي المصري إن الرئيس محمد مرسي تجاهل فى خطاباته الافتتاحية مطالب العمال والفلاحين والكادحين والفقراء الذين يمثلون وقود الثورة الحقيقي والأغلبية الكاسحة من الشعب المصري في حين وجه رسائل طمأنة واضحة إلى المستثمرين ورجال الأعمال. وأوضح أن الحزب أصدر بيانا بعد إعلان نتيجة انتخابات رئاسة الجمهورية وإعلان فوز الرئيس محمد مرسى وحدد ثلاثة أسئلة مهمة للرئيس والقوى المدنية والليبرالية واليسارية.. الأول هو هل سينحاز الرئيس مرسى وجماعته التي ينتمي إليها إلى المطالبة بحقوق العمال والفلاحين والكادحين أم سيتبنى نفس الطريق النيوليبرالى مثلما كان الحال فى عهد الرئيس السابق ولحزب الوطني المنحل وبالتالي الانحياز إلى رجال الأعمال والمستثمرين كما هو مضمون مشروع النهضة؟".
وأشار إلى أن السؤال الثاني هو "هل سينحاز مرسى إلى المطالبين بالدولة المدنية أم إلى القوى التي تحالفت معه منذ قيام الثورة وهى تيار الإسلام السياسي وهى قوى تريد تمرير مشروع الدولة الدينية؟".
وقال إن "السؤال الثالث هو هل سينحاز الرئيس وجماعته إلى احترام القانون والدستور وهل سيحسم موقفه بالانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية حسب مصلحة جماعة الإخوان المسلمين؟".
ويعتقد عدلي أن "الرئيس كان يريد فى خطاباته الافتتاحية طمأنة جميع القوى السياسية وجميع أطياف المجتمع دون تحديد انحياز واضح" مشيرا إلى انه "إذا كان هناك حديث عن الدولة المدنية وعن أن الشعب هو مصدر كل السلطات فان هذا كلام ايجابي ولكن ننتظر أن يرتبط هذا الكلام بإجراءات عملية".
وأضاف "من المبكر الحكم على توجهات الرئيس مرسى من خلال خطاب أو خطابين فى مناسبات احتفالية وعاطفية ولكننا أنصار منهج علمي في التحليل يستند إلى التاريخ والتحليل الطبقي الاجتماعي وليس مجرد الوعود والكلمات الرنانة".
ويرى أن "مرسى بحديثه عن إعادة مجلس الشعب مع تأكيد احترامه لأحكام القضاء حاول أن يمسك العصا من المنتصف فهو يطالب بعودة المؤسسات المنتخبة من الشعب وفى نفس الوقت لا يحدد بدقة ماذا يقصد هل عودة مجلس الشعب وإلغاء حله أم عودته بانتخابات جديدة؟"
ويرى المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي المصري أن "الجمعية التأسيسية الثانية لصياغة الدستور تحمل نفس عيوب الجمعية الأولى وبالتالي لابد من إعادة تشكيلها مرة أخرى بناء على توافق وطني" مشيرا إلى أنه "نتيجة غلبة قوى اليمين بكل فئاته وتياراته وأجنحته سواء كان الجناح الديني أو الليبرالي على الجمعية التأسيسية الثانية فإنها ستتجه إلى إلغاء نسبة العمال والفلاحين في المجالس النيابية مستندين في ذلك إلى مبررات مفادها أن الذين كانوا يمثلون العمال والفلاحين فى المجالس السابقة لم يكونوا معبرين عنهم.. وبدلا من وضع الضوابط التى تضمن وصول ممثلين فعليين عن هذه الفئات فإنهم يستندون إلى نفس المبررات لتهميش دور هذه القوى من خلال إلغاء نسبة تمثيلهم فى المجالس النيابية".
ويشير إلى أن "مشروع النهضة ينحاز فى توجهاته السياسية والاقتصادية إلى رجال الأعمال والمستثمرين على حساب العمال وحرياتهم" موضحا أن "الحكومة سبق وأن تقدمت بمشروع قانون حول النقابات العمالية واستقلاليتها وديمقراطيتها إلا أن المشروع ظل حبيسا داخل أدراج مجلس الشعب دون إصدار رغم أن الإخوان المسلمين كانوا يوافقون عليه قبل دخولهم المجلس ولكن بعد دخولهم المجلس تحفظوا على 11 نقطة مثلت انقلابا جوهريا على هذا المشروع".
وأضاف "من اللافت للنظر أن نرى اعتراض اتحاد النقابات المستقلة على خطابات الرئيس مرسى بسبب تجاهلها لمصالح العمال في نفس الوقت الذي نرى فيه تهليل قيادات الاتحاد العام الرسمي لهذه الخطابات وهم نفس رجال الاتحاد القديم الحكومي والذي كان منحازا للنظام البائد والمستثمرين ورجال الأعمال على حساب مصالح العمال".
ويشير إلى أن "كل المؤشرات والاتصالات التي حدثت قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة والتي كانت بين القيادات الأمريكية والمجلس العسكري وقيادات الإخوان المسلمين تؤكد أن هناك اتفاقا قد تم بين هذه الجهات وأن الأيام القادمة ربما تشهد ثمراته" قائلا "اعتقد أن الولاياتالمتحدة حصلت على تعهدات واضحة من جماعة الإخوان المسلمين باحترام المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة وأهمها الحفاظ على مصالحها فى النفط والالتزام باتفاقية كامب ديفيد وحماية امن إسرائيل والالتزام بالنهج الاقتصادي الرأسمالي النيوليبرالى".
وقال "هذه النقاط ليس مثار خلاف بين المجلس العسكري وبين جماعة الإخوان المسلمين ولكن الخلاف الحقيقي بينهما يتمثل فى من له اليد الطولي فى حكم المؤسسات الرئيسية للبلاد وكيف يمكن الحفاظ على القوات المسلحة وقياداتها خاصة فيما يتعلق بمصالحها وامتيازاتها الاقتصادية والاجتماعية ودورها فى رسم سياسة البلاد فى المرحلة المقبلة".
ويرى أن الثورة لم تحقق أهدافها بعد موضحا أن "أهداف الثورة لم تكن فقط مجرد انتخاب رئيس جديد للبلاد وإنما هناك أهداف جوهرية على رأسها وضع دستور مدني يحافظ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الاجتماعية صاحبة المصلحة فى استمرار الثورة وعلى رأسها العمال والفلاحين والطبقة البرجوازية الصغيرة وهذا لم يتحقق وبالتالي سيستمر الصراع بين هذه القوى السياسية والاجتماعية وبين السلطة" قائلا "أتوقع ان يتحول هذا الصراع أكثر فأكثر إلى صراع طبقي اجتماعي وليس مجرد صراع سياسي على شكل الحكم".
ويؤكد أن مسئولية حالة الارتباك السياسي التى شهدتها مصر بعد قيام ثورة 25 يناير ترجع إلى "المجلس العسكري الذي تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين بجعل الانتخابات البرلمانية قبل وضع الدستور مما أدى إلى ارتباك كل أطراف الخريطة السياسية".
وأوضح أن "الحركات الثورية تتحمل جزءا من مسئولية هذا الارتباك السياسى بعدم توحدها تنظيميا وعدم توحد أهدافها فى الفترة التي أعقبت الثورة" مرجعا ذلك إلى "عدم تبلور هذه القوى فى أطر سياسية أو حزبية يكون لها تعبير واضح عن انحيازات صريحة اجتماعية واقتصادية إضافة إلى أن هذه القوى لم تضع خريطة للأولويات الصحيحة فى هذه الفترة ومارست الكثير من أفعال المراهقة الثورية واستنزفت الطاقات الشعبية في اعتصامات واحتجاجات فى غير محلها مما أرهق جماهير الشعب المصري التى كانت تعانى فى الأساس من الترويع الأمني والاقتصادي المتعمد بسبب ممارسات القوى المعادية للثورة وعلى رأسها المجلس العسكري".
ويؤكد إن "عدم وجود محاكمات ثورية لأذناب النظام السابق ساهم أيضا فى حالة الارتباك السياسي" قائلا "طالبنا بمحاكمات ثورية مشكلة من رجال القضاء على أن تعمل بقانون خاص لتطهير كل مؤسسات الدولة من رموز وعناصر النظام القديم من اللصوص والفاسدين وكان ذلك في أول أيام الثورة وهذا إجراء طبيعى فى كل الثورات إلا أن المجلس العسكري كان حريصا على عدم السير فى هذا الطريق لاحتواء الثورة وضمان عدم تغيير النظام من جذوره وهذا ما دفعنا ثمنه غاليا بعد ذلك".