بعد مقتل ثلاثة و ثلاثين جنديا مصريا في تشرين الأول 2014، ها هو شمال سيناء يهتز من جديد تحت سلسلة هجمات جديدة ، وحشية و دامية. فبعد إعلان الحكومة الأحد الموافق ل 25 جانفي 2015 بدء العمل بحالة الطوارئ لفترة تمتد على مدى ثلاثة اشهر في مناطق من شبه جزيرة سيناء، جاء الرد سريعا من قبل " جماعة أنصار بيت المقدس"، هذه الجماعة التي بايعت أخيرا تنظيم الدولة الإسلامية و أعلنت ولاءها له، إذ أقدم مائة عنصر تقريبا من المنتمين لها على استهداف مواقع أمنية و عسكرية بقذائف الهاون و بسيارات مفخخة في مدن العريش و الشيخ زويد و رفح، فحصدوا رؤوس أكثر من ثلاثين شخصا معظمهم من العسكريين و الأمنيين... فهل إعلان هذه الجماعة تبنيها للعملية الإجرامية لاحقا على موقع تويتر يعتبر انجازا أم إجراما؟ و إلى متى سيظل شبه الجزيرة عرضة إلى مثل هذه الاعتداءات الإرهابية؟ و كيف يمكن الحد من هذا النزيف المتكرر؟ انه من العار اعتبار هذا العمل الإجرامي انجازا بل لاشك انه جرم كبير في حق مصر و المصريين، و عليه فان المؤسستين الأمنية و العسكرية مدعوتان إلى تطوير قدراتهما الدفاعية و الرفع من مستوى التنسيق الاستخباراتي و حماية حدود الجزيرة انطلاقا من الحدود التي تفصلها مع إسرائيل وصولا إلى الحدود التي تربطها بليبيا لمنع التسلل إلى التراب المصري و تهريب الأسلحة و وضع الكمائن... إن هذا العمل سيكون لا شك على المدى القصير لأنه غير كاف. إن تجفيف منابع الإرهاب،ودحره، بإبعاده عن ارض الوطن، بل القضاء على هذه الظاهرة و اجتثاثها يتطلب حلاّ سياسيا يقي مصر و شعبها من هذه الآفة التي تتربص بهما. إن الحكومة لا تفوتها دقة المرحلة و خطورة الوضع، و عليه فهي مدعوة إلى تشريك كل الأطراف و الحساسيات داخل المجتمع المصري للاستئناس بآرائها و الاتفاق على ورقة عمل من شانها أن تعالج الوضع الأمني المضطرب ، و تحقن دماء المصريين ، و توجد قواسم مشتركة كوحدة الوطن و وحدة المصير . فمصر وحدة ترابية لا تقبل التجزئة أو التقسيم، و الشعب كل متكامل لا يقبل الفصام أو الانقسام. إن الشعب المصري مطالب بالوحدة،و رصّ صفوف أبنائه، و امتلاك رباطة الجأش و إستراتيجية واضحة للوقوف كسد منيع في وجه أعداء الوطن و الأمة. إن هذه الجماعات التي تحاول إضعاف مصر و تصفية حماتها، فهي تخدم إسرائيل عن وعي أو غير وعي، فان كان عن وعي، فهي تخدم إسرائيل و تقوي شركتها في المنطقة. إن المثقفين و السياسيين لاشك أنهم جد فاعلون في المجتمع المصري، و عليه فإنهم مطالبون بإعادة النظر في المحمول الثقافي و التأكيد على القيم الكونية السامية مثل التسامح و التواصل و احترام الأخر و العمل على غرسها داخل أفراد المجتمع. إن الاعتناء بالطبقات المهمشة و الفقيرة، و توفير الشغل و الحد من البطالة و إرساء العدالة الاجتماعية من شانه أن يعزز حب الانتماء لمصر و يجنب الشباب و الطبقات الهشة الارتماء في أحضان الإرهاب و الانسياق وراء التطرف . إن مصر ارض مختلف الحضارات و تلاقي الأديان و تعايش الشعوب، و ما يدور على أرضها هو من باب الحرب عليها و على حضارتها ، و إن التطرف المعادي للتطور وتحرير الفكر، و التكفير، و التحجير هي بدع لا تمت للمصريين بشيء، لا من قريب أو من بعيد ، بل هو غزو دخيل على مصر. إن استهداف مصر من قبل عناصر أجنبية و أخرى مصرية الجنسية هو عمل عدواني مقيت ، و هو اعتداء على المواطنة و خيانة للوطن. أن مصر لن تصاب بالضعف أو الانكسار جراء هذه العمليات العدائية ضد حماة الشعب و الوطن، بل على العكس ستزداد تماسكا وصلابة و قوة بفضل سواعد أبنائها لمخلصين و الأوفياء، فسيناء لن تحتل و لن تصبح ولاية بل ستظل مقاطعة مصرية. المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية