واصلت القوى الثورية اليوم السبت اعتصامها في ميدان التحرير اعتراضًا على الإعلان الدستوري المكمل الذي أعلنه المجلس العسكري قبل أسبوع، فيما بقي اسم الرئيس الجديد للبلاد معلقًا على كلمة من رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار فاروق سلطان. وفي حين سرَّبت مصادر في اللجنة معلومات عن الانتهاء من فرز الصناديق المطعون فيها، واستمرار تفوق مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" الدكتور محمد مرسي على منافسه الفريق أحمد شفيق، استمرت حملتا الطرفين في حرب الأعصاب المشتعلة بينهما منذ فجر الإثنين الماضي. وأصرت كلا الحملتين على أن مرشحها هو الفائز برئاسة مصر في أول انتخابات بعد ثورة يناير، وذلك على الرغم من مناشدة المجلس العسكري لهما بالتوقف عن ذلك وانتظار النتيجة الرسمية التي تأجلت مرتين، لأسباب قالت اللجنة المسؤولة إنها ترتبط بجوانب إجرائية. وأعلن الدكتور محمد جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة "الإخوان المسلمين"، مع الساعات الأولى من صباح أمس عبر حسابه الشخصي على "تويتر" أنه تم توقيع محضر قرار اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، والذي يؤكد فوز محمد مرسي، برئاسة الجمهورية. وكان مرسي نفسه قد ظهر لوسائل الإعلام فجر الإثنين الماضي ليعلن فوزه بالمنصب الرفيع، بعدم أن أظهرت نتائج الفرز في اللجان الفرعية تقدمه بفارق يستحيل لمنافسه أن يعوضه فيما تبقي من صناديق، الأمر الذي كذَّبته حملة الفريق شفيق، وعدد من الإعلاميين المحسوبين عليه. وسعت حملة مرسي لإثبات صدقها بطباعة كتاب بكامل نتائج اللجان الفرعية الموقعة من جانب القضاة المشرفين على عملية الفرز، ثم جاء إعلان مجموعة "قضاة من أجل مصر" وعدد من المنظمات المشاركة في أعمال المراقبة بتفوق مرشح الإخوان، ليزيد حرب التصريحات اشتعالًا، ويدفع الفريق شفيق بنفسه للظهور في مؤتمر صحفي، أكد فيه أنه الفائز برئاسة الجمهورية. وارتبطت معركة نتيجة انتخابات الرئاسة، بتطورات مفصلية في تاريخ مصر، إذ وجدت القوى الوطنية في الإعلان الدستوري المكمل انقلابًا عسكريًّا على الثورة، فمدت يدها مجددًا إلى جماعة "الإخوان المسلمين" لتعود بحشودها إلى الميادين، معلنة اعتصامًا مفتوحًا حتى يستجيب المجلس العسكري لمطالبها كاملة، وسط محاولات من أطراف عدة للوصول إلى صيغة وسط تخرج البلاد من أزمتها، وتفتح الأفق مجددًا للعملية السياسية. في المقابل، تبنى المجلس العسكري موقفًا حادًا في التعامل مع مطالب القوى المدنية، حيث رفض التراجع عن الإعلان الدستوري المكمل، وشدد على تمسكه بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، مشيرًا إلى أن ذلك يصب في المصلحة العليا للبلاد. وعلى الرغم من تأكيد المجلس ترحيبه بالمظاهرات السلمية، فإن بيانه الذي صدر بالتزامن مع "مليونية عودة الشرعية" لم يخلُ من تلويح باستخدام القوة في مواجهة أي محاولة للمساس بمؤسسات الدولة ومصالحها العليا، الأمر الذي فسَّره مراقبون للوضع بأنه إغلاق مبكر لطريق الحلول الوسط المرتقب طرحها، بمجرد الإعلان عن اسم الرئيس المنتخب. من جهة ثانية، تجدد الحديث أمس عن تدهور في صحة الرئيس السابق حسني مبارك الذي نُقل قبل أيام من مستشفي سجن طرة حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد، لمستشفى المعادي العسكري. وذكرت مصادر من داخل المستشفى أن مبارك، الذي سبق لوكالة أنباء الشرق الأوسط وبثت خبرًا عن وفاته قبل أيام، تعرض لانتكاسة صحية، استدعت حضور الفريق الطبي المسؤول عن حالته، حيث تم اتخاذ الإجراءات الضرورية. وعلمت "المشهد" أن علاء وجمال نجلي مبارك، تقدَّما من خلال المحامي الخاص بهما، بطلب صباح أمس للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود للسماح لهما بزيارة والدهما. وذكر مصدر قضائي رفيع بالمكتب الفني للنائب العام، أن النية تتجه إلى الموافقة على الطلب بعد أن أرفق به تقارير طبية عن الحالة الصحية لمبارك، وفقًا للحالات الإنسانية التي نصَّ عليها قانون مصلحة السجون. وأضاف المصدر أن النائب العام فقط بصفته ممثل النيابة العامة بالسماح للمتهمين علاء وجمال بالخروج من محبسهما لزيارة مبارك، وذلك لأنهما ما زالا متهمين على ذمة قضايا فساد.