محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة للقبول بالصف الأول الثانوي لعام 2025/ 2026    الفيدرالي على أعتاب خفض الفائدة.. الانقسامات الداخلية تعكس تخبطًا في قراءة مستقبل الاقتصاد الأمريكي.. وضغوط ترامب تهدد استقلالية الاحتياطي    تراجع أسعار النفط قبل ساعات من قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن سعر الفائدة    3 ملفات حاسمة تتصدر قمة السيسي وملك إسبانيا بالقاهرة    باريس سان جيرمان يفتتح مشواره في دوري الأبطال بمواجهة أتالانتا    الدوري الممتاز، المقاولون وفاركو في مهمة البحث عن الفوز الأول    محاكمة عاطل بتهمة إحداث عاهة مستديمة لجاره في الأميرية 24 سبتمبر    حائزة على جولن جلوب ونجمة Dynasty، وفاة الممثلة الأمريكية باتريشيا كراولي عن 91 عامًا    تقرير: اليابان لا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الحالي    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    أسعار اللحوم اليوم الاربعاء 17-9-2025 فى محافظة الشرقية    موعد صرف معاشات أكتوبر 2025 وطرق الاستعلام عن المعاش إلكترونيًا    أسعار السمك اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة الشرقية    التسعيرة الجديدة ل الفراخ البيضاء اليوم.. مفاجأة للمستهلك    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 17-9-2025 والقنوات الناقلة    جوتيريش: ما يحدث في غزة مدمّر ومروع ولا يمكن التساهل معه    3 شهداء في قصف إسرائيلي على منزل وسط قطاع غزة    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    دون إصابات.. انقلاب سيارة نقل "تريلا" بالطريق الزراعي في القليوبية    تعليم القاهرة تعلن مواعيد العام الدراسي الجديد 2025-2026 من رياض الأطفال حتى الثانوي    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    تناول الشوفان صباحًا يساعد على خسارة الوزن لكن بشروط    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في حادث تصادم موتوسيكل وسيارة نقل بمركز بدر بالبحيرة    الصورة الأولى للشاب ضحية صديقه حرقا بالشرقية    الخارجية التركية ترحب بخارطة الطريق لحل أزمة محافظة السويداء السورية    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 17-9-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم الشيف حسن بمدينة أبوحمص بالبحيرة    محافظ جنوب سيناء يشيد بإطلاق مبادرة «صحح مفاهيمك»    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    التعليم تكشف حقيقة إجبار الطلاب على «البكالوريا» بديل الثانوية العامة 2025    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    بسبب زيزو وإمام عاشور.. ميدو يفتح النار على طبيب الأهلي.. وينتقد تصريحات النحاس    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    السعودية ترحب بتقرير أممي يتهم إسرائيل بارتكاب "جرائم إبادة" في غزة    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    على باب الوزير    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان .. ثمن النهم للسلطة (2-2)
نشر في المشهد يوم 29 - 01 - 2015

- استفتاء مارس أول محطة لضرب التوافق الوطني و"الإقصاء" عجل ب 30 يونيو"
- سيناريوهات مستقبل الإخوان.. حظر كامل أو تصالح أو إدماج سياسي على الطريقة الألمانية
- تنظيم تم "تسطيحه" وعمل خيري تحول إلى "رشى" وخطاب حاد افقدها فرص تحالف سياسي
رابعاً: الإخوان والدولة المصرية.
تشكلت الدولة المصرية وجهازها الإداري الضخم عبر أكثر من قرنين من الزمان، منذ أن وضع محمد علي باشا اللبنة الأولى لها عام 1805، ثم جاء الضباط الأحرار في 52 والذين قاموا بعملية تحويل لقلب نظام الدولة المصري حيث تم دمج الجهاز العسكري مع دولاب الدولة الإداري والتنفيذي والتشريعي وتم الهيمنة على الجهاز القضائي بشكل جزئي، أو خلق جهاز قضائي مغاير ( القضاء العسكري) كي يصبح بديلاً عن الأول في القضايا المتعلقة بالمعارضة السياسية حينها. المهم اكتسبت الدولة المصرية في بنيتها عنصراً جديداً وهو عنصر "العسكرة"، ثم زاد العنصر الأمني مع نظام مبارك حيث لم يسيطر فقط الجهاز الأمني الشٌرطي على المجال السياسي والمجتمعي بوصفه يد نظام "مبارك" القمعية وحسب، وإنما تحكم أيضاً في مفاصل الجهاز الإدراي للدولة المصرية، فتحكم في التعيينات والاختيارات بالوظائف العامة والحكومية، وتعيينات الجامعة والنيابة، والقبول بالمؤسسة العسكرية، ولعب حتى دور جزئي في السياسية الخارجية المصرية.
وكان من المهم لنظام مبارك أن يعمل على تضخيم الجهاز الإداري للدولة لسبيين رئيسيين: أولهما خلق رافعة مجتمعية في ظل عدم وجود شعبية حقيقية للحزب الوطني في الشارع فصار " جهاز الدولة" والذي يبلغ تعداده أكثر من سبعة مليون مواطن بمثابة الحزب الأكبر في مصر ، والسبب الثاني أن الترقيات والوظائف الجديدة كانت بمثابة " الرشى" التي كان يعطيها نظام "مبارك" لفئات مجتمعية بعينها لكسب ولائها سياسياً ومجتمعياً.
عندما قامت ثورة يناير 2011 لم تقترب الثورة من البنى الأساسية للنظام وأولها قطاع الداخلية، والمؤسسات الإعلامية الموالية للنظام السابق، وشبكات الفساد المتوطنة بالجهاز الإداري للدولة، ومجموعات رجال الأعمال الذين تحالفوا مع دولة مبارك وغيرها.. وإنما اكتفت الثورة – كنتاج أساسي لضعف المجموعات الثورية، وعدم وجودة قيادة حقيقية للثورة - بإزاحة مبارك ورجاله من السلطة ليظل النظام كما هو بدون أي تغيير جذري حقيقي، وأدار الثورة منذ اليوم لنجاحها جناح من السلطة السابقة (المؤسسة العسكرية) لتقوم فعلياً بإنهاء الثورة مبكرا عن طريق التحالف مع جماعة الإخوان أكبر المجموعات الإصلاحية التي تتواجد في معسكر الثورة لتجذبها خارجاً هي وأغلب المجموعات الإسلامية ليقف المسار الثوري عند هذه اللحظة، ويتم تدشين المسار الدستوري الذي بدأت به التنافس الفصائلي على السلطة قبل أن توضع القواعد المؤسسة والمنظمة للنظام السياسي للدولة.
مع الوصول للسلطة تحالفت الجماعة مع الأنوية الصلبة المؤسسة للنظام السابق، فمبكرا وقبل وجودها على راس الدولة تحالفت مع المؤسسة العسكرية، ثم غضت الطرف عن إعادة هيكلة الداخلية ولم يُمس هذا الجهاز- والذي كان الحراك الثوري يستهدفه في بدايته- طيلة عهد الإخوان بأية تغيير ، ثم أخيراً كان التحالف مع نفس رجال أعمال النظام السابق، وبالطبع كان هذه الأمر متوقعا في ظل الأطروحات النيوليبرالية التي تبنتها الجماعة وحزبها والتي لم تختلف على الإطلاق مع أطروحات جماعة رجال أعمال "جمال مبارك".
لكن الخطأ الذي وقعت فيه الجماعة، أنها ظنت لوهلة أنه يمكنها تحييد المؤسسة العسكرية وإدارة الدولة المصرية من أعلى من المكان الذي حكم منه مبارك ومجموعته، الجماعة لم تستطع إدارة هذا الجهاز لأسباب عدة أهمها؛ استفزاز الإخوان للمعارضة وجهاز الدولة بجملة التعيينات "الإخوانية" أو الموالية للجماعة التي طالت مختلف الأجهزة والمؤسسات الإدارية والسياسية، وكان تدخل د. عصام الحداد – مساعد الرئيس المعزول محمد مرسي للشئون الخارجية - في شئون وزارة الخارجية وهيمنته على قرارات بعينها تخص وزير الخارجية أو بعض السفراء بالعواصم التي كان يزورها الرئيس المعزول نموذج حالة لهذا الأمر، إضافة لنماذج عدة من بينها حركة المحافظين الأخيرة قبل 30 يونيو التي وضعت قادة عسكريين وقيادات إخوانية وإسلامية على رأس المحافظات، من بينهم عضو ينتمي للجماعة الإسلامية تم تعيينه محافظاً للأقصر، وهي نفس المحافظة التي حدثت بها الحادثة الشهيرة في 1997 والتي راح ضحيتها 58 شخصا على يد مجموعة أعلنت أنها تنتمي للجماعة الإسلامية نفس الجماعة التي ينتمي إليها المحافظ الجديد!!
الأمر الثاني، أن وجود جماعة الإخوان خارج إطار الدولة لمدة تتجاوز 85 عاماً جعلها غير قادرة على إنتاج "كوادر" لديها الكفاءة على إدارة الجهاز التنفيذي للدولة، وبالتالي كان الاعتماد بشكل كبير إما على رجال من النظام السابق، أو وضع قيادات غير مؤهلة لإدارة مفاصل دولاب الدولة وهو ما وصم الجماعة بتهمتي "الفشل" و"الإقصاء" في آن واحد.
وبالتالي :"ميل الإخوان إلى السطو على الدولة عبر سياسة "التمكين" (التي تعني الهيمنة على كل مفاصل السلطة) كان يؤدي إلى نشوء تناقض مع بيرقراطية عريقة لا ينقصها اللؤم ولا الحنكة، وجيش قيادته جزء من طبقة مسيطرة تتحكم في اقتصاد البلد.
إجمالاً جهاز الدولة الذي ظل عدواً للجماعة طيلة أكثر من أربعين سنة كاملة استفزته محاولات الإخوان للسيطرة عليه، ومن ثم تحالف جهاز الدولة مع المؤسسة العسكرية مع قطاعات ثورية وسياسية قومية وليبرالية للإطاحة بالإخوان في 3 يوليو، ومن ثم العودة لمربع أسوأ كثيراً من المربع الذي كانت تقف فيه الجماعة في 24 يناير 2011.
لم تقدم الجماعة أي مشروع جاد وحقيقي لفكرة الدولة، وحدث الخلط الكبير بين فكرة "الدولة القومية الحديثة" أو "الدولة الوطنية" التي عمل الإخوان من تحتها وبين فكرة "الدولة الإسلامية" والتي تمثل الغاية الكبرى لمشروع الأستاذ المؤسس حسن البنا، فالإخوان استعملوا نفس أدوات الدولة لتحقيق مشروع أوسع من فكرة الدولة في اجتهادات تلفيقية بين الأداتي والغائي، فكان الطرح على مستوى الشعار يتحدث عن الإسلام وطرحه النماذجي الفلسفي والسياسي والاقتصادي، لكن على مستوى الممارسات تم القبول بالديموقراطية في شكلها الأداتي من صندوق انتخابات، وتعددية حزبية( بالطبع الحديث عن الديموقراطية يأتي في إطار الأدوات وليس في إطار القيم والممارسة)، وكانت الأطروحات المتعلقة بالنموذج الاقتصادي هي ذاتها المطروحة من أي حزب ليبرالي يميني، فبرنامج حزب الجماعة كان يُعوِّل على سياسات اقتصادية تنحاز كلية لاقتصاد السوق والدعم اللامتناهى لسياسات الخصخصة على حساب انتهاج سياسات اقتصادية تدعم الطبقات الفقيرة والمهمشة.
في المجمل كان الفعل الحاكم للإخوان في إدارة الدولة ليس محاولة إعادة تعريف لعلاقة الدولة والمجتمع، وتحديد وظائف كل منهما بما يتناسب مع أطروحة إسلامية نماذجية ما، أو بدرجة أدنى العمل على إصلاح الدولة ومؤسساتها من الداخل ( نموذج حزب العدالة والتنمية التركي( وإنما كان النموذج الحاكم هو السيطرة على الدولة كما هي، بمؤسساتها، بأجهزتها العتيقة، بكهوفها الأخطبوطية البيروقراطية والسيّر بها كما هي، مكتفية الجماعة بإزاحة مبارك ورجاله وأتباعه وحلولها مكانه برجالها وأتباعها.
خامساً: السيناريو المستقبلي لجماعة الإخوان.
تواجه جماعة الإخوان المسلمين أزمة قد تكون الأصعب على الإطلاق في تاريخها منذ تأسيسها على يد الشيخ حسن البنا عام 1928، فبعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي ووضع أغلب قيادات الجماعة الكبار رهن الاحتجاز، وإحراق الكثير من مقارها، وإغلاق قنوات تليفزيونية تابعة لها ولحلفائها، بدا وكأن تجربتها في الحكم انهارت وتبددت صورتها كتنظيم قوي ضارب بجذوره في أعماق الواقع المصري، وحتى في محيطه العربي والاسلامي أيضا.
المستوى السياسي:-
هناك عدة سيناريوهات تدور حول مستقبل الجماعة، سيناريو الحظر الكامل؛ أن يتم حظر الجماعة بشكل دولتي سلطوي وهو أمر لن يجدي مع تنظيم بهذا الحجم، فالجماعة التي عاشت لفترة تزيد عن خمسة وثمانين عاماً جربت من قبل الحظر لمرتين، الأولى بالأربعينات على يد النقراشي باشا، والثانية بعد أزمة مارس 54 على يد عبدالناصر وكلا الحظرين تجاوزتهما الجماعة وظلت باقية حتى الآن تمثل صداعاً في رأس الدولة المصرية من ناحية ومن ناحية أخرى مثلت عاملا مكبلا للمجالين السياسي والاجتماعي بشكل عام.
والتحفظ على حظر الجماعة لا يعني أهمية تقنين وضعها كجماعة شرعية متوافقة مع القانون لا تمارس أي نشاط سياسي، خاضعة كل أنشطتها الإدارية والمالية لأجهزة الرقابة في الدولة مثل الجهاز المركزي للمحاسبات شأنها شأن أي مؤسسة مدنية أخرى في الدولة وبين حظر نشاطاتها بشكل كامل.
السيناريو الثانيهو سيناريو التصالح مع المنظومة الحالية في إطار جزئي تضمن به الجماعة تواجدها السياسي والاجتماعي بحيث لا تنافس هي النظام أو ترأسه بشكل كامل أي بنفس النسق الذي كانت موجودة عليه في عصر مبارك أو على أقصى تقدير وضعها أيام السادات، وهو أمر بالطبع سيعود سلباً على الحياة السياسية حيث ستتم العودة مرة أخرى لمربع الثنائية الشهير الإخوان/ النظام أياً كان شكله.
السيناريو الثالثوالأخير، وهو إدماج الإخوان المسلمين-ومعها بالطبع بقية تيارات الإسلام السياسي- في الحياة السياسية، حيث تقوم أطروحة الدمج والاعتدال على فكرة بسيطة مفادها أنه كلما زاد دمج الحركات والأحزاب الأيديولوجية المتشددة والمعارضة للدولةanti-establishment movements فى العملية السياسية كلما جرى تهذيب وترشيد وعقلنة خطابها الأيديولوجى وسلوكها السياسى بحيث يصبحان أكثر واقعية وبراجماتية واحتراما لقواعد اللعبة السياسية الديمقراطية. وقد أثبت هذه الأطروحة نجاعتها فى حالات أخرى مشابهة كان أهمها ما حدث لكثير من الأحزاب ذات التوجه الديني أو الراديكالي بعد الحرب العالمية الثانية فى ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والتى أدى دمجها فى العملية السياسية إلى ترشيد وعقلنة خطابها وسلوكها السياسى.
المستوى التنظيمي
يتحدث " أنسيلم ستراوس " عن الإحباطات التي تلازم فشل عملية سياسية ما يمكن أن تؤدي إلى إعادة النظر في التصورات والدوافع والرؤى القديمة لتتشكل بعدها لاحقا هوية مختلفة أو على الأقل تخفيف لكثافة الهوية الأولى. لذا فمن المتوقع أن تحدث صدمة للقطاعات الداخلية للجماعة، لكنها وبحكم ظروف نشأة التنظيم الداخلية، وبحكم أيضاً ظروف الأحداث التي حدثت أثناء فض "رابعة" و"نهضة" ستقل هذه الصدامات لصالح الاتجاه التكتيكي الإخواني الذي يحدث في الغالب في هذه الظروف، حيث يلتحم الأفراد بالتنظيم، وتتحول الهزيمة تلقائياً إلى "محنة" يتم تحويلها كسردية كربلائية ومن ثم تتجذر وضعية التنظيم العاطفية بشكل أكثر كثافة، وغالبا ستصبح هذه المحنة بمثابة "منحة" لقيادات الجماعة الذين سيفرون بسببها –في الأغلب- من المحاسبة على إدارة المرحلة السابقة، وهو ما يمكن معه استبعاد وجود أي طرح نقدي حقيقي داخل الجماعة مبني على فكرة المراجعة للمسار أو الأفكار، أو حتى حدوث تفكيك كبير بجسد الجماعة الذي يمكن أن يتفكك حقيقة بفعل ظروف متضافرة لصالح وجود تنظيمات أكثر مرونة وأكثر تمثيلية عن مصالح وأفكار أفرادها.
الجماعة والمجال العام:
أكدت الحالة الإخوانية على مدار عامين تقريباً من وجودها بالحكم ( برلماناً ورئاسة وحكومة) أن ممارسة السلطة، خاصة في المراحل الانتقالية الصعبة، يستهلك بسرعة الرصيد الرمزي للحكام الجدد، فالشارع الذي أعطى الأغلبية للجماعة الإخوانية وحلفاءها من الإسلاميين سرعان ما تراجع سريعاً-وبحكم الضرورة- ليعطي مرشح الجماعة الرئاسة وبشق الأنفس نسبة تصويت زادت فقط بنسبة 3.4% فقط ضد منافس له محسوب على النظام القديم. وهنا يمكن استحضار مقولة رئيس حركة النهضة، الشيخ راشد الغنوشي، الذي أدلى بتصريح له في صحيفة الحياة اللندنية بأن السلطة " عامل تهرئة، وهناك فرق بين من يبشر بالمثل ومن يمارسها، هناك فرق بين من يطلب منه إلقاء خطاب فيه تنكيت وبين من هو مطلوب منه أن يوفر الشغل للناس وأن يوفر الغذاء والأمن والدواء".
الجماعة انسحبت من المجال الاجتماعي والدعوي منذ سنوات قبيل الثورة لصالح العمل السياسي، وبالتالي قللت الجماعة من رصيدها الحقيقي الذي كانت تعتمد عليه كرافعة للعمل السياسي، ثم كان الاستخدام السلبي للخطاب الدعوي عامل مؤثر أكبر لانفضاض قطاعات شعبية عديدة عن مدرسة الإخوان الدعوية لتحيزها السياسي، ثم عدم قدرة الإخوان عن طرح أي تجديد حقيقي وجاد في خطابها الذي تسطَّح من ناحية، ومن ناحيى أخرى غلبت عليه "النزعة السلفية" الذي زادته بعداً عن الشارع المصري.
يتحدث الأستاذ صلاح الدين الجورشي في سياق شبيه خاص بنقد حركة النهضة التونسية أن :"المشاركة في السلطة أضفت على خطاب حركة النهضة الكثير من النسبية، وجعلها أكثر واقعية، إلى درجة أن خصوصيتها الدينية كادت أن تختف نهائيا، ولم يعد يميزها عن بقية الأحزاب الأخرى إلا بعض الشعارات وعدد من المسائل المحدودة. وهو ما دفع بالتيارات السلفية إلى اتهامها بكونها قد تخلت عن " المشروع الإسلامي " مقابل ترضية خصومها السياسيين وكذلك الجهات الغربية. ولهذا وجدت النهضة نفسها تتجاذبها تيارات مختلفة، فالبعض يذكرها بهويتها الدينية التي كانت في البداية مبرر وجودها، وفي المقابل تيار آخر يدفع بها نحو الاستجابة لمقومات اللعبة الاقليمية والدولية، وذلك بالتمسك بخطاب سياسي معتدل وواقعي".
هذا الأمر ذاته انسحب على الجماعة الإخوانية في مصر، وزاد الأمر سوءاً أن الإخوان في مصر لم يكن لديهم نفس الأطروحات التي قدمها مفكر ومُنظر إسلامي بوزن راشد الغنوشي ولا حتى قيادة على مستوى قيادته هو ومجموعته، وبالتالي كان سقوط الإخوان في مصر سريعاً جداً، ولم يستطيعوا حتى أن يستلهموا تجربة أشقائهم في تونس سواء في إدارة الدولة، أو التواصل السياسي، أو حتى في إدارة الحوار الوطني مع الفرقاء السياسيين، أو داخلياً في النقد الذاتي لفكر الحركة وتحركها السياسي والتنظيمي على المستوى الاقتصادي والسياسي أدت إدارة الإخوان السيئة للدولة إلى فشل حقيقي في تنزيل أي رؤية لبرامج ومشروعات ماعلى أرض الواقع- اللهم باستثناء إحداث إصلاحات جزئية- واقتصادياً بالطبع لم تنحاز الجماعة لتحقيق أي منجز يتماس مع مطالب الطبقات الفقيرة والمهمشة، بل أدت السياسات الاقتصادية والاجتماعية (وبالطبع كان جزء منه نتاج عدم تعاون جهاز الدولة مع الإخوان) إلى زيادة وتيرة الاحتقان ضد الإخوان ومن ثم كان التحرك الكبير الذي حدث في 30 يونيو بغض النظر عن تحليل دوافع التحرك ومحركيه.
أخيراً، يصعب التكهن بمصير الجماعة المستقبلي في الشارع المصري، هل تقوم لها قيامة مرة أخرى، أم قامت قيامتها يوم 3 يوليو 2013.
اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.