مرة كنت في "تايبيه" عاصمة تايوان ... في رحلة عمل ... دعتني الشركة التي كنت أزورها إلي غذاء في أحد المطاعم الشهيرة جداً هناك ... المطعم علي ما أتذكر كان عبارة عن مبني من عشرة طوابق ... كل طابق مطعم مستقل عن الطابق الذي قبله و الذي بعده ... داخل المطعم ... كانت هناك مائدة كبيرة جداً عليها كل أنواع الأحياء البحرية التي يتم إصطيادها من البحر هناك ... و كل زبون يختار النوع الذي يفضله و يشير إلي الجرسون ليتم إعداده له ... أقسم بالله وقفت أمام تلك المائدة و انا أشاهد مخلوقات بحرية لم تقع عيني عليها من قبل ... و لا حتي في صور الكتب ... فإذا إنتقلت إلي إحدي الموائد الموزعة في كل أنحاء المطعم بالعشرات ... تجد في وسط كل مائدة "عين" مثل عيون البوتاجاز و عليها حلة كبيرة ... و ما إن جلسنا حول المائدة حتي جاء الجرسون و وضع "الشوربة" في الحلة و أوقد البوتاجاز تحتها لتسخن ... حينئذٍ لا تتصور السعادة التي علت وجوه الأصدقاء أهل تايوان أصحاب الدعوة ... و ما فهمته أن هذه الشوربة هي فاتح الشهية الأشهر علي مائدة الطعام التايوانية هناك ... و لهذا فرحوا بها و رحبوا ... أما عندما وضع الجرسون نصيبي من الشوربة ... قد فوجئت من لونها و شكلها و رائحتها ... أنها كمثل و بلا أدني مبالغة مية الغسيل الوسخة إللي في غسالة بيتنا ... و الله ... لو هتسألني شربت الشوربة و لا أكلت من الأحياء البحرية إللي كانت هناك ... هأقول لك ... لو كنت شربتها ما كانش زماني قاعد بأكتب لك دلوقتي ... صحيح ... صدق من قال "عمار يا مصر" ... هو صحيح مصر أم الدنيا ... بس بجد عمرها ما تكون أم الحتة إللي هناك دي أبداً ... المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية