أصبح التسول سمة الشهر الكريم .. شهر الكرم والجود مع الفقراء والمساكين والمستحقين للمساعدة .. شهر رمضان الذي يخرج فيه المسلمون زكاة فطرهم دون أن يجبرهم أحد على ذلك ويسعون للفقير ويبحثون عنه ويذهبون إليه حتى مكان إقامته هذا الشهر الكريم الذي ينفق فيه المسلمون بكرم على الفقراء طمعا في المغفرة والرحمة من رب العباد.. تحول فجأة إلى شهر التسول وليس المقصود هنا التسول في الشوارع فقط بل هو التسول الإعلامي والإعلاني الذي يحاصرنا طوال الشهر الكريم .. الجمعيات الخيرية تطارد المسلمين طوال الشهر بإعلانات عن الفقراء الذين ترعاهم هذه الجمعية أو تلك والذين كان الموت المحقق مصيرهم لولا وقوف هذه الجمعية إلى جوارهم ومساعدتهم بالصدقات والمشروعات . وتخرج علينا الإعلانات عن مستشفى السرطان .. ومستشفى الكبد .. ومستشفى أمراض القلب ..مع عرض مأساوي لأطفال مرضى على وشك الموت بسبب مرضهم تطارد المشاهدين للتبرع بزكاتهم وصدقاتهم لهذا المستشفى أو ذاك حرصا منهم على حياة أطفالنا وحياة الفقراء الذين لايجدون المال اللازم للعلاج . الهدف في حد ذاته هدف نبيل يحض على التكافل لمواجهة أمراض خطيرة ويجب على الجميع أن يتكاتف لتحقيق هذا الهدف النبيل .. أما أن يتحول المشروع إلى تجارة لجذب المزيد من التبرعات لتدخل الملايين إلى حساب المشروع من مصريين وعرب ومسلمين ومسيحيين أيضا ولا يعلم أحد أين تذهب هذه الأموال ولا كيف تنفق .. وهذا الكلام ليس فيه اتهام لأحد أو تشويه لأحد ولكن التجربة علمتنا أن نتحرى الدقة في كل ما نقول وأيضا في كل ما يقال لنا .. فهناك مشروعات مثل هذه التي يتم الإعلان عن التبرع لها منذ سنوات طوال وهى تطاردنا بنفس الإعلانات ونفس الأطفال للحصول على تبرعات ولم تنته هذه المشروعات حتى الآن رغم السنوات الطوال التي مرت على بدء هذه المشروعات ورغم الملايين التي تم جمعها على مدار تلك السنوات . أما الجمعيات الأهلية والخيرية التي تطاردنا هي الأخرى بإعلاناتها ليل نهار فأعتقد ان التجربة أيضا علمتنا ألا نثق في مثل هذه الجمعيات التي تميل لفصائل خارجة عن المجتمع بل وتمولها بالمال الذي تحصل عليه من تبرعات مصر كلها من أقصاها إلى أقصاها .. ثم يكتشف الجميع أن هناك جمعيات تلعب في السياسة وتلعب بالمصريين أيضا وتبيع لنا الوهم بمجرد عبارة تكتبها في إعلاناتها أنها لا تنتمي لأي فصيل سياسي .. وبمناسبة الجمعيات أعتقد أن هناك العديد من هذه الجمعيات الأهلية تم إيقافها بعد ثبوت توجهها السياسي وتورطها في أعمال بعيدة عن نشاطها الإنساني أو أهدافها المعلنة .. والمطلوب بعد كل هذا أن يستمر الشعب المصري في تمويل مثل هذه الجمعيات والمشروعات التى تتسول من المصريين زكاتهم وتستغل فرصة شهر رمضان والحالة الوجدانية للمصريين لتبتزهم ابتزازا رخيصا لامعنى له إلا أنه لعب على وتر الدين لدى المصريين أما حالة التسول التي جعلونا نعيش فيها للأبد في إعلانات مستفزة ومسيئة لمصر ولحكومة مصر وشعب مصر فهي أمر مرفوض قطعا .. فالمصريون ليسوا في حاجة لإعلانات تدعوهم لفعل الخيرات أو دفع زكاتهم وهم كما قلنا يبحثون عن الفقير ليذهبوا إليه في بيته دون أن يكلف نفسه هو عناء طلب المعونة او الزكاة .. فمن هم في حاجة للمال فعلا لايريقون ماء الوجه في طلب المساعدة رغم أنهم في أشد الحاجة لكل قرش .. ولكن هؤلاء هم الذين قال الله عنهم في كتابه الكريم " يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" وقال عنهم لايسألون الناس إلحافا " .. وما نراه الآن على شاشات الفضائبات هو التسول والإلحاف بعينه إن ما يحدث هو تسول علني تمارسه الجمعيات والمستشفيات وترعاه الفضائيات بهدف الحصول على الملايين مقابل هذه الإعلانات التي تسئ لمصر والمصريين أكثر من المبالغ التي يتم جمعها وكان الأولى بهذه الجمعيات أن توفر ملايين الجنيهات التي دفعتها في حملات إعلانية لتدفعها للفقراء والمحتاجين فعلا بدلا من إهدارها على من لايحتاجها وبالمناسبة .. أرجو من الحكومة أن تعلن عن الجمعيات التي تم وقف أنشطتها بعد ثبوت تورطها في تمويل عمليات إرهابية ومازالت تمارس نشاطها في خداع المصريين والحصول على اموالهم لتقدمها لمن يقتل أبناءهم .. ورمضان كريم