قررت اثيوبيا تمويل سد " النهضة " بالجهود الذاتية ، و قالت وكالة رويترز للانباء ان اديس ابابا قد لجأت لاجراءات مالية قصرية بان ارغمت البنوك التي تقدم القروض للقطاع الخاص على تخصيص ما يعادل نسبته 27 في المئة من اجمالي قروضها للحكومة بعائد منخفض فيما يمثل ضريبة على الاقراض الخاص ولكن قرار التمويل الذاتى لمشروع مثل هذا السد الضخم في حد ذاته يحمل أيضا مخاطر خنق استثمارات القطاع الخاص وتقييد النمو الاقتصادي، والتي يمكن أن تهدد حلم إثيوبيا لتصبح دولة متوسطة الدخل بحلول عام 2025. ويقول فيكاهمد نيجاش، وهو مدير في وزارة المياه والطاقة الاثيوبية "لم نكن نريد لهذا السد ان يعاني من الضغوط الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بعناصر التمويل". و يشير تقرير وكالة رويتر الى ان ربع اجمالى انشاءات السد قد اكتملت الآن ، وتقول اثيوبيا انها ستبدأ انتاج 750 ميجاوات من الكهرباء بحلول نهاية هذا العام ، ففى وادي جوبا، بالقرب من الحدود السودانية يواصل المهندسين وضع الخرسانة المضغوطة لتشييد جسد السد الذى سيرتفع الى 145 مترا والذي ستقوم توربيناته بتوليد نحو 6.000 ميجاوات من الكهرباء ليكون أكبر من أي مشروع للطاقة الكهرومائية أخر في أفريقيا و الذى سيخلق بحيرة امام السد تبلغ مساحتها نحو 246 كم (153 ميل).. وحتى الآن، وقد دفعت إثيوبيا 27 مليار بير birr (1.5 مليار دولار) من إجمالي التكلفة المتوقعة لتشييد السد بنحو 77 مليار بير ، هو جزء من برنامج ضخم للإنفاق العام على الطاقة والطرق والسكك الحديدية في واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في افريقيا. حيث ارتفع الناتج القم الاجمالى لاثيوبيا محققا معدلات نمو عالية من رقمين على مدار عشر سنوات، مما جذب المستثمرين من السويد الى الصين. ولكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن الضغط على القطاع الخاص لدفع ثمن البنية التحتية العامة قد يضر آفاق المستقبل خاصة و ان معدل النمو الحالى يُظهر بالفعل علامات على التباطؤ. وترد اديس اباب على هذا بان هذا الثمن يستحق أن يُدفع لضمان عدم وجود اى قدرة لمصر على الاعتراض على السد، و ان محور المشروع هو الاستفادة من تسارع النمو الاقتصادي في شرق أفريقيا عن طريق تصدير فائض الكهرباء لجميع أنحاء المنطقة. اثيوبيا تعيد صياغة دبلوماسية جديدة بشان النيل ان تحول إثيوبيا من كارثة اقتصادية بالكاد قادرة على إطعام شعبها ، لتكون زعامة إقليمية ناشئة قادرة على اقامة المشاريع الضخمة بالتمويل الذاتي انه لامر جيد ، فهل سيكون هذا وسيلة لاعادة صياغة الدبلوماسية بشان نهر النيل، أهم مورد مائى فى شمال شرق أفريقيا؟. لقد اعلنت مصر قلقها الشديد ازاء مشروع السد الذى سيحد من تدفق نصيبها المائى من نهر النيل الذي تعتمد عليه لمياه الشرب والري منذ آلاف السنين. . وطالبت القاهرة بوقف البناء لانهاء المفاوضات العالقة بين البلدين لكن الاقتراح رفض ، بل ايضا عرضت أن تتشارك مع اديس بابا الملكية المشتركة للمشروع، لكن الاقتراح رفض ايضا . و نجاح اثيوبيا فى اع8ادة صياغة الدبلوماسية النيلية يرتبط كثيرا بمدى نجاحها فى توفير تكلفة بناء سدها ، فلا تزال كلفة السد كبيرة و يحتاج لأكثر من 4 مليارات دولار تقريبا 12 في المئة من الناتج السنوي لإثيوبيا، وهو ثمنا باهظا يلزم دفعه بدون مساعدة خارجية. مخاطر و قدرة اثيوبيا على تمويل السد ذاتيا لقد لجأت اثيوبيا الى تدابير مثل إجبار البنوك التي تقرض القطاع الخاص على تخصيص ما يعادل 27 في المئة من قروضها للحكومة مقابل عائد منخفض فيما يعد بشكل عملى بمثابة ضريبة على الإقراض الخاص. ويقول صندوق النقد الدولي انه جنبا إلى جنب مع المشاريع ألاخرى، يستنزف السد كثيرا من موجودات التمويل داخل الاقتصاد الاثيوبى ، و يحد من قدرة المستثمرين بالقطاع الخاص الائتمانية والقدرة على الوصول للعملات الأجنبية و هو ما يمثل خطرا يضر النمو الاقتصادى بالبلاد . توقعات صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضى تشير الى ان نمو الناتج الاجمالى سيتباطأ إلى 7.5 في المئة في السنة المالية الحالية بدلا من 8.5 في المئة كما كان في السنة المالية 2012 – 2011 ، وقال تقرير البنك انه قد اصبح هناك حاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الاثيوبى لتشجيع استثمارات القطاع الخاص الذى تزاحمه الآن المشروعات العامة الضخمة. وإثيوبيا تحتاج الى معدل نمو عالي للوفاء بخطط رفع سكانها من الفقر المدقع ، حيث مازال نصيب الفرد من الدخل يبلغ نحو 410 دولار فقط وفقا لاحصائيات عام 2012، الغريب ان الحكومة الاثيوبية تشكك بالرأي القائل بأن الإنفاق العام الضخم يضر بالأداء الاقتصادي العام ، وتتوقع معدل نمو أعلى مما توقعه صندوق النقد الدولي. "ساليني إمبريجيلو" وهى أكبر شركة بناء في ايطاليا، ، التي تقوم ببناء السد، تقول انها تلقت جميع المدفوعات في الوقت المحدد حتى الآن، وأنه لا يوجد لديها مخاوف بشأن قدرة أديس أبابا فى الاستمرار في توفيرالمليارات المطلوبة. . وقالت الشركة في رسالة بالبريد الالكتروني الى رويترز "لدينا ثقة كاملة في حكومة إثيوبيا" . طموح اثيوبيا كقوة اقليمية فاعلة وسد " النهضة "هو مجرد بداية لطموح إثيوبيا لتصبح مركزا وقوة إقليمية افؤيقية، ومن شأن خطة الحكومة التي اطلعت عليها رويترز ، ان هدف ثاني أمة أكثر اكتظاظا بالسكان في افريقيا امتلاك قدرة تبلغ 37.000 ميجاوات في غضون 25 سنة – و هو رقم أكثر بكثير من تقدير البنك الدولي لكامل الانتاج الكهربائى الحالي لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى باستثناء جنوب أفريقيا و هو 28.000 ميجاوات - . ويتم حاليا بناء المزيد من السدود ويسعى رئيس الوزراء هيلي مريم ديسليجان لتأمين سريع لصفقات بيع للكهرباء خارج البلاد ، حيث توضح خريطة بوزارة الكهرباء و الطاقة الاثيوبية مخطط توزيع و تصدير الكهرباء ليبدامن نقطة على نهر النيل فى اثيوبيا ، ليشمل خطوط تشغيل تنطلق شمالا عبر السودان وعبر الصحراء الكبرى لتصل للمغرب بينما تمتد جنوبا إلى جنوب أفريقيا، وربط كينيا ورواندا وتنزانيا والاقتصادات النامية والمتعطشة للطاقة فى افريقيا شرقا و غربا . و بالفعل وقعت كل من جيبوتي وكينيا والسودان لاستيراد نحو 180 ميجاوات، وتقول اديس ابابا انه على الرغم من صغر هذه الكمية حتى الآن، الا انها ستغير بالفعل اقتصاديات الكهرباء في المنطقة ، فقبل أن تبدأ الحصول على الطاقة من إثيوبيا ، فان سعر الكيلو وات ساعة فى جيبوتي يبلغ 30 سنتا أمريكيا ، بينما تبيع لهم اثيوبيا الان الكيلووات ساعة بما يساوى نحو 6 سنتات". وقد وقعت كينيا اتفاقا لشراء نحو 400 ميجاوات. ورواندا وقعت أيضا اتفاقا في مارس للحصول ايضا على 400 ميجاوات بحلول عام 2018، ومن المتوقع ترتيب مماثل مع تنزانيا. وخارج أفريقيا، من المتوقع توريد أكثر من 900 ميجاوات إلى اليمن عبر كابل تحت البحر و جارى التفاوض بهذا الشان الان