وعد الدكتور شاكرعبد الحميد وزير الثقافة بإعطاء دور أكبر للمؤسسات الثقافية المستقلة للمشاركة في تنظيم الفعاليات والمهرجانات التي كانت الوزارة تتولى تنظيمها، إضافة إلى العمل علي تحويل أكاديمية الفنون إلى جامعة مستقلة تتبع المجلس الأعلى للجامعات. كما اقترح أن تنضم لها كافة الكليات المتخصصة في الفنون الأدائية بالجامعات المختلفة. جاء ذلك خلال مشاركته بمؤتمر مستقبل الثقافة في مصر الذي نظمته ساقية الصاوي اليوم الخميس 23 فبراير، في إطار احتفالاتها بعيدها التاسع. وقد شارك به الوزير السابق د. عماد أبو غازي، والمفكر الكبير جلال أمين، إضافة إلى نشطاء العمل الثقافي المستقل بسمة الحسيني مديرة مؤسسة المورد، والفنان معتز نصر الدين مدير مركز درب 1718 بمصر القديمة، وياسر جراب مدير البرامج في مؤسسة التاون هاوس، و د. هبة شريف رئيسة مؤسسة بروهلفستيا السويسرية في مصر، إضافة الى مدير المركز الثقافي الالماني جونتر هينكمان وأدار الحوار خلاله المهندس محمد الصاوي مؤسس الساقية ومقرر لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب. الوزير وعد أيضا بدراسة تغيير دورالوزارة من الإنتاج إلي التمويل في بعض الأنشطة، لكنه تحفظ على رفع يد الدولة في مجال النشر مؤكدا أنه دور هام يجب أن تقوم به الدولة لتوفير الكتاب بسعر مناسب، كما رفض دعوات تراجع دور الوزارة وإفساح المجال للمؤسسات المستقلة في مجال الإنتاج الثقافي مؤكدا أن رؤيته تقوم على الحفاظ على دور الدولة في المجال الثقافي مع تدعيم المؤسسات المستقلة وإتاحة فرص أكبر أمامها للمشاركة في الإنتاج الثقافي. وعد الدكتور شاكر عبد الحميد كذلك، بالعمل على مراجعة القوانين التي تحكم عمل جمعيات العمل المدني الثقافية استجابة لمطالبة الناشطة بسمة الحسيني بضرورة مراجعة أوضاع الجمعيات الثقافية التي لا تجد منفذا شرعيا للإشهار، إلا من خلال جمعيات تابعة للشئون الاجتماعية أو مؤسسات تجارية في استمرار لسياسة التضييق التي مورست ضد جمعيات المجتمع المدني الثقافية والتي واجهها النظام السابق بالتجاهل ثم بالتضييق ومؤخرا صارت مهددة في ظل هجمة اتهام التمويل الأجنبي. وكانت بسمة الحسيني قد طالبت أيضا بتحقيق العدالة بين دور النشر الخاصة ومؤسسات النشر الحكومية، كما طالبت بإعادة هيكلة وزارة الثقافة وتخلصها من تضخم العمالة بإعادة توزيعهم بشكل عادل، مع تحويل دور الوزارة إلى التنسيق بين العاملين في القطاع الثقافي ومؤسسات الدولة الأخرى، والدفاع عن قضايا المبدعين والمثقفين، مقترحة اختزال مؤسسات الوزارة في خمسة مجالس؛ المجلس الوطني للثقافة ودوره منسق للسياسة الثقافية وممول لها، المجلس الوطني للآثار يتولى اختصاصات الوزارة الحالية، هيئة التراث الوطني وتضم هيئة الكتاب وكافة المتاحف المتخصصة في حفظ وعاية التراث الحضاري المصري، أكاديمية الفنون وترى تحويلها إلى جامعة مستقلة والاهتمام بتطويرها باعتبارها المنتج الرئيسي لمحترفي العمل الإبداعي، أما هيئة الثقافة الجماهيرية وتمثل العمود الفقري للثقافة بانتشارها في كافة المحافظات فترى تحويل مقراتها في المحافظات إلى مجالس ذات استقلالية وفي ذات الوقت تحقق استراتيجية عملها الأهداف التنموية لخطة الدولة بمراعاة الكثافة السكانية في الاقاليم المختلفة وأولوية خطط التنمية لتساهم الثقافة بدورها في البناء، والتركيز علي مفهوم رفع يد الدولة من الانشغال بالعمل الثقافي، الذي ترى الحسيني أنه حقق نتائج عظيمة خاصة في الحفاظ علي استقلالية المثقفين وحرية التعبير في تجارب لم تنجح فقط في أوربا وأمريكا وإنما ايضا في بلاد كالهند وجنوب أفريقيا، وهو ما أكد عليه أيضا مديرمركز جوته جونتر هينكمان في معرض استعراض تجربة العمل الثقافي في ألمانيا كنموذج مغاير لنا وحول علاقة المؤسسات المستقلة بالدولة أوضح أنهم؛ اختاروا رفع يد السياسة عن الثقافة واعتماد سياسة اللامركزية، فيما أكد علي أهمية مؤسسات المجتمع المدني في بناء الحياة الثقافية، كما أشار إلى عدة اجتهادات في دراسة السياسات الثقافية والتي اعتبرها علما ضروريا لصياغة رؤية علمية لمستقبل الثقافة. فيما رفض د جلال امين هذه الدعوات، مؤكدا على ان دور الدولة اساسي في الثقافة ولا يقل اهمية عن دورها في الاقتصاد، مؤكدا ان مجتمعنا ليس اوروبا او امريكا، مشيرا الى الحاجة الي الجمع بين الاقتصاد الحر ودور الدولة وهو ما ينطبق ايضا على الثقافة، مضيفا ان هناك كنوزا من الترجمات والمؤلفات الهامة التي اصدرتها لجنة الترجمة والنشر في الخمسينات تستحق الالتفات لها واحياءها ومشيرا الى تراجع معرفة المصريين بالمنتج الثقافي العربي والعالمي برغم اننا نعيش عصر العولمة، مؤكدا اننا صرنا اقل انفتاحا على العالم مما كنا في القرن الماضي مضيفا ان قضية الحفاظ علي اللغة العربية قضية جوهرية مرتبطة بقضية الحفاظ على الهوية الثقافية، مؤكدا على ضرورة احترام اللغة القومية، حيث يرى ان العربية تعرضت لغزو من اللغة العامية واللغات الاجنبية. وهو ما خالفه فيه د عماد ابو غازي الذي اشار الى ان اللغة الجديرة بالرعاية و الحماية هي العامية المصرية التي يراها تمثل التعبير الحقيقي عن الشخصية المصرية، كما اضاف انه طرح خلال توليه الوزارة عدة محاور اعتبرها اساسا للسياسة الثقافية في المرحلة الانتقالية تقوم على ضرورة مقرطة الثقافة بتحويل مؤسسات العمل الثقافي الي مؤسسات ديمقراطية، وتكامل مؤسسات وزارة الثقافة مع مؤسسات التربية والتعليم والشباب وغيرها، والتفاعل بين العمل الثقافي بقطاعاته المختلفة الحكومي والاهلي والقطاع الخاص ودعم الدولة للقطاع الاهلي، وتحقيق اللامركزية في الخدمات الثقافية التي تقدمها الهيئة العامة لقصور الثقافة وتعظيم الاهتمام بالثقافات ذات الخصوصية كسيناء والنوبة وتعظيم الدور الاقليمي لمصر من خلال تدعيم الرسائل الثقافية المصرية للخارج. فيما اشار الناشط ياسر جراب الى ضرورة البدء فورا في مشاريع ثقافية يرتبط بها المواطن وتقدم له الخدمة الثقافية التي يحتاجها بالتوازي مع العمل علي صياغة سياسات ثقافية جديدة، ركزت د. هبة شريف على اهمية تطهير وزارة الثقافة من خلال تفعيل الاجهزة الرقابية وتقييم الاداء ايا كانت الصيغة التي اختارها المسؤولون لتقديم المنتج الثقافي كما اكدت على ضرورة الاهتمام بالتراث الذي يجذب الجمهور للمنتج الثقافي. اما الفنان معتز نصر الدين فعبر عن هواجس المبدعين من تنامي رؤية سياسية ومجتمعية مناهضة للفنون وهو ما رد عليد المهندس الصاوي بالتأكيد على ضرورة الحوار للوصول الي التوافق المجتمعي واحترام اختيارات الناس دون فرض سلطة عليهم ايمانا بأن الاصل في الاديان انها لا تقيد الانسان وانما تطرح مشروع حياة وفي معرض رده على تحفظات د عماد ابو غازي عن استمرار وتوارث القوانين المقيدة للحريات منذ عهد الاحتلال طلب الصاوي تقديم مشروع عن هذه القوانين تعهد بعرضه ومناقشته في مجلس الشعب.