أطلقت أعيرة نارية في شبه جزيرة القرم لتحذير فريق مراقين دوليين وعلى طائرة دورية أوكرانية مع تزايد نذر المواجهة بين القوات الروسية التي تسيطر على القرم والقوات الأوكرانية المحاصرة. وكان استيلاء روسيا على شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود غير دموي إلى الآن لكن قواتها ازدادت عدوانية تجاه القوات الأوكرانية المحاصرة في القواعد والتي لم تبد أي مقاومة. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن قبل أسبوع أن روسيا لديها الحق في غزو أوكرانيا لحماية المواطنين الروس وصوت البرلمان الروسي على تغيير القانون لتسهيل ضم الإقليم إلى روسيا ومنح مواطنيها الذين يتحدثون الروسية جوازات سفر روسية. وزادت حدة التوتر على نحو ملحوظ في اليومين الاخيرين منذ أن أعلنت القيادة الموالية لموسكو في القرم أن الإقليم الآن جزء من روسيا وأنها ستجري استفتاء في 16 مارس آذار الجاري لتأكيد ذلك. ودفعت أسوأ مواجهة مع موسكو منذ الحرب الباردة الغرب إلى التحرك للرد. وقال مسؤول أمريكي إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أبلغ نظيره الروسي سيرجي لافروف خلال اتصال هاتفي هو الرابع على التوالي إن أي خطوات روسية لضم منطقة القرم "ستغلق الباب أمام الدبلوماسية". وتحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما هاتفيا مع زعماء بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ومع رؤساء دول البلطيق السوفيتية السابقة الثلاث التي انضمت إلى حلف شمال الأطلسي. وأكد لرؤساء دول البلطيق التي يعيش بها مواطنون منحدرون من أصل روسي أن الحلف سيتدخل لحماية هذه الدول إذا تطلب الأمر. وقالت متحدثة باسم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أحدا لم يصب عندما أطلقت أعيرة لمنع أكثر من 40 مراقبا -وجهت لهم دعوة من كييف لكنهم لم يحصلوا على تصريح من سلطات القرم الموالية لروسيا- من عبور المضيق إلى شبه جزيرة القرم. وجرى منع المراقبين مرتين من قبل لكن هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها أعيرة نارية. وقالت قوات حرس الحدود الأوكرانية إن طائرة دورية تابعة لها تعرضت لإطلاق النار اليوم أثناء تحليقها على ارتفاع نحو ألف متر قرب الحدود الإدارية مع القرم. وقال مجلس الأمن الأوكراني في كييف إن قراصنة انترنت استهدفوا شبكة المجلس بهجوم يستهدف شل أجهزة الكمبيوتر بالمجلس لحرمانه من الخدمة. وتأثرت وكالات الأنباء الوطنية بالهجوم الإلكتروني. واستخدمت روسيا أسلوبا مماثلا أثناء حربها في جورجيا في عام 2008 . وأمرت سلطات القرم الموالية لموسكو جميع الكتائب العسكرية الأوكرانية الباقية في الإقليم بتسليم أسلحتها والاستسلام لكن القوات في بعض المواقع رفضت الاستسلام. وتنفي موسكو أن تكون القوات التي تتحدث الروسية في القرم تحت إمرتها وهو ما ترفضه واشنطن وتصفه بأنه من "خيال بوتين". ولا تضع هذه القوات أي شارات وطنية لكن افرادها يقودون مركبات تحمل لوحات أرقام عسكرية روسية. وقال فريق صحفي من رويترز في القرم إن قافلة تضم مئات من الجنود الروس في نحو 50 شاحنة عسكرية دخلت قاعدة قرب سيمفروبول عاصمة الاقليم يوم السبت. ولا تزال المواجهة العسكرية غير دامية لكن قوات من الجانبين تتحدث عن توتر متزايد. وقال جندي روسي يحمل بندقية آلية ثقيلة ويغطي وجهه في قاعدة بحرية أوكرانية في نوفوزيرنوي "الوضع تغير. التوترات أكبر بكثير الآن. عليكم أن ترحلوا. لا يمكنكم التصوير هنا." ويراقب نحو 100 روسي مسلح الأوكرانيين في القاعدة البحرية وقال فاديم فيليبنكو نائب القائد الأوكراني في القاعدة "الأمور صعبة والأجواء ازدادت سوءا. الروس يهددوننا عندما نذهب لإحضار الإمدادات الغذائية ويشهرون بنادقهم نحونا." وقال مصدر في وزارة الدفاع الأوكرانية إنها تقوم بتعبئة عتادها لإجراء مناورة مقررة سلفا. وذكرت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء أن الجيش الأوكراني الذي يبلغ قوامه 130 ألف جندي لا يقوى على مواجهة الجيش الروسي. وتمتنع كييف إلى الآن عن أي تحرك قد يؤدي إل استفزاز. ودخل جنود روس يستقلون شاحنة ليلة الجمعة موقعا للدفاع الصاروخي في مدينة سيفاستوبول حيث مقر أسطول البحر الأسود الروسي ومقر البحرية الأوكرانية وسيطروا عليه. وقال فريق مراسلي رويترز في الموقع إن أحدا لم يصب في الهجوم. وقال حرس الحدود الأوكراني إن القوات الروسية سيطرت على موقع لحرس الحدود في شرق القرم الليلة الماضية وطردوا الضباط من الموقع وأرغموهم على الخروج من بيوتهم في منتصف الليل مع عائلاتهم. وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي يوم السبت إن بولندا أخلت قنصليتها في سيفاستوبول "بسبب استمرار الازعاج من جانب القوات الروسية." وأعلنت الولاياتالمتحدة فرض عقوبات ضد أفراد تحملهم مسؤولية الإضرار بالسلامة الإقليمية لأوكرانيا لكنها لم تنشر بعد قائمة بأسماء من تشملهم العقوبات. ويدرس الاتحاد الأوروبي كذلك فرض عقوبات رغم أن ذلك قد يكون أكثر صعوبة لكتلة تضم 28 دولة يتعين عليها اتخاذ قرارات بالاجماع وتعتمد على الغاز الروسي. وقالت موسكو إن السفير الأوكراني لدى روسيا عقد يوم السبت اجتماعا مع نائب وزير الخارجية الروسية لكن لم يكشف عن تفاصيل. وقال سيرجي أكسيونوف رئيس وزراء شبه جزيرة القرم الموالي لروسيا إن قرار إجراء استفتاء على انضمام المنطقة إلى روسيا - والمقرر أن يجرى بعد أسبوع - اتخذ بسرعة "لتجنب الاستفزازات". وقال للتلفزيون الروسي "هناك كثير من المتهورين الذين يحاولون خلق وضع غير مستقر في جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي ولأن حياة وسلامة مواطنينا هي أغلى شيء لدينا قررنا إجراء الاستفتاء بعد فترة قصيرة وفي أسرع وقت ممكن." ولم يحصل حزب الوحدة وهو حزب سياسي انفصالي ومؤيد لروسيا بشكل واضح والذي يتزعمه أكسيونوف سوى على أربعة بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في القرم وأعلن نفسه زعيما للإقليم قبل عشرة أيام بعد أن سيطر مسلحون روس على مبنى البرلمان. ويقول نواب المعارضة في برلمان القرم إن غالبية المشرعين منعوا من دخول المبنى المحاصر أثناء تصويت تم خلاله تنصيب أكسيونوف وتصويت بعد أسبوع أعلن القرم كجزء من روسيا وجرى تزوير النتائج. وأجرى التصويتان خلف أبواب مغلقة. وتوجد أغلبية ضئيلة من المواطنين الذين ينحدرون من أصول روسية في إقليم القرم لكن ليس واضحا إلى حد كبير ما إذا كانت غالبية السكان تريد أن تخضع لحكم موسكو. وصوت السكان لصالح الاستقلال مع بقية اوكرانيا عندما سئلوا عن موقفهم في عام 1991. وترفض الدول الغربية الاستفتاء القادم وتصفه بأنه غير قانوني ومن المرجح تزوير نتائجه. ويشعر كثيرون في الإقليم بعداء شديد لكييف ومنذ أن تولي أكسيونوف السلطة سيطر مؤيدو الوحدة مع موسكو على الشوارع. ومع هذا لا يزال كثيرون يتحدثون بهدوء عن انزعاجهم من سيطرة روسيا على الإقليم. ومن بين مليوني شخص هم سكان الاقليم هناك 250 ألفا من التتار السكان الأصليين الذين يعارضون بشدة الانضمام لروسيا. وتعرض الصحفيون للهجوم على أيدي حشود معادية. وقالت وكالة أسوشيتد برس إن مسلحين صادروا معدات تلفزيون من أحد طواقمها. وتبث قناة تلفزيونية في الإقليم يسيطر عليها أكسيونوف روايات غير دقيقة عن "فاشيين" يسيطرون على الشوارع في كييف وعن خطط لحظر اللغة الروسية. وجرى وقف بث التلفزيون الأوكراني في الإقليم.