طرحت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية تساؤلا عن الأسباب التي جعلت روسيا تختار المغامرة باستثمارات تقدر بتريليون دولار مع الغرب، ولماذا لم تعد تخشى أوروبا. وأشارت المجلة - في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني - إلى استياء القادة الأوروبيين من عدم قدرتهم على استيعاب أن الروس أصبحوا لا يحترمون الاوروبيين بنفس الطريقة التي استخدموها بعد الحرب الباردة، وأن روسيا تعتقد أن الغرب لم يعد الحليف الصليبي .. لافتة إلى أن روسيا تعتقد أن الغرب الآن يهتم فقط بالأموال. وذكرت المجلة أن اتباع بوتين يدركون ذلك جيدا وأن الروس قامو باستثمارات عديدة في أوروبا خلال السنوات الماضية، من خلال شراء القصور والشقق الفاخرة من لندن وفرنسا، وأن أطفالهم آمنون في المدارس البريطانية والسويسرية، ويخفون أموالهم بعيدا في البنوك النمساوية والملاذات الضريبية البريطانية. وتابعت أن دائرة بوتين الداخلية لم تعد تخشى المؤسسة الأوروبية، وأنهم رأوا بأعينهم كيف يتحول الارستقراطيون الغربيون وأباطرة الشركات عندما يتعلق الأمر بالمليارات..مشيرة إلى أنهم ينظرون الآن إلى نفس النخب الأوروبية التي ساعدتهم في إخفاء ثرواتهم كمنافقين. ولفتت الصحيفة إلى ظهور القوة الروسية، عندما أصدرت السفارات الأوروبية بيانات تندد بالفساد في الشركات التابعة للدولة الروسية، ولكن الروس لم يبدوا اهتماما كبيرا بذلك لأنهم يعلمون جيدا أن المصرفيين الأوروبيين ورجال الأعمال والمحامين هم من يقومون بالعمل القذر لهم بوضع العائدات المتأتية من الفساد في مخابئ جزر الأنتيل الهولندية وجزر فيرجن البريطانية. وأشارت إلى أن الحديث ليس عن أموال وفيرة بل أكثر مما نتخيل، وأن البنك المركزي الروسي قدر أن ثلثي ال56 مليار دولار التي خرجت من روسيا في عام 2012 ترجع إلى أنشطة غير قانونية وجرائم مثل الرشاوي وأموال مخدرات وتهرب ضريبي، وأن ذلك هو المال الذي يتداوله المصرفيون الإنجليز خارج السجادة الحمراء في لندن. وتابعت أن ما يمكن تفسيره وراء الفساد الروسي هو أن روسيا ترى الضعف الامريكي، وأن الكرملين يعتقد أن الدول الاوروبية باستثناء ألمانيا تابعة للولايات المتحدة، وأنه يراهم كعملاء لواشنطن، ولفتت إلى المزايدات بين أسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال في سعيها لتصبح الحليف المفضل لروسيا داخل الإتحاد الأوروبي، وأن الكرملين يعتقد بأن النفوذ الأمريكي في أوروبا بدأ في التحلل. وذكرت المجلة أنه بالعودة إلى روسيا، يخشى الكرملين الدخول في مغامرة أجنبية قد تؤدي الى حرب باردة من خلال فرض عقوبات اقتصادية وفرض حظر على تصدير صناعات روسيا النفطية إلى المناطق الرئيسية، كي تضعف قدرتها على الوصول إلى القطاعات المصرفية الغربية. وأشارت المجلة الى أن مناورة بوتين الأوكرانية كانت بمثابة صدمة لمؤسسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وأن الخارجية الأمريكية تفضل الحديث عن الصين، أو المشاركة في محادثات السلام الاسرائيلية - الفلسطينية، وأن روسيا ترى أمريكا ضعيفة في كل من أفغانستان وسوريا وايران، وأن الولاياتالمتحدة بحاجة ماسة إلى الدعم الروسي لمواصلة شحن امداداتها، واستضافة أي مؤتمر للسلام أو فرض عقوبات. واشارت إلى أن النخب الروسية أظهرت نفسها بطريقة عملاقة من خلال الناحية النظرية، في تحذير للاتحاد الأوروبي من الاندفاع المفاجئ لتحقيقات غسيل الأموال وحظر التأشيرات، التي من شأنها أن تحرمهم من ثرواتهم . ونوهت المجلة إلى أن هذه الأسباب جعلت بوتين واثقا من أن النخب الأوروبية أكثر قلقا بشأن كسب المال من الوقوف أمامه وأن الأدلة كثيرة، بعد أن وصلت القوة الضاربة لروسيا إلى ضواحي تبليسي، عاصمة جورجيا ، في عام 2008 ، كانت هناك تصريحات وتهديد، ولكن ليس بتهديد يستهدف المليارات الروسية. واختتمت المجلة بالقول ان الكرملين يعتقد أنه يعرف السر القذر في أوروبا الآن، وأنه يدرك تماما نقطة ضعف المؤسسة الأوروبية، لذلك لم يعد يخشى من عقوبات أو تعليق عضوية روسيا في مجموعة الثماني التي كانت قد انضمت اليها موسكو عقب تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق.