رئيس مجلس الشيوخ في ضيافة نادي قضاة مصر (صور)    تراجع المؤشر الرئيسي للاقتصاد الأمريكي بأقل من التوقعات    شعبة الخضروات والفاكهة: الحلقات الوسيطة سبب ارتفاع الأسعار    حماس ترحب ببيان دولي يدعو لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات لغزة    وزير الطاقة الإسرائيلي: سنتنازل عن التطبيع مع السعودية لأن الأولوية هي فرض سيادتنا على الضفة الغربية    ريشة: موريس إضافة قوية ليد الزمالك    أشرف صبحي: انتخابات جديدة للأندية بعد تعديلات قانون الرياضة.. وال3 دورات مقترح الأولمبية الدولية    12 لاعبًا في قائمة منتخب مصر للناشئين استعدادًا لبطولة العالم للكرة الطائرة    ضبط صانعة محتوى أساءت لمسئولين حكوميين في فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة المشاهدات    البودكاست في قلب المشهد الثقافي.. ندوة بمكتبة الإسكندرية ترصد تحولات المحتوى الرقمي    رقصة القرن في الجزويت    طارق الشناوي ينتقد عقوبات نقيب الممثلين على البلوجرز: سعاد حسني كسرت الدنيا وهي لا تقرأ وتكتب    طريقة عمل صوص الشوكولاتة في البيت باحترافية    أشرف صبحي: قانون الرياضة يحتاج للتعديل.. وتوجد بدائل للاعتراضات المتوقعة.. فيديو    نفس صيغة نيكو باز.. سكاي: كومو يتفق مع ريال مدريد على ضم رامون    أمين عام الناتو يدعو أوروبا لشراء أسلحة أمريكية لأوكرانيا    الحكم على متهم في إعادة محاكمته ب«خلية الوراق الإرهابية» 15 نوفمبر    رئيس هيئة الدواء المصرية يوقّع مذكرة تفاهم مع وكالة تنظيم الأدوية السنغالية    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    سياسي فلسطيني: لا نعوّل إلا على مصر.. وتجويع غزة جريمة تفوق الوصف    حكاية سلوى محمد على مع المفتقة فى كواليس مسلسل فات الميعاد    كما كشف في الجول - الفرنسي فرانك موريس مدربا ليد الزمالك    أنشطة صيفية للأمهات لتعزيز مهارات الأطفال خلال الإجازة الصيفية    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    وزير الخارجية: مصر مستعدة لتطوير تعاونها مع مفوضية الإيكواس في تدريب قوة لمكافحة الإرهاب    بسبب القبلات.. منع راغب علامة من الغناء في مصر    مي سليم تنشر صورة مع تامر حسني وتوجه له رسالة.. ماذا قالت؟    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    قرار عاجل من محكمة الاستئناف في قضية طفل البحيرة    حريق داخل مخزن قطع غيار سيارات بالمرج    عاد مبكرًا فوجد زوجته وشقيقه في غرفة نومه.. قصة خيانة هزت العمرانية    افتتاح كنيسة جديدة ورسامة شمامسة في بوخوم بألمانيا    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    تغطية مصرف عزبة أبو الجدايل بكفر الشيخ تمهيدًا لرصف الطريق    أمجد الشوا: العالم بات يتعامل بلامبالاة خطيرة مع ما يحدث في غزة    تقارير.. تكشف موقف تشيلسي من التعاقد مع جارناتشو    سعر الدولار اليوم الإثنين 21-7-2025 أمام الجنيه المصرى فى ختام التعاملات    رئيس الوزراء يستعرض موقف توافر الأسمدة الزراعية ومنظومة حوكمة تداولها    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    المعارضة ليس لها مكان…انتخابات مجلس شيوخ السيسي "متفصلة بالمقاس" لعصابة العسكر    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    قيادي بحزب مستقبل وطن: محاولات الإخوان لضرب الاستحقاق الانتخابي مصيرها الفشل    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    «مدبولي» يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    شواطئ مرسى علم تحتفل مع السائح البلجيكي بيوم بلاده الوطني    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    زعيم المعارضة الإسرائيلية: يجب الاحتكام إلى الانتخابات لإنقاذنا من حكومة نتنياهو    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    محمد الشناوي يعلق على رحيل عدد من لاعبي الأهلي.. ويوجه رسالة إلى الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمل يتجدد فى روسيا
نشر في أموال الغد يوم 12 - 03 - 2012

إذا رجانى حارس الجنة تعالى نمشى معا فى أعالى الفردوس .......... سأقول له.. لا تعطنى الجنة اعطنى الوطن الذى أحب ..........من قصيدة للشاعر الروسى سيرجى يسنين 1914 بهذه الأبيات ودموع منهمرة حيا فلاديمير بوتين جماهير المؤيدين والمهنئين، بينما راح خصومه، سواء كانوا فى واشنطن أم فى تل أبيب أم فى موسكو وسان بطرسبرج، يعيدون تقدير احتمالات تطور علاقاتهم بروسيا فى المستقبل. أدركوا جميعا مغزى عودة بوتين إلى منصب الرئاسة ومغزى التغيير الذى حدث فى روسيا. روسيا فى عام 2012 تختلف عن روسيا فى عام 2000 عندما كانت فى حضيض دفعها إليه الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، الرجل الذى قضى معظم أيام وليالى رئاسته لا يفعل شيئا تقريبا سوى أن يشرب الفودكا.
أذكر أننا فى ذلك الوقت ركزنا جهودنا للتعرف على الرجل قصير القامة صاحب الملامح الناعمة فى جسم مفتول العضلات الذى ظهر فجأة فى دهاليز الكرملين قادما من سان بطرسبرج، عاصمة روسيا الثانية، ومن مكتب كان تابعا لجهاز المخابرات السوفييتية الشهير KGB. كان فلاديمير بوتين بالنسبة لنا لغزا. بحثنا فى خلفياته عندما كان يعمل فى برلين، وحاولنا معرفة دائرة معارفه فى السلطة، سواء فى العصر السوفييتى أو فى عهد بريسترويكا، العهد الذى أطلق عقاله جورباتشوف آخر قياصرة الامبراطورية السوفييتية.
قليلون فى الطبقة السياسية الحاكمة فى الغرب يحبون فلاديمير بوتين. وأعتقد أن وراء ضعف شعبيته فى الغرب عاملين أساسيين، أولهما، أنه منذ أيامه الأولى فى السلطة لم يخف نيته وقف التدخل الغربى فى شئون روسيا الداخلية. وقتها كان الغرب حريصا على أن يقود بمستشاريه الاقتصاديين وعلماء السياسة فيه عملية انتقال روسيا من الشيوعية إلى الليبرالية ونظام حرية السوق. وبالفعل استشرى الفساد بشكل رهيب وبسرعة خرافية أثناء تنفيذ حملة مخططة بذكاء ضد القطاع العام، وبخاصة قطاع المواد الخام، مما أدى إلى سقوط قيمته السوقية وبيعه بأثمان تافهة لمغامرين، صاروا بعد ذلك أباطرة مال وتجارة وأقاموا الاحتكارات واستعدوا للاستيلاء على السلطة. عاد جانب من اهتمامنا بالتطورات فى روسيا أن تطورات مشابهة كانت تحدث فى مصر. وجاءت حملة الرئيس بوتين وقتها ضد التدخل الغربى وأباطرة المال والجريمة المنظمة لتثير كراهية الغرب له ولتزيد اهتمامنا بالموضوع.
تصادف من ناحية أخرى أن عددا غير قليل من المغامرين الذين احتموا بالغرب واشتروا القطاع العام بأسعار زهيدة واستولوا بالرشوة على مصالح اقتصادية كبيرة فى روسيا، كان من اليهود. هنا أيضا كانت حملة بوتين ضد الفساد وقيامه باستخدام القوانين لوقف أنشطة بعض المغامرين واعتقال البعض الآخر سببا فى استدعاء كراهية إسرائيل والجاليات اليهودية فى الغرب، وبخاصة فى فرنسا والولايات المتحدة. ولعله أحد الأسباب التى تجعل الكونجرس الأمريكى مصرا حتى الآن على استمرار العمل بقانون الحظر الاقتصادى المطبق على روسيا منذ أيام الحرب الباردة.
أتصور فى الوقت نفسه، أن بعض القادة فى الغرب، ورغم مرور ثلاثة عقود على انهيار الشيوعية وانفراط الاتحاد السوفييتى مازالوا يخضعون لهواجس الخوف من نهوض روسيا. يعتقدون أن روسيا حاولت النهوض مرات عديدة وفى كل مرة دفعت أوروبا ثمن هذا النهوض، إما بتوسع روسيا فيها أو بتهديد مصالح الغرب فى الشرق الأوسط.
استطاع بوتين خلال ولايته الأولى أن يحقق استقرارا سياسيا واقتصاديا معقولا ساعده فى تحقيقه ارتفاع أسعار النفط، وربما كان الارتفاع الحالى الذى وصل إلى 120 دولارا للبرميل سببا أدعى لأن يواصل بوتين برامجه الإصلاحية ويستكمل مسيرة الانتقال من دولة مهددة بالفشل فى أواخر العهد السوفييتى إلى دولة تطمح لأن تستعيد دورها كقوة عظمى فى وقت قصير نسبيا.
●●●
كتب بوتين مقالا مطولا لمجلة أسبوعية «موسكو فيكى نوفوستى» نشرته قبل إجراء الانتخابات تحدث فيه عن سياسته الخارجية. لخص ديمترى سوسكوف العضو فى مجلس الشئون الخارجية والدفاع بموسكو المقال وعلق عليه بكلمات قليلة، قال إن المقال يعنى أن بوتين استعد بسياسة خارجية مناهضة لأمريكا. لم يخف بوتين اعتقاده بأن أمريكا مسئولة عن كل شرور العالم، حتى الإرهاب جعلها مسئولة عنه. يضيف سوسكوف ناقلا عن بوتين قوله إن الغرب يتدخل حاليا فى دول الربيع العربى بشكل تسبب فى إراقة دماء غزيرة وحقق للتشدد والتطرف الانتصار. قال أيضا إن الغرب يريد دائما حل المشكلات العالمية بالتدخل العسكرى، وفى كل مرة تدخل فيها دفع بالشركات الاستثمارية الروسية للخروج من هذه الدول ليحل محلها، ويعتقد بوتين أن التدخل فى منطقة الخليج عسكريا، لأى سبب كان، سيكون له وقع الكارثة.
تغيرت روسيا اجتماعيا، كما تغيرت اقتصاديا. ويعتقد باحثون غربيون أن النفط لعب الدور الأعظم فى دعم عملية الانتقال إلى اقتصاد السوق، فقد استخدم بوتين زيادة السعر ليحمى فقراء روسيا وعجائزه من بعض شرور التحول إلى الاقتصاد الرأسمالى. جاء بوتين إلى الحكم أول مرة عندما كان سعر البرميل 19.80 دولار وكان يحلم بأن يرتفع إلى 25 دولارا ليستكمل مهمته ويحقق الاستقرار الاجتماعى المطلوب. يعود بوتين الآن وسعر النفط نحو 120 دولارا، ويحلم بأن يصل إلى 150 أو 200 دولار خلال السنوات القادمة لينتقل بروسيا إلى النهضة التى يسعى لتحقيقها.
ارتفعت الدخول الحقيقية بنسبة 142٪ فى الفترة من 1999 إلى 2009، الأمر الذى دفع بعض علماء السياسة فى روسيا إلى اعتبار هذه الزيادة بمثابة عقد اجتماعى جديد بين الشعب الروسى ونظام بوتين ميدفيديف. ولا يخفى آخرون خشيتهم من أن يكون هذا الارتفاع فى أسعار النفط السبب فى تأخر رسوخ الديمقراطية فى روسيا، لأن بوتين يستخدم فائض السعر فى شراء رضا الشعب.
خرج آخرون يحاولون الربط بين زيادة متوسط الدخل فى روسيا خلال العقد الأخير والزيادة فى مظاهر الاحتجاج السياسى. بخاصة المظاهرات الأخيرة التى وصل عدد المشاركين فى واحدة منها إلى 200.000 متظاهر. يقول هؤلاء إنه كلما زاد متوسط الدخل فى مجتمع زاد معدل الاحتجاجات السياسية والاضطرابات النقابية.
المؤكد فى كل الأحوال هو أن أحوال الطبقة الوسطى ازدهرت فى روسيا فى فترة قصيرة نسبيا، وأنها بفضل هذا الازدهار تحول أفرادها من مجرد مستهلكين إلى مواطنين. يظهر هذا التحول واضحا فى الاهتمام الشديد بين المواطنين الروس بوسائط الاتصال الاجتماعية ك«الفيس بوك» وفى وقت بلغ عدد مستخدمى الانترنت نحو 52.9 مليون شخص. هذه الزيادة فى الوعى السياسى هى المحرك للاحتجاجات والمظاهرات، وإن كان بوتين يعتقد أن أمريكا أنفقت أموالا وفيرة واستخدمت وسائل عديدة لإثارة اضطرابات سياسية، وقد اتهم صراحة منظمات المجتمع المدنى بخاصة الغربية بالتدخل فى شئون روسيا.
●●●
قد يكون بوتين على حق، فالغرب تدخل فى روسيا ويتدخل فى دول كثيرة منها مصر وغيرها من الدول العربية. إلا أننى أعتقد أن الشعوب الواعية لا تحتج وتتظاهر مدفوعة فقط بتدخل خارجى. قطاعات الشعب التى خرجت تتظاهر ضد بوتين غير راضية ولا مرتاحة لفكرة أن شخصا ما قرر أن يحكم لمدة عشرين عاما. الناس فى كل مكان، وفى هذا العصر المختلف نوعا وسرعة عن أى عصر آخر، تريد التغيير، أو تريد على الأقل الشعور بالقدرة على التغيير. أما أن يأتى زعيم مهما كانت كفاءته وقدراته ويفرض نفسه على مستقبل البلاد فهذا لا شك يثير قلقهم وخوفهم وكذلك غضبهم.
الرأى نفسه يقال عن نظام سياسى أو انتخابى يقرر سلفا أنه سواء جرت انتخابات أو لم تجر، فالرئيس القادم معروف سلفا. هذا الشعور، حتى وإن كان شخص الرئيس غير مختلف عليه، يحمل فى طياته بذور مهانة واعتداء على كرامة الناخبين، والشعب بصفة عامة. الشعوب تريد أن تستمتع بالحق فى أن تشارك فى عملية التغيير، تأتى بمن تشاء ولمدة تختارها، ولا أحد يفرض عليها رئيسا بالتوافق أو بالتراضى أو بالتحالف أو بغيره. الشعوب كافة، وبخاصة فى عصر الثورات، تكره أن يستهان بذكائها وحكمتها وقدرتها على اختيار حكامها. الخطأ فى هذه الحالة يتحمله المواطن الذى يحلم بالتغيير ويترك آخرين يحققون له الحلم. المواطن الذى اكتفى بأن يحلم قد يصحو ذات يوم فلا يجد وطنا كان الظن أنه تركه ذات ليلة فى أيدٍ أمينة.
●●●
نشرت الصحف الروسية الصادرة فى صباح يوم من أيام عام 1924 خبرا فى سطرين وفى صفحة داخلية. يفيد الخبر بأن سيرجى يسينين yesinin الشاعر المعروف صاحب القصيدة التى نظمها فى عام 1914 معتذرا عن الجنة ومفضلا عليها الوطن، انتحر شنقا فى غرفته بأحد فنادق مدينة لينينجراد. خسر الجنة وحطم قلبه الوطن.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.